[ سيناريوهات قاتمة لمشاورات السويد ]
مع بدء الاستعدادات لمشاورات السويد بين أطراف الأزمة اليمنية، والتي تعززت بما أسمي إجراءات بناء الثقة، تفاءل كثيرون بأن تتمكن الأمم المتحدة من تقريب وجهات النظر بين أطراف الصراع في اليمن حتى تحقيق الحل السياسي للأزمة اليمنية.
لكن هذا التفاؤل لم يدم طويلا بعد أن تبادلت أطراف الصراع الاتهامات بالتصعيد العسكري قبل بدء المشاورات، واتهام كل طرف للطرف الآخر بعدم الجدية في المشاورات والحل السياسي للأزمة، كون ذلك يعد مؤشرا أوليا على فشل المشاورات إذا استمر التصعيد وتراجع أحد الأطراف عن إجراءات بناء الثقة، خاصة إطلاق سراح الأسرى من الطرفين، بعد أن وافقت السلطة الشرعية على شرط الحوثيين لحضور المشاورات بنقل 50 جريحا من مقاتليهم للعلاج في سلطنة عمان.
- تصعيد أم ضغط؟
كانت البداية من جماعة الحوثيين التي اتهمت التحالف العربي بالتصعيد في عدة جبهات من خلال استئناف هجمات الطائرات على مواقع الجماعة، أعقب ذلك اتهامات من قبل السلطة الشرعية للحوثيين بالتصعيد في بعض الجبهات على رأسها جبهة نهم، وكل طرف اتهم الطرف الآخر بعدم الجدية في مشاورات السويد جراء تصعيده العسكري ضده.
وفي الحقيقة، يمكن تفهم تصعيد أطراف الأزمة اليمنية ضد بعضها رغم استعداداتها لمشاورات السويد، فهو تصعيد ليس الهدف منه مجرد التصعيد فقط، ولكن كل طرف يعتقد أنه بتصعيده العسكري سيمارس الضغط على الطرف الآخر أثناء المشاورات، ومثل هذا التصعيد تكرر قبل وأثناء جميع جولات الحوار السابقة (جنيف 1، جنيف 2، الكويت، جنيف 3 التي فشلت قبل أن تبدأ).
غير أنه لا يمكن أن يكون لمثل هكذا تصعيد محدود أي تأثير على المشاورات إن تمت ولم تشبها أي عراقيل في البداية، مع العلم بأن نوايا التحالف العربي من تصعيده ضد الحوثيين هي الحفاظ على مكاسب التصعيد الأخير في جبهة الحديدة، والتلويح بعصا القوة في وجه الحوثيين حتى لا يتعمدوا إفشال المشاورات، بينما هدف الحوثيين من التصعيد التأكيد على أنه ما زال لديهم قوة، وإن موافقتهم على حضور مشاورات السويد لا تعني بأنهم أصبحوا منهارين عسكريا أو أن معركة الحديدة الأخيرة نجحت في تركيعهم.
- سيناريوهات قاتمة
وفي كل الأحوال، يمكن القول بأن كل السيناريوهات المتوقعة بخصوص مشاورات جنيف اليمنية قاتمة جدا، وفيما يلي أهم هذه السيناريوهات:
- السيناريو الأول: الفشل المبكر، ومؤشرات هذا السيناريو تتمثل في التصعيد العسكري الذي استبق المشاورات رغم محدوديته، وربما يؤدي الخلاف على إجراءات بناء الثقة إلى فشل المشاورات مبكرا، مثل إطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين لدى الطرفين، خاصة أن جماعة الحوثيين استبقت المشاورات بحملة اختطافات كبيرة للمدنيين في الحديدة، ربما بهدف مقايضتهم بأسراها لدى السلطة الشرعية، وهم جميعهم مقاتلون تم أسرهم في الجبهات.
- السيناريو الثاني: الفشل في اللحظات الأخيرة، وهذا السيناريو سيأتي كنتيجة لبروز خلافات حول بعض الملفات المهمة في اللحظات الأخيرة، وتصلب كل طرف حول مطالبه وشروطه، وستعجز الأمم المتحدة عن اقتراح حلول وسط توافق عليها مختلف الأطراف، وبالتالي ستكون النتيجة إعلان فشل المشاورات.
- السيناريو الثالث: نجاح جزئي وتأجيل ملفات أخرى، ويعد هذا السيناريو الأضعف، إذ قد تتمكن الأطراف المختلفة، وتحت ضغوط أممية، من تحقيق تقدم في ملف الأسرى والمعتقلين، والاتفاق على قضايا أخرى هامشية، ثم ستنشب خلافات بعد مناقشة الملفات الكبرى، مثل تسليم السلاح الثقيل وانسحاب المليشيات من المدن، وبدلا من إعلان فشل المشاورات، سيتم الحفاظ على ما تحقق من نجاح جزئي وإعلان تأجيل بقية الملفات للتشاور حولها في وقت لاحق.