[ تأزمت علاقة الشرعية مع التحالف بشكل لافت - فرانس برس ]
مع تصاعد نبرة الحديث عن أزمة تلف العلاقة بين الحكومة الشرعية اليمنية والدول الفاعلة في التحالف العربي، الذي تقوده السعودية، في الشهور الأخيرة، تحولت القضية إلى محور حديث في أوساط اجتماعات المسؤولين اليمنيين ونقاشات غير رسمية، تركز على تقييم العلاقة وعلى ضرورة وضع قواعد جديدة وملامح واضحة تحكم العلاقة، وتضع حداً للتدهور بينهما، وإبقاء العلاقة في حدود الشراكة ومنع انزلاقها إلى خانة التبعية.
ويكشف مسؤولون في الحكومة اليمنية، لـ"العربي الجديد"، عن أن الانطباع الرسمي السائد أخيراً يتلخص في كون الجانب اليمني، ممثلاً بالشرعية، وصل إلى قناعة بأنه أخطأ منذ البداية بترك الحبل على الغارب للتحالف.
وقال مسؤول، طلب عدم ذكر اسمه، "نحن الذين أخطأنا منذ البداية، وتركناهم (التحالف) يتصرفون وحدهم بلا حسيب ولا رقيب، وكنا نظن أنهم يفهمون جيداً تعقيدات المشهد اليمني، واتضح لنا غير ذلك".
وأضاف المسؤول "أصبحنا لا نعرف بالضبط ماذا يريد أشقاؤنا في التحالف، وأجزم أن كافة المسؤولين في الشرعية، من رئيس الجمهورية إلى أصغر مسؤول في الحكومة، لا يعرفون ماذا تريد الدول الفاعلة في التحالف بالضبط، ولا ما هي أجندتهم الخاصة باليمن أثناء عملية التحرير وما بعدها".
من جانبه، كشف مسؤول يمني آخر، وهو محافظ لإحدى المحافظات اليمنية، عن أن الأزمة مع التحالف، تحولت هماً بالنسبة إلى مسؤولي الشرعية، يفوق ما يتعلق بالمعركة مع الحوثيين. وأضاف "أصبحنا نخشى من مفاجآت الأشقاء أكثر من خشيتنا من الخصوم.
والآن نحن في حاجة ماسة لإعادة رسم خطوط العلاقة بين الشرعية وبينهم. هذا ليس رأيي وحدي، بل أغلب المسؤولين يراودهم هذا الشعور".
وأكد أن دعوات "صوغ العلاقة" جادة ومطروحة على طاولة الرئيس عبد ربه منصور هادي ونائبه الفريق علي محسن الأحمر "للخروج بتصور مكتمل يقدم إلى الإخوة في التحالف وتنتهي معه كل الإشكاليات القائمة".
وفي خضمّ الجدل عن العلاقة بين التحالف والشرعية، ومع اتفاق الأغلبية على وجود انحراف أو أخطاء يجب أن تعالج، تبرز، في المقابل، آراء تُلقي باللائمة على الجانب اليمني. ورأى أحد المسؤولين، الذين تحدثوا إلى "العربي الجديد"، أن "الفساد في جانب الشرعية، وعدم إحراز تقدم ميداني، عاملان أفقدا الشرعية احترام دول التحالف، فصارت هذه الدول تتصرف من دون الرجوع للحكومة للأسف". واستدرك بأن الفساد هو في حقيقة الأمر "عامل مشترك بيننا وبينهم".
وكانت مظاهر أزمة العلاقة بين الشرعية والتحالف تجلّت في عدة ملفات، عسكرية وسياسية واقتصادية وأمنية، أبرزها ملف عدن والمحافظات الجنوبية والتشكيلات الموالية لأبوظبي، ممثلة في "الحزام الأمني" في العاصمة المؤقتة عدن، وقوات "النخبة الحضرمية" و"الشبوانية"، وكلها تعمل خارج سلطات الحكومة الشرعية، الأمر الذي أكده تقرير فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن بشأن اليمن، ولاحقاً رسالة الحكومة اليمنية، التي تضمنت الرد على التقرير.
ومن مظاهر العلاقة المختلة بين الشرعية والتحالف من الناحية العسكرية، أنه لا توجد غرفة عمليات مشتركة للتخطيط العسكري، وهذا، حسب بعض المحللين، كان له دور في تكرار الضربات الخاطئة من قبل طيران التحالف، وبعضها طاول قوات موالية للحكومة.
إلى ذلك، ثمة ملف تعز والاتهامات الموجهة للتحالف بإطالة المواجهات فيها والتراخي في دعم الأطراف الموالية للشرعية، وشكاوى من إهمال التحالف في تسليح الجبهات بالشكل الكافي، وتأخر في تسليم الرواتب للجيش الوطني، فضلاً عن عدم الكفاية في علاج الجرحى وتعويض أسر الشهداء.
أما سياسياً، فيشتكي الجانب اليمني من عقد لقاءات في لندن وعواصم أخرى تخص الشأن اليمني، ويستبعد من حضورها الجانب اليمني المعني الأول بالقضية. علاوة على الحديث عن تقاربات وتفاهمات تعقدها الرياض، بين الحين والآخر، مع الطرف الانقلابي وتكون الحكومة الشرعية آخر من يعلم.
من الناحية الاقتصادية، تتجلى الأزمة في احتجاز أبوظبي أموال البنك المركزي في ميناء عدن، لأسابيع، وقبلها تكرار منع أوراق نقدية مطبوعة في روسيا من الوصول إلى عدن.
وجاءت أزمة المغتربين لتضاف إلى كل ما سبق. وتمثل إجراءات السعودية الخاصة بتوطين العديد من المهن، في حال تم المضي بها حتى النهاية، إحراجاً كبيراً للحكومة الشرعية، وإحراقاً لها في الوسط الشعبي، إذ إن عودة قطاع كبير من المغتربين إلى البلاد سيترك آثاراً كارثية على الوضع المعيشي والحالة الإنسانية المتدهورة أصلاً، خصوصاً أن عائدات المغتربين تمثل عصب الاقتصاد اليمني.
يذكر أن الأزمة بين الشرعية والتحالف، وقبل أن تبرز، خلال الأشهر الأخيرة، عبر استقالات وتصريحات وزراء، كانت قد برزت العام الماضي، عقب قرارات هادي التي أطاحت بمحافظ عدن السابق، عيدروس الزبيدي، إذ تم تشكيل لجنة ثلاثية، من اليمن والسعودية والإمارات، يمثلها من الشرعية الفريق الأحمر، إلا أن اللجنة، هي الأخرى، تجمدت تقريباً. وبات التساؤل اليوم كالتالي: إلى أي حد يمكن لهذه الدعوات أن تثمر في إعادة صوغ العلاقة بين الشرعية والتحالف؟ وما هي خيارات الحكومة في حال تم تجاهل هذه الدعوات من قبل التحالف العربي؟