قالت الناشطة اليمنية والحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان إن ثورة الحادي عشر من فبراير جسدت كل نضالات اليمنيين ومثلت الاعتبار للشخصية اليمنية، كما صححت انحرافات النظام المنحرف عن أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر.
وخاطبت كرمان شباب الثورة في كلمة لها بمناسبة الذكرى التاسعة لثورة فبراير قائلة "لا تصغوا لمن يبثون اليأس في نفوسكم، لا تصدقوا المتخاذلين، ولا الساسة الفاشلين الذين أصابهم الوهن وكبت بهم عزماتهم".
وأضافت كرمان "التحديات عظيمة لكنكم أعظم، الآلام كبيرة لكنكم الأكبر والأصلب عودا، الثورات غلابة والثوار منتصرون، هذا مايقوله التاريخ وتؤكده سنن الثورات".
وتابعت كرمان "ثورة فبراير الشبابية الشعبية السلمية خطت خطىً واثقة لتهيئة الميدان السياسي، بحيث يكون عادلا يتساوى فيه الجميع، ملقية بنظام صالح الفاسد والفاشل والمستبد إلى مزبلة التاريخ، والشعوب تظل أكبر من أن تكون مطية لشخص أو عائلة أو قبيلة أو مذهب ديني أو حزب سياسي".
وبينت كرمان بأن خصوم ثورة فبراير في الداخل والخارج الذين لم تعجبهم فكرة أن تكون اليمن دولة اتحادية ديمقراطية، ولم يرتاحوا لإنهاء سيناريو التوريث، والذين رفضوا مبدأ أن يتشارك جميع اليمنيين في السلطة والثروة، قرروا أن ينقلبوا على كل شيء، وينشروا الفوضى والحرب في كل مكان، وكان الهدفُ الإطاحةَ بكل مكتسبات ثورة فبراير، واستعادة السيطرة والهيمنة على السلطة والنفوذ والمال.
وأكدت كرمان بأن الذين يحاولون إلصاق هذه الموبقات والكبائر بثورة فبراير لا يملكون الشجاعة للاعتراف بفداحة ما ارتكبوه من حماقة بإصرارهم على الذهاب وراء رجل تملكته شهوة الانتقام، من الذين شاركوا في فبراير أو الذين لم يشاركوا، وبدلا من إبداء الندم على مشاركتهم في هذه المسيرة التي تنضح بالحقد والكراهية، بدؤوا في كيل الاتهامات لثورة كانت ضرورة ولا تزال، فالمجرمون والمفسدون الكبار لا يرحلون تحت وطأة تأنيب الضمير.
وأشارت كرمان إلى أنه بات واضحا أن التحالف السعودي الإماراتي يعمل من أجل تشتيت القوى داخل اليمن إلى جماعات متناحرة منزوعة الإرادة وخاضعة لسلطته، وبات من الواضح أن المكونات السياسية والحكومة والرئيس لم تعد تملك أي قرار، فقد أصبحت تحت سيطرة التحالف.
وذكرت كرمان بأن التكوينات الحزبية، كما عرفت قبل ثورة فبراير، كانت مثالا للفشل والهزيمة والارتهان، وكانت عبارة عن نخب فاشلة ومرتهنة ومصابة بعجز أعاقها عن الفعل والمبادرة والاستجابة لطموحات شعبنا وأولوياته.
ولفتت في خطابها إلى أن رواد التغيير اليوم هم شباب ثورة الحادي عشر من فبراير الحالم والمتحرر من العقد والعجز والارتهان، وهم من يمثلون روح اليمن وعليهم تقع اليوم مسؤولية النضال من أجل القضية اليمنية وإنقاذ اليمن من الإمامة الحوثية والاحتلال السعودي الإماراتي ومواصلة الكفاح من أجل يمن مالك لقراره سيد على أرضه.
كما قالت كرمان إنه إذا كان هناك ولا بد من مصالحة وطنية شاملة فلن تكون خارج عنوان الشرعية واستعادة الدولة وتحت عنوان الجمهورية والوحدة واستقلال القرار الوطني.
وشددت كرمان على أن اليمن يتسع للجميع، وليأت كل من كانوا جزءا من نظام صالح صاغرين ومقرين بدولة للجميع، وسيجدون أن اليمن ملاذُهم ومأواهم، أما عودتهم كنظام فهو المستحيل بعينه.
وزادت كرمان "لقد اعتقد ممولو الثورات المضادة في السعودية والإمارات وإيران أنهم بتخريب ثورات الربيع العربي وإشاعة الفوضى ودعم الميلشيات والإرهاب والانقلابات العسكرية والشخصيات المنبوذة سوف يقضون على فكرة الثورة ضد الاستبداد، وسوف تتحول الشعوب العربية إلى شعوب مستسلمة كما في الماضي، لكن هذا الاعتقادَ أثبت أنه غير حقيقي.
وأضافت "ففي الوقت الذي يشعلون الحرائق في ليبيا ومصر وسوريا واليمن، اندلعت الموجة الثانية من الربيع العربي في الجزائر والسودان ولبنان والعراق، وبصرف النظر عن مآلات كل حالة من تلك الحالات، ومن المؤكد أن فكرة الربيع العربي أثبتت قدرتها على تجاوز أي مخاوف يحاول تكريسها أصحاب نظرية القبول بالاستبداد والفساد مقابل الأمن، وهذا يعني أن ثورات الربيع العربي لم تتوقف عند الموجة الأولى، بل عادت في موجة ثانية، وستعود في موجات متلاحقة حتى يتم بناء أنظمة تعمل على خدمة الناس كما هو الحال في البلاد المتقدمة، وليس أنظمةً تتحكم في مصائر الناس وحريتهم وتعبث بكرامتهم.
وقالت إن "الحل في اليمن والوصول إلى سلام مستدام لن يتحقق دون رحيلِ الاحتلال السعودي الإماراتي من اليمن، وتسليمِ الحوثيين بسلطة الدولة الشرعية وثوابتها، والدخولِ في حوار جاد للعودة إلى استكمال العملية الانتقالية وفق المرجعيات الثلاث".
كما أفادت بأن محاولة تقسيم اليمن حلمٌ سعودي إماراتي ستسقطه نضالات الشعب اليمني وأن ذلك التقسيم الذي عملت من أجله الرياض وأبوظبي فشل قبل أن يتحقق.