[ يعاني الجرحى من الإهمال وعدم الاهتمام ]
يبقى ملف الجرحى مفتوحا كما هي عادات الجراح، قصة هذا الملف الذي لا مؤشرات جادة على إغلاقه باتت تشكل أحد كوابيس المرحلة التي ستمتد أثرها إلى المستقبل مع تطاول الإهمال والتعمد واللامبالاة من قبل الجهات المسؤولة.
في تعز، المدينة التي تنزف جراحها منذ قرابة الثلاثة الأعوام والمحاصرة من قبل مليشيا الحوثي الانقلابية بعد أن تعفنت جراح شبابها بإصابتهم وهم يدافعون عن مدينتهم.
أمنيات متواضعة يتمناها جرحى تعز، وهي أن تلتفت السلطة المحلية ومحافظ محافظة تعز إليهم باعتبارهم مقاومين من أجل استعادة الشرعية.
أصبح صوت جرحى تعز، صوت تعز الذابل وملف الجرحى، هو الملف الشائك والباكي، بنفس اللحظة بعد أن دفعت المرارات المختلفة ابتداء من نيران مليشيا الحوثي الانقلابية وألغامها الأرضية ومرورا بخذلان القريب البعيد.
وبينما يبرز ملف الجرحى في الداخل والخارج كواحد من أكثر الآلام غير الاعتيادية في محافظة يعاقبها الجميع، بينما تكتفي بمعاقبة الاستبداد وتنحاز إلى الجميع واليمن الجامع.
لا يكفي أن يتحمل جرحى الجيش الوطني والمقاومة الشعبية ألم الجراح الذي لا يزال مفتوحا في جسد كل واحد منهم، بل يضاف له ألم الوضع الذي هم فيه إلى حيث انتهى بهم الحال إلى نهب اللجنة الطبية لمستحقاتهم.
اعتصام مفتوح
وبعد أن زادت المعاناة لم يجد جرحى تعز سوى افتراش الأرض أمام مبنى محافظة تعز، والبدء في اعتصام مفتوح تنديدا كما يقولون بالتقصير والإهمال في قضيتهم في الداخل والخارج، مطالبين محافظ تعز أمين أحمد محمود بعلاجهم وإقالة رئيسة اللجنة الطبية بتعز، الدكتورة إيلان محمد عبدالحق، بعد أن أوصدت الأبواب في وجوههم حد تعبيرهم.
ويأتي الاعتصام المفتوح بعد أن شهدت مدينة تعز، اليوم الأحد، مسيرة ووقفة احتجاجية للجرحى للمطالبة بسرعة علاجهم والتنديد بالإهمال المتعمد من قبل اللجنة الطبية.
ويطالب الجرحى المحتجون المحافظ، بسرعة علاجهم وبمحاسبة اللجنة الطبية التي اتهموها بالفساد، مؤكدين أن اللجنة الطبية لم تلتزم بمسؤولياتها تجاههم والإيفاء بوعودها.
وكما يندد جرحى تعز بتجاهل محافظ محافظة تعز لأوجاعهم ومعاناتهم الكبيرة في ظل وصول العشرات من الحالات لمرحلة الخطر جراء إهمال اللجنة الطبية.
فخلال الفترة الماضية، طالب جرحى تعز في الهند، بوقف المأساة التي يعانون منها ولم يلاقوا أي استجابة من قبل رئيسة اللجنة الطبية إيلان محمد عبدالحق.
فساد ومعاناة الجرحى
ويأتي تجاهل رئيسة اللجنة الطبية بعد أن كشف موفد اللجنة الطبية إلى الهند الدكتور منصور الوازعي عن مشاكل كبيرة يعاني منها الجرحى في الهند، بتقرير مفصل تم رفعه إلى رئيسة اللجنة الطبية الدكتورة إيلان.
ومن أبرز تلك المشاكل أن الجرحى يعانون من مشاكل مع ملاك البيوت التي استأجروها نظراً لاعتماد مئة دولار فقط للسكن، وهذا المبلغ غير كاف، بالإضافة إلى أن العديد من الجرحى يشتكون من تميز في المعاملة بينهم وبين بعض الجرحى من فصائل أخرى في الجانب المالي والعلاجي.
وبحسب التقرير فإن هناك مماطلة في تسليم بعض المستحقات وتأخرها، بسبب الشكوى المقدمة من بعض الجرحى، بالإضافة إلى أن هناك شكوى مهمة تقول بأن اللجنة تتعامل معاملة سيئة ومتعبة مع كل من وقع على تغير رئيس اللجنة في الهند أو كتابة منشور على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأشار التقرير إلى أن العمل في لجنة الجرحى في الهند ينحصر على رئيس اللجنة، وغياب شبه كامل لبعض الأعضاء ولا يوجد عمل مؤسسي مهني في عمل اللجنة، بالإضافة إلى عدم وجود أي عقود مع مستشفيات أو مراكز متخصصة، وبالنسبة للكشوفات المالية معظم الملفات غير موجودة ، وعدم إعطاء الجرحى نسخة من تقاريرهم وهناك مبالغة في أسعار العمليات والتحاليل الطبية والأجهزة .
وتابع التقرير أن معاناة كبيرة للجرحى فيما يخص السكن بل وصل الأمر إلى إهانة الجرحى وقطع الكهرباء والماء عنهم وتهديدهم بالحبس، بالإضافة إلى تأخير فيز للجرحى ومرافقيهم رغم أن بعضهم يشعر اللجنة قبل انتهاء فيزته بشهر.
وأضاف التقرير أن هناك استهتارا وعدم جدية في التعامل بأمور كثيرة، منها عدم إعطاء الجريح تقاريره وفحوصاته والأشعة، بالإضافة إلى العديد من الحالات لم تقرر اللجنة الفنية بتعز سفرها إلا أنه تم تسفيرها رغم المعرفة مسبقاً بأنها ليست في قائمة الجرحى الذين تقرر سفرهم.
مناشدة ومطالب
وفي السياق ذاته، طالب جرحى تعز بالهند رئيسة اللجنة الطبية بتعز إيلان بسرعة إقالة لجنة الهند وعلى رأسها علي الجرادي وإحالتها بكافة أعضائها إلى الجهات ذات الاختصاص، للمساءلة القانونية والتحقيق كأقل ما يمكن عمله لرد الاعتبار لجراحهم وكرامتهم ودمائهم.
وقال الجرحى في بيان تلقى "الموقع بوست" نسخة منه إن لجنة الجرحى في الهند تقوم بانتهاكات جسيمة واقتطاعها للمستحقات وتقوم بسلوك انتهازي مع كل جريح حد الأمر الذي انعكس بالسلب على إصاباتهم وجراحهم، مما أدى إلى حدوث انتكاسة طبية في بعض الحالات وزيادة مضاعفاتها بالإضافة إلى أنهم يتعرضون للإهانات في المستشفيات.
وطالب الجرحى بتعيين لجنة جديدة للهند لا تشمل أي أعضاء من اللجنة الحالية، ومعالجة تفاقم معاناتهم، مؤكدين أنهم لم يستلموا مصاريف وإيجارات شهر يوليو الماضي ويعانون من أوضاع معيشية وصحية صعبة وتهديدات بإخراجهم من السكن والحبس.
وناشد الجرحى اللجنة الطبية بتعز بسرعة النظر إلى معاناتهم وأخذها بعين الاعتبار كون المسؤولية ملقاة على عاتقها باعتبارها المسؤولة المباشرة عن ملف الجرحى وفقا لقرار رئيس الوزراء الذي بموجبه تشكلت اللجنة الطبية.
جدل واسع
وأثارت قضية جرحى الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في الهند جدلاً واسعاً بعد أن صارت تمثل صورة قاتمة تظهر حجم المأساة التي يتعرض لها جرحى تعز خارج البلاد.
وفي هذا السياق قال الإعلامي محمد الحذيفي "يجب أن لا يصبح الجرحى مادة للمباراة والمبارزة بين الفرقاء السياسيين وقيادة السلطة المحلية، فلولا دماء هؤلاء الجرحى لما تربع المحافظ محمود على كرسي السلطة المحلية، ولما كانت الدكتورة إيلان على رأس اللجنة الطبية، ولما تبختر كل هؤلاء القادة بأفخر أنواع الأطقم والسيارات الفارهة، ولكانوا يحملون المباخر على أبواب المليشيا النازية".
وأضاف الحذيفي "يجب الاهتمام بالجرحى من الجميع كواجب أخلاقي ووطني وأن لا يزيدوهم جراحا إلى جراحاتهم، وأي شخص متهم بالفساد يجب أن يحال للتحقيق حتى ينجح المسؤولون على هذا الملف".
ومن جانبه كتب الناشط الإعلامي محمد مهيوب على صفحته بموقع فيسبوك قائلاً إن الجرحى المعتصمين أمام بوابة المحافظة قدموا ثلاث مذكرات إلى محافظ تعز، قبل أن يعتصموا ولكن لم يصلهم أي رد، إلا أنه أرسل أحد الوكلاء لكن الجرحى رفضوا ذلك فهم يريدون المحافظ ليشكو ما يتعرضون له من إهمال ومعاناة وخذلان".
وأضاف مهيوب "كلف نفسك يا محافظ واتحرك من فوق الكرسي واخرج إلى الجرحى، اترك الكرسي الذي لولاهم لما وصلت إليه ولا جلست عليه، اخرج إليهم واسمع لهم أو لمجموعة منهم يختارونهم، لا تتهاون بقضية هؤلاء فوالله إن أوجاعهم ستحرق الجميع".
وتابع مهيوب "تابع واقرأ التقرير عن لجنة الهند لتعرف أن هناك فسادا كبيرا، اطلب اللجنة الطبية في تعز واسألها لما كل هذا الفساد، واسألها كذلك عن تقرير الوازعي الذي وضح كل ما يحدث للجرحى وكيف ظهر الفساد في الداخل والخارج ، الجرحى هم العكاكيز التي تتكئ عليهم هذه المدينة الجريحة المكلومة المخذولة، وخذلانهم ينبئ بثورة الوجع التي ستقلع الجميع".