[ هبط الريال اليمني إلى أدنى مستوى له في تاريخه ]
توالت ردود الأفعال المختلفة جراء الانهيار الاقتصادي في البلاد، والذي يهدد قرابة 27 مليون يمني بالمجاعة.
ومنذ أيام تسارع انهيار الريال اليمني أمام العملات الأخرى، في ظل عجز حكومي عن التدخل لإيقاف استمرار تدهور الاقتصاد.
وتجاوز سعر الدولار الواحد 750 ريال يمني، بعد أن كان لا يتجاوز 215 ريالا قبل انقلاب سبتمبر/أيلول 2014.
ومنذ بدء الحرب عام 2015، توقفت صادرات البلد النفطية والغازية، ووصلت نسبة الاستيراد إلى قرابة 80% من احتياجات اليمن.
فيما اتهمت الحكومة في وقت سابق الحوثيين بتبديد أموال الدولة ونهب احتياطي البنك المركزي الذي كان خاضعا لسيطرتهم.
اضرابات وحملات
وكخطوة تصعيدية، بدأت عدد من المحال التجارية بتعز بالإضراب، احتجاجا على استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية في اليمن.
وفي أبين، شهدت المحافظة احتجاجات متفرقة للتنديد بالانهيار الاقتصادي، وتردي الأوضاع المعيشية بشكل غير مسبوق، والذي بات ينذر بمجاعة وشيكة.
وخرجت مظاهرات حاشدة، اليوم الاثنين، في مدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت تندد بالوضع الاقتصادي المتأزم الذي تشهده البلاد، مطالبين الحكومة بتحمل مسؤولياتها، وعدم الرضوخ لابتزاز التحالف العربي.
بدورها أكدت نقابات كليات جامعة عدن مضيها نحو تنفيذ الإجراءات التصعيدية، على أن يبدأ الإضراب الجزئي من يوم غدٍ الاثنين، احتجاجا على تدهور الوضع الاقتصادي.
وحمَّل بيان اللجان النقابية بجامعة عدن الحكومة مسؤولية تدهور الوضع الراهن وكل العواقب التي ستؤدي إلى توقف الدراسة من المدارس الابتدائية إلى الجامعات.
من جانبهم، أطلق نشطاء ومواطنون اليوم الاثنين، حملة إلكترونية واسعة النطاق على مواقع التواصل الاجتماعي، تطالب بثورة شعبية ضد الجميع، في إشارة إلى الأطراف السياسية المتصارعة في اليمن.
وقال سكان محليون إن هذه الحملة نفذت جراء استمرار انهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية بشكل غير مسبوق، وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، مع استمرار أزمة المشتقات النفطية وغاز الطبخ.
أسعار خيالية وانعدام الرقابة
ويشكو المواطنون في مختلف المحافظات من اختلاف كبير بالأسعار في المحال التجارية، واستمرار ارتفاعها بشكل يومي.
في هذا السياق، شدد نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية أحمد الميسري، على أهمية اضطلاع وزارة التجارة والصناعة بالقيام بأدوارها في فرض الرقابة الصارمة على المتلاعبين برفع أسعار السلع، والمواد الغذائية والاستهلاكية والتي شهدت مؤخراً زيادات سعرية مرتفعة؛ تزامناً مع انهيار العملة، وارتفاع قيمة العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني.
لكن الرقابة تكاد تكون غائبة عن مختلف المحافظات، وهو الأمر الذي تزداد معه معاناة المواطن الذي أصبح يجد صعوبة بالغة في توفير احتياجات أسرته الضرورية.
ابتزاز الشرعية
في ظل تبادل الاتهامات حول المتسبب بالأزمة الاقتصادية المتسارعة في البلاد، اتهم وزير النقل صالح الجبواني في الحكومة الشرعية -ضمنياً- الإمارات بالوقوف وراء انهيار العملة الوطنية.
وقال وزير النقل صالح الجبواني -في تغريدات على تويتر- إن "الهدف من دفع العملة للانهيار إسقاط الحكومة وابتزاز الرئيس"، معللا ذلك بالقول بأنه ردا على صمود الشرعية في معركتها بعدن مطلع العام الجاري، وأزمة سقطرى التي خاضتها ضد أبوظبي.
إزاء استمرار الانهيار الاقتصادي، شدد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي على تكثيف الجهود المبذولة من قبل الحكومة واللجنة الاقتصادية لتحقيق الاستقرار التنموي والاقتصادي بالبلاد في ظل الظروف الصعبة واتخاذ التدابير العاجلة لتجاوز واقع التحديات الراهنة.
فيما قال عضو اللجنة الاقتصادية - المشكلة من قبل رئيس الجمهورية لمعالجة أزمة تدهور الريال اليمني- أحمد غالب إن الأزمة التي تمر بها البلاد ليست اقتصادية فحسب بل اقتصادية وسياسية وأمنية.
وذكر أن أدوات السياسات المالية والنقدية معطلة تماما، ناهيك عن الفجوة الكبيرة بين الموارد والالتزامات وبين العرض والطلب من النقد الأجنبي، مؤكدا أن الحل يكون عبر التدخل المباشر العاجل من الدول.
وهناك انتقادات واسعة للحكومة بسبب عدم قيامها بالخطوات اللازمة لإنقاذ اليمنيين من شبح المجاعة التي تهددهم. في المقابل قدم مستشار محافظ حضرموت العميد محمد سعيد الجريري استقالته من منصبه، بصفته كذلك عضو الهيئة الوطنية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي.
فيما دعا القيادي الإصلاحي صلاح باتيس الرئيس هادي إلى إقالة حكومة بن دغر، وتشكيل أخرى مصغرة من ذوي الكفاءة والخبرة.
وقال باتيس في تغريدة على تويتر مخاطباً الرئيس هادي "لإنقاذ الريال والاقتصاد من الانهيار والشعب من كارثة إنسانية أقيلوا الحكومة الحالية وشكلوا حكومة إنقاذ وطني مصغرة من أبرز الكوادر اليمنية كفاءة ونزاهة وخبرة".
استكمال الانقلاب
قال السياسي اليمني ياسين سعيد نعمان سفير اليمن لدى بريطانيا إنه "بسقوط الريال تكون قلعة من قلاع الصمود الوطني قد سقطت، ويكون الانقلابيون بذلك قد استكملوا إغلاق الحلقة الشريرة التي حشروا فيها البلاد برؤيا انتقامية ممنهجة لا تخطر على بال".
وأضاف ياسين في مقال نشره عبر صفحته بالفيسبوك أن "صمود الريال كان قد شكل حائطاً يستظل به البسطاء ممن أفقرتهم الحرب وسياسة استبطان الظلم، وكان سنداً لأولئك الذين تقطعت بهم السبل بحثاً عن ملاذ للهرب من عاديات لا ترحم ".
ولفت إلى أن جماعة الحوثي تصنع الجزء الأكبر من مشكلة التدهور السريع للعملة المحلية بإصرارها على مواصلة منهج الحرب لما يوفره هذا الوضع من ظروف لمواصلة المهزلة التي يمارسونها في المضاربة بالريال بواسطة شبكة واسعة من ذوي الضمير الميت ممن يتكسبون من معاناة الناس بشراء الدولار وغيره من العملات من الأسواق بأسعار خيالية لا يحكمها أي ضابط من ضوابط السوق المعروفة، وفق تعبيره .
تحذيرات
المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث دعا إلى اتخاذ إجراءات دولية عاجلة لوقف تفاقم تدهور أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
وقال غريفيث في حوار له مع قناة "bbc" إنه "شعر بالتشجيع من الاستجابة الدولية لتحذير الأمم المتحدة من مجاعة تلوح في الأفق", مضيفا بأنها "ركزت العقول على الحاجة الملحة لمحادثات سلام".
وتشير الإحصائيات إلى أن 3.5 ملايين شخص مرشحون قريبا للحاق بثمانية ملايين آخرين يواجهون بالفعل خطر المجاعة، في بلد يحتاج أكثر من 80% من سكانه إلى مساعدات إنسانية.