[ تتمسك الامارات بالقتال في الحديدة رغم التحذيرات الانسانية ]
أحدثت المعركة العسكرية التي أعلنتها الإمارات العربية المتحدة في ميناء الحديدة (غرب اليمن) ردود فعل واسعة في يومها الأول، بينما واصلت جماعات المساعدات الإنسانية إطلاق التحذيرات من كارثة إنسانية محتملة.
وأعلنت الإمارات عن عملية عسكرية في ميناء الحديدة، في محاولة للسيطرة على الميناء الخاضع لإدارة الحوثيين الذين يتهمهم التحالف العربي بالولاء لإيران، والحصول على الأسلحة عبر الميناء.
وتشير تقارير إلى أن 600000 شخص يعيشون في الحديدة، وفي أسوأ الحالات يمكن أن تؤدي المعركة هناك إلى مقتل ما يصل إلى 250.000 شخص ، فضلاً عن قطع المساعدات والإمدادات الأخرى لملايين الأشخاص الذين يواجهون المجاعة والمرض.
ويعتبر ميناء الحديدة من أهم الموانئ اليمنية، وتسيطر عليه جماعة الحوثي منذ العام 2014م، ومن خلاله تصل الواردات التجارية والأغذية إلى اليمن، والتي تقدر بنحو 70 في المائة، بما في ذلك المساعدات الإنسانية..
وواصلت دولة الإمارات العربية المتحدة تمسكها بخوض الحرب رغم التحذيرات المتكررة من مختلف المنظمات الحقوقية الدولية، وقال سليمان المزروعي سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في بريطانيا إن التحالف قد أطلق المرحلة الأولية للهجوم، مضيفًا أن "الجزء الأكبر سيأتي قريبًا".
وقال المزروعي للتليجراف البريطانية - ترجم الموقع بوست تصريحاته - إن التحالف العربي لديه خطط "طارئة" لتسليم المساعدات إلى اليمنيين إذا ما تم قطع أو تلف الميناء ، قائلاً إن التحالف سيعمل على نقل الإمدادات جواً.
وقال المزروعي: "إننا نصر على منع إيران من السيطرة على اليمن، ونحن نتمسك بمنع إنشاء حزب آخر في اليمن" ، في إشارة إلى الحركة اللبنانية المدعومة من إيران "حزب الله".
ووجهت 11 منظمة إغاثية رسالة مشتركة لوزير الخارجية البريطاني حذرت فيها من عواقب المعركة العسكرية التي تقودها الإمارات في ميناء الحديدة.
وقالت المنظمات في تلك الرسالة إن الهجوم إذا وقع من شأ،ه رفع الإصابات من جميع الأطراف، وخلق تأثير كارثي محتمل على السكان المدنيين الذين سيتعرضون لمخاطر التهجير والمرض وتفاقم انعدام الأمن الغذائي بما في ذلك المجاعة المحتملة.
الرسالة التي وقعتها أبرز المنظمات الدولية ومن بينها لجنة الإنقاذ الدولية بأمريكا، والمركز النرويجي للاجئين، ومنظمة الإغاثة الإسلامية، وأوكسفام قالت المنظمات أنها تتفهم المخاطر الأمنية لجيران اليمن، ولكن وقوع المعركة سيؤدي إلى تحول سريع وجذري في مسار البلاد يواجه أزمة إنسانية كارثية.
وطالبت المنظمات المملكة المتحدة باعتبارها حليفاً رئيسياً للولايات في التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية بلعب دور حيوي يؤدي لمنع الهجوم على ميناء الحديدة والعمل على التوصل إلى وقف إطلاق النار واتفاق سلام دائم، ومضاعفة الجهود على المستوى الثنائي في مجلس الأمن لدفع جميع الأطراف إلى المشاركة في عملية سلام المبعوث الخاص للأمم المتحدة، وفق ترجمة الموقع بوست.
منظمة كير هي الأخرى أعلنت أن الهجوم على الحديدة التي تعد نقطة دخول المساعدات الرئيسية في اليمن سيضاعف الرعب والموت في اليمن، وطالبت المنظمة جميع الأطراف على الامتناع عن القيام بأي أنشطة عسكرية أخرى في مدينة الحديدة والميناء وحولها.
وقال مسؤول في المنظمة بإن الناس في الحديدة استنفدت جميع الخيارات ويتضورون جوعا وليس لديهم أي وسيلة للتعامل مع أي تصعيد آخر للحرب.
وتعمل منظمة كير في محافظة الحديدة من أجل دعم الأشخاص الذين يحصلون على المياه الصالحة للشرب وزيادة الأمن الغذائي من خلال توفير الأموال للأسر الأكثر ضعفاً.
وقالت المنظمة إن كثير من المدنيين محاصرين، بينما أجبر آخرون على ترك منازلهم، ويزداد الأمر سوء.
وقالت جوليان فيلدويك ، مديرة منظمة كير في اليمن إن الهجوم على ميناء الحديدة ينطوي على خطر وفاة المزيد من الناس، ويخاطر بقطع شريان الحياة لملايين اليمنيين، كما أ، واردات الأغذية للميناء وصلت بالفعل إلى أدنى المستويات منذ بدء الصراع وارتفع سعر السلع الأساسية بمقدار الثلث، وأضافت: "إننا نشعر بقلق بالغ من أن أجزاء من السكان قد تعاني من المجاعة".
من جهتها قالت منظمة العفو الدولية إن الهجوم على ميناء الحديدة يهدد حياة المدنيين، وسيكون له تأثير مدمر لمئات الآلاف من المدنيين ليس فقط في الحديدة بل في جميع أنحاء اليمن.
ودعت المنظمة جميع أطراف النزاع إلى اتخاذ جميع الاحتياطات المستطاعة لضمان حماية السكان المدنيين، والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية دون أي عوائق، مشيرة إلى أن قطع خط الإمداد الحيوي سيزيد من تفاقم أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
وقالت المنظمة إن جميع أطراف النزاع تجاهلت خلال السنوات الثلاث الأخيرة من القتال في اليمن التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، ونفذت باستمرار الهجمات غير القانونية التي قتلت أو جرحت المدنيين، وإن تكرار مثل هذه الانتهاكات في الحديدة من شأنه أن يعرض حياة الآلاف للخطر ويجب تجنبها بأي ثمن.
وكشفت بأن الأبحاث التي أجرتها قبل العملية العسكرية الأخيرة في الحديدة - والتي ستنشر قريبا- تظهر أن التحالف الذي تقوده السعودية كان يقيد أو يؤخر بشدة الواردات التجارية إلى موانئ البحر الأحمر، على الرغم من إعلانها في نوفمبر 2017 أنها رفعت حصار.
وقالت بأنها وثَّقت كيفية قيام سلطات الأمر الواقع (جماعة الحوثي) بعرقلة حركة المساعدات الإنسانية داخل البلاد من خلال نظام تصاريحها، ونهجها المجزأ، وفي بعض الحالات الابتزاز، معتبرة تلك القيود والعقبات أدت إلى تفاقم الوضع الإنساني الرهيب بالفعل وانتهاك القانون الدولي.
أما اللجنة الدولية للصليب الأحمر فقد أكدت أن الحاجة ملحة حاليا لفتح مطار صنعاء لأغراض إنسانية وإجلاء المدنيين، محذّرة من أنّ المواد الغذائية والطبية لن تدوم طويلا، وهذا ما يطرح سؤالا عن مصير المدنيين إذا طال أمد المعركة في الحديدة.
من جهتها أعربت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) عن قلقها البالغ إزاء الأثر الذي ستخلفه الحرب في الحديدة على الأطفال.
وقالت في بيان لها إن هناك 11 مليون طفل بحاجة إلى مساعدات إنسانية، مطالبة بحمايتهم وضمان وصول المساعدات إليهم.
كما حذرت منظمة "أنقذوا الأطفال" من أن نحو 300 ألف طفل يمني عالق ومهدد بالقتل في الحديدة. وقالت المنظمة إنها تشعر بالقلق الشديد من إغلاق الميناء، وطالبت بإبقائه مفتوحا، مضيفة أن المجاعة "أصبحت وشيكة بشكل حقيقي".
وحذرت المنظمة من أن معركة الحديدة ستؤدي إلى خسارة كبيرة في أرواح المدنيين وإلحاق أضرار بالبنية التحتية الحيوية. وطالبت باتخاذ جميع الاحتياطات لحماية الأطفال وأسرهم، وتوفير ممرات آمنة، وضمان وصول المساعدات والإمدادات الطبية.
مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث دعا الأطراف المتنازعة إلى ضبط النفس والتفاوض، وقال إنه على اتصال بها لتجنب مزيد من التصعيد العسكري، أما نائب المندوب السويدي لدى الأمم المتحدة التحالف السعودي الإماراتي بتجميد أعماله العسكرية في الحديدة، والعودة إلى المفاوضات للتوصل إلى حل سلمي للنزاع في اليمن.
هذه التحركات الإنسانية ربما كان لها تأثيرا في دفع بريطانيا لدعوة مجلس الأمن الدولي لعقد جلسة مشاورات طارئة اليوم الخميس لمناقشة التطورات الجارية في اليمن، ولم تعلن المنظمة الأممية ما إذا كانت الجلسة ستعقد اليوم أم لا.
التطورات العسكرية
على المستوى العسكري أسفر اليوم الأول للمعركة عن استهداف جماعة الحوثي لبارجة إماراتية قبالة السواحل اليمنية بصاروخين، وهو ما أكده مسؤولين في في وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون).
ونقل مراسل شبكة سي إن إن عن مسؤولين في البنتاغون تأكيدهم استهداف الحوثيين البارجة الإماراتية بصاروخين واشتعال النيران فيها.
وكان الحوثيون أعلنوا إفشال إنزال بحري لقوات سعودية وإماراتية قرب ميناء الحديدة.
في غضون ذلك، أكدت وكالة الأنباء الإماراتية مقتل أربعة جنود إماراتيين في معركة الحديدة، وقال بيان القيادة العامة للقوات المسلحة الإماراتية إن الجنود "استشهدوا أثناء تأديتهم واجبهم الوطني في عملية إعادة الأمل، ضمن قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية".
إلى ذلك قال ركن العمليات العسكرية في الوية العمالقة العقيد احمد قائد الصبيحي لـ"الموقع بوست" إن قوات الجيش الوطني التابعة للواء الاول والثاني والثالث والرابع عمالقة توغلت في مديرية الدريهمي وتمكنت من السيطرة على عدد من المواقع بعد معارك عنيفة مع جماعة الحوثي.
وبحسب الصبيحي فإن قوات الجيش الوطني تمكنت من اسر اكثر من عشرة عناصر من الحوثيين.