[ أرشيفية ]
أظهر تحليل، أجرته "رويترز"، لبيانات الحركة في الموانئ وتتبّع السفن، أن أكبر موانئ اليمن لم يستقبل أي شحنات وقود منذ شهر مع تشديد حصار تقوده السعودية على البلاد رغم المطالبات الدولية بإنهاء الحصار.
وتحولت ناقلات الوقود المحملة بالنفط عن ميناء الحديدة، أكبر منافذ البضائع، إلى شمال اليمن دون أن تفرغ حمولاتها. وقالت الهيئة التابعة للأمم المتحدة، المكلفة تفتيش السفن الساعية لدخول المنطقة، يوم الأربعاء 6 ديسمبر/كانون الأول 2017، إنه ليس بوسعها أن تحدد موعد السماح بمرور مثل هذه السفن.
ويعني نقص الوقود أن المناطق الأكثر تضرراً من جراء الحرب وسوء التغذية والكوليرا، تفتقر إلى المولدات التي تعمل بها المستشفيات ووقود الطهي ومضخات المياه.
ربع سكان البلاد، البالغ عددهم 28 مليون نسمة، يعانون الجوع
كما أنه يزيد من صعوبات نقل المواد الغذائية والمساعدات الطبية في أنحاء البلاد. وتقول الأمم المتحدة إن نحو ربع سكان البلاد، البالغ عددهم 28 مليون نسمة، يعانون الجوع وسط الحرب الأهلية الدائرة منذ نحو 3 أعوام.
وقد حثّت الأمم المتحدة وعدد من الحكومات، من بينها الحكومة البريطانية-السعودية، خلال الأسابيع القليلة الماضية، على تخفيف الحصار على موانئ شمال اليمن المطلة على البحر الأحمر.
وفي تصريح لـ"رويترز"، قال متحدث باسم آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش باليمن، وهي الهيئة المسؤولة عن تفتيش السفن، إن قوات التحالف الذي تقوده السعودية رفضت السماح بدخول ناقلاتٍ ميناء الحديدة رغم موافقة الآلية ورغم "محاولات متكررة من جانب السفن لمواصلة رحلتها... قال التحالف مراراً إن الأولوية للغذاء فقط".
وقال المتحدث إن التحالف ردَّ ما يصل إلى 12 ناقلة في الأسابيع الأخيرة، وإن الآلية "عاجزة عن القول متى سيسمح التحالف لناقلات الوقود بدخول مناطق الرسو في موانئ اليمن على البحر الأحمر".
وكانت السعودية وحلفاؤها نشروا سفناً حربية في المياه اليمنية عام 2015 بدعم من الولايات المتحدة. ومنذ ذلك الحين، تعرضت الشحنات التجارية إلى الحديدة وموانئ أخرى تخضع لسيطرة الحوثيين المدعومين من إيران، لقيود شديدة وتأخير.
وفي أوائل نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وبعد أن أطلق الحوثيون صاروخاً باليستياً على الرياض، فرضت السعودية حصاراً على جميع الموانئ اليمنية ومنعت مرور أي شحنات، ومن ضمنها المساعدات الإنسانية.
وبعد ذلك، أعادت الرياض فتح الموانئ الجنوبية، وضمنها ميناء عدن الخاضع لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والتي تدعمها السعودية، وسمحت بدخول المساعدات الإنسانية إلى الحديدة.
غير أن القيود زادت على الشحنات التجارية إلى الحديدة.
وتبين سجلات ميناء الحديدة أن القوات العسكرية التي تقودها السعودية أمرت 6 ناقلات نفط على الأقل، الشهر الماضي، بمغادرة الميناء قبل تفريغ شحناتها. وقال الربان محمد إسحاق الرئيس التنفيذي لمؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية التي تدير ميناء الحديدة، لـ"رويترز" يوم الثلاثاء 5 ديسمبر/كانون الأول، إن الميناء لم يستقبل أي شحنات من الوقود منذ السادس من نوفمبر/تشرين الثاني.
وحذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأسبوع الماضي، من أن شبكات المياه في 9 مدن، من بينها الحديدة، نفدت مخزونات الوقود بها. ومنذ ذلك الحين، قالت إنها "كإجراء أخير" زودت سلطات المياه في الحديدة وتعز بالوقود؛ للمساهمة في توفير المياه النظيفة لأكثر من مليون شخص ولعدد من المستشفيات في العاصمة صنعاء.
ولم يتسنَّ الاتصال بمتحدث باسم التحالف السعودي للتعليق.
وفي الشهر الماضي، قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، لـ"رويترز"، إن السعودية قدمت مساعدات لليمن أكثر من أي دولة أخرى بالعالم. وأضاف الجبير أن المساعدات وُزعت فقط في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة لا في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون؛ لأن الحوثيين "يسرقون" المساعدات ويتربحون منها.
غير أن وكالات إغاثة تقول إن هذه المساعدات لا تغطي سوى نسبة ضئيلة من احتياجات البلاد.
وقال شين ستيفنسون مدير منظمة أوكسفام الخيرية في اليمن: "نحن نواجه أسوأ مجاعة منذ عشرات السنين، وهذا لن يتغير ما لم يتم السماح بدخول شحنات الغذاء التجارية والوقود".
ارتفاع كبير في أسعار الوقود
يقول سكان في الحديدة إن النقص أدى إلى ارتفاع سعر الوقود؛ إذ بلغ سعر 200 لتر من البنزين في السوق السوداء 11 ألف ريال يمني بالمقارنة مع 5200 ريال قبل الحرب.
وقفز سعر جوال الطحين (الدقيق) زنة 50 كيلوغراماً إلى 8500 ريال من 7000 ريال قبل إغلاق الموانئ في السادس من نوفمبر/تشرين الثاني.
وقالت إيمان أحمد (43 عاماً)، المدرّسة في الحديدة، أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، إن ارتفاع سعر وقود الديزل له أثر مدمر على المناطق الريفية خارج المدينة.
وأضافت "صيادو الأسماك توقفوا عن العمل؛ بسبب السفن الحربية والضربات الجوية من جانب التحالف. والمزارعون توقفوا عن العمل؛ بسبب الارتفاع الحاد في سعر الديزل".
وقال أب لـ7 أبناء، يدعى عبده حيدر: "الحياة أصبحت صعبة".
وتابع: "قبل الحرب، كانت الأمور على ما يرام. كانت هناك وظائف وكنت قادراً على إطعام أسرتي. أما الآن... الغاز يتوافر بصعوبة، والضروريات الأساسية ثمنها تضاعف. وأغلب الوقت طعامنا خبز وشاي"!