[ بات وضع التعليم في اليمن مقلقاً للغاية ]
يوشك العام الدراسي 2018/2017 على الانتهاء بعد خمسة أشهر من بدايته في ظل ظروف صعبة وقاسية بسبب توقف مرتبات الموظفين في القطاع الحكومي بينهم المعلمون منذ قرابة العامين عقب قرار نقل البنك المركزي من العاصمة المحتلة صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن.
فيما ترفض مليشيات الحوثي دفع مرتبات الموظفين في مناطق سيطرتها ورفضها توريد الإيرادات التي تجنيها من قطاعات مختلفة وخصوصا من وزارة الاتصالات التي تجني مليارات الريالات سنويا وغيرها في الوقت الذي تحاول الحكومة الشرعية صرف المرتبات في المناق المحررة ومن ثم الخاضعة لسيطرة المليشيات.
فمنذ سيطرة المليشيات الحوثية على العاصمة صنعاء وانقلابهم على الدولة قبل ثلاثة أعوام استولت مليشيات الحوثي على المؤسسات العسكرية والأمنية والتعليمية والإعلامية وغيرها إبان سيطرتها على العاصمة صنعاء وفرض تعديلات وإجراءات جديدة اتخذتها على المنهج الدراسي.
يقول طالب في ثانوية عقبة بن نافع في محافظة ذمار إن "العام شارف على الانتهاء بدراسة جزء بسيط من المنهج الدراسي بمعدل دراسة وحدة أو وحدتين من كل مادة من أصل سبع إلى ثمان وحدات منذ بداية العام الدراسي، مؤكدا أنهم يدرسون قرابة ثلاث إلى أربع حصص دراسية، من أصل سبع دراسية لعدم وجود المعلمين".
وأضاف في تصريح خاص لـ "الموقع بوست" أن السبب في عدم استكمال المنهج الدراسي المقرر يعود لأسباب عدم حضور بعض مدرسي المواد بسبب توقف المرتبات وإعلانهم للإضراب النصفي في معظم المدارس.
وأضاف "يلجأ بعض المعلمين لخلق الحلول البديلة لتغطية العجز المالي في ظل عدم وجود المرتبات حيث يقدم على طباعة ملزمة حول المادة التي يدرس فيها ويقوم ببيعها للطلاب بفارق سعر بسيط إلى جانب قلة توفر الكتاب المدرسي، أو العمل في مدارس خاصة براتب زهيد جدا وآخرون يعملون أعمال أخرى كحاملين وبائعين وآخرون متجولون يبحثون عمن يتصدق عليهم".
فيما أكد الطلاب على أن هناك تحريض من قبل المشرفيين الحوثيين في المدارس وفرض أداء الصرخة في طابور الصبوح وجمل وخطابات تحريضية كثيرة وتحريضهم للذهاب إلى الجبهات والقتال في صفوفهم، حيث قوبل هذا الأسلوب بالرغبة من الكثير من الطلاب لعدم الانضباط بالمدارس أو غياب المعلمين وتدهور الكادر التعليمي.
أثناء حديثنا مع أحد الطلاب والذي يقول إن المشرفين الحوثيين يلقون محاضرات في الصباح وأثناء الحصص الدراسية ويحثونهم على الذهاب إلى الجبهات قائلا:"اتركوا الدراسة ودافعوا عن الوطن الذين يصنعون صواريخ وأسلحة بدلا من ذهابكم ومجيئكم بدون فائدة، وحاربوا آل سلول".
انتهاكات
على ذات الصعيد الآخر لم تكتف مليشيات الحوثي بعدم صرفها لمرتبات المعلمين والموظفين بل حاولت الضغط على المعلمين بتهدديهم بتوظيف آخرين بدلا عنهم وإقصائهم من الدرجة الوظيفية، وتعمد إلى فتح المدارس بقوة السلاح لإنهاء الإضرابات التي نفذت من قبل المعلمين الذين يطالبون بصرف رواتبهم.
في ذمار قبل فترة من الزمن قام مدير مكتب التربية بمديرية ذمار عبدالكريم الحبسي ومرافقيه بالاعتداء على المدرس شريف الصرمي والذي يعمل مدرسا في مدرسة الثورة وذلك بسبب اعتراضه على مطالبة المليشيات لهم برفع الإضراب.
وتعرض المدرس الصرمي الذي يعمل مدرسا لمادة اللغة الإنجليزية للضرب المبرح قبل اختطافه من المدرسة ونقله إلى جهة مجهولة على خلفية كلامه حيث قال: (مش كلنا جائعين ومحتاجين البعض لديه دخل آخر غير وظيفته ولا يشعر بالجوع والبعض مقرب من الحوثيين أو يعملوا معهم من المدرسيين) في إشارة إلى المليشياوي الحبسي، الذي باشر بالضرب عقب اعتراضه للاجتماع ومصادرة تلفونه واختطافه إلى أن أفوج عنه بعد ساعات، بعد توقيعه التزاما خطيا بعدم الاعتراض مرة أخرى.
مؤخرا شهدت الامتحانات ظاهرة الغش في المدن الخاضعة للحوثيين حيث يشرفون على مراكز الاختبارات وتعيين مشرفين تابعين لهم والذي يعملون على إدارتها والعبث بالعملية التعليمة، وتسريب الامتحانات ودخول الملازم وأوراق الغش إلى قاعات الامتحان عن طريق مليشيات الحوثي التي يعملون معها.
ففي إحدى الفعاليات للجماعة هاجم يحيى بدر الدين الحوثي وزير التربية في حكومة الحوثيين بصنعاء وشقيق زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي المناهج الدراسية ووصفها بـ الضالة وأنها لا تحتوي على مناقب "آل البيت".
وقال الحوثي إن "المنهج من عهد مماليك حكموا اليمن قديما وقاموا بتزييف التاريخ الإسلامي وإن المنهج خرج بأفكار تخالف الشعب اليمني مشيرا إلى أن اليمنيين لم يكونوا إلا زيودا وشوافع فقط في إشارة إلى المذهب السني الذي وصفه بالدخيل وأن من قدومه من آل سعود".
فيما اتهم الحوثي بتزييف المنهج الدراسي أثناء فترة حكم صالح وهادي، وأنه كثر الكذب على التاريخ الإسلامي وتمجيد الانتداب العثماني الذي يدرس في مادة التاريخ خلال الفترات الماضية.
ووصف الحوثي أن المنهج يحتوي على أحاديث تثير الفتنة والاقتتال وإسقاطا لموضوع بأن المولد النبوي بدعة -حسب قوله في المنهج المدرسي وتعمد على عدم التقليل من سير الإمام علي وأهل بيته.
في وقت سابق قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسف إن ما يقارب نصف مليون يمني حرموا من الدراسة منذ بداية الحرب في العام 2015م، وقالت المنظمة الدولية إن عدم صرف رواتب الكوادر التعليمية في المدارس الحكومية جعلت 4 ملايين طفل على المحك.
ولفتت المنظمة إلى أكثر من الفين و500مدرسة خارج الخدمة فيما 66% تضررت إزاء الاقتتال في البلاد وإغلاق العديد من المدارس وبعضها تستخدم لأغراض عسكرية أو مأوى للنازحين.
ويعيش التعليم المدرسي والجامعي أوضاعا صعبة منذ سيطرة الحوثيين 21سبتمبر من العام2014 وازداد منذ بداية الحرب وانقطاع الرواتب، فهل ستشهد اليمن ثورة تعليمية أم ثورة طائفية خلال الأيام القادمة؟!