[ تعرقلت العمليات العسكرية بسبب الخلافات - فرانس برس ]
مع دخول عام جديد في اليمن، في ظل استمرار الحرب منذ نحو ثلاث سنوات، لا يزال بقاء أغلب مسؤولي الحكومة الشرعية، بمن في ذلك الرئيس عبدربه منصور هادي، خارج البلاد، أحد أبرز أوجه الفشل في أداء الشرعية. وعكس الخلاف بين الشرعية والإمارات، المتحكمة بالوضع في عدن إلى حد كبير، بالإضافة إلى كونه صورة للوضع غير المستقر في المحافظات اليمنية المعتبرة "محررة"، واعتبرها التحالف بأنها "تمثل 85 في المائة من مساحة البلاد، لكنها لا تكفي لتستقر فيها قيادة الشرعية".
وبينما عاد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عبيد بن دغر، إلى عدن، منذ أيام، إلى جانب عدد من وزراء حكومته، لممارسة مهامهم من الداخل، بعد أسابيع في العاصمة السعودية الرياض، واصل الرئيس اليمني، الإقامة في الرياض، منذ زيارته عدن في مارس/آذار الماضي. وأشارت مصادر سياسية يمنية قريبة من الشرعية في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "قيود التحالف، تعيق عودة هادي إلى عدن".
وباتت خلافات الرئيس اليمني مع دولة الإمارات، المتصدرة واجهة نفوذ التحالف وسيطرته في المحافظات الجنوبية لليمن، على رأس الأسباب المانعة لعودة الشرعية فعلياً وعملها من داخل البلاد، بعد نحو من عامين ونصف العام على إعلان عدن ثاني أهم المدن اليمنية، "محررة" من مسلحي جماعة أنصار الله (الحوثيين)، وهي فترة عكست فشل التحالف بتأمين عودة الشرعية، التي بدأ عملياته العسكرية في مارس/آذار 2015، بمبرر إعادتها إلى البلاد.
وعلى الرغم من نجاح السعودية في عقد لقاء تقارب بين الإمارات وحزب التجمع اليمني للإصلاح (أكبر الأحزاب الفاعلة المؤيدة للشرعية)، إلا أن محاولة التقريب بين أبوظبي والرئيس اليمني لم تجد طريقها حتى اليوم. ووجّه الأخير ضربة لحلفاء الإمارات في جنوب البلاد، أخيراً وأطاح بثلاثة من المسؤولين في ما يُسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي المدعوم إماراتياً، وهم محافظ لحج ناصر الخبجي ومحافظ الضالع فضل الجعدي ووزير النقل مراد الحالمي. ولم يقف الأمر عند استهداف المسؤولين الثلاثة، بل امتد إلى البدائل، باختيار هادي للوزير الجديد للنقل، صالح الجبواني، والأخير، عُرف بمهاجمته للإمارات ودورها في جنوب اليمن، في رسالة واضحة عكست استمرار أزمة الشرعية - أبوظبي.
عملت الإمارات، وبحكم سيطرتها الأمنية والعسكرية، في عدن، على منع عودة الرئيس اليمني إلى بلاده، ومعه العديد من مسؤولي الشرعية في عدن، بما في ذلك من تأثير على صورة الشرعية اليمنية أمام الداخل والخارج على السواء، لكن هادي في المقابل، وعلى مدى النصف الأخير من 2017، نجح بتوجيه ضربات متتالية لحلفاء أبوظبي جنوباً، عبر إطاحته بالمحافظين ووزراء ومسؤولين آخرين، بما أثر على مستوى نفوذ القرار الإماراتي.
من جانبه، نجح بن دغر، صاحب السياسة المرنة، في محاولته إبقاء علاقة جيدة مع مختلف الأطراف، بمن فيهم الإمارات والرئيس هادي، وإفساح المجال لحكومته بموطئ قدم في عدن، إذ قضى أغلب الأشهر الماضية في المدينة، ولكنه تواجد لا يرقى إلى وصفه عودة نهائية للشرعية اليمنية إلى داخل البلاد.
الجدير بالذكر، أن أزمة عودة الشرعية لا تقتصر على هادي، بقدر ما ترتبط كذلك، بالوضع الجديد، حيث دعم التحالف ترسيخه بطريقة أو بأخرى، إذ إن "العاصمة المؤقتة" كما توصف لا ترفع في أغلب منشآتها راية البلاد وإنما راية دولة جنوب اليمن قبل توحيد البلاد عام 1990، ويواجه المسؤولون المنتمون للمحافظات الشمالية، عوائق بالتواجد أو العمل من عدن، خصوصاً في الجانب العسكري، وهو واقع أقرب إلى الانفصال، يعكس فشل مشروع "العاصمة المؤقتة" في أن تكون حاضنة لكل اليمنيين، أو لمسؤولي الشرعية على الأقل.