[ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ]
وفقاً لما ذكره مسؤولون كبار في إدارة ترامب فإن وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس قد طلب من البيت الأبيض رفع القيود التي فرضت في عهد أوباما على الدعم الأمريكي لدول الخليج العربي التي تشن حرباً ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.
وقال ماتيس في مذكرة إلى مستشار الأمن القومي هذا الشهر، إن تقديم "الدعم المحدود" للعمليات التي تقوم بها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في اليمن، بما في ذلك خطة الحسم الإماراتية التي تهدف لاستعادة إحدى الموانئ الرئيسية في البحر الأحمر، سيساعد في محاربة أحد "التهديدات المشتركة".
إن الموافقة على هذا الطلب يمثل تغيراً كبيراً في السياسة العامة الأمريكية، حيث إن العمليات العسكرية الأمريكية قد اقتصرت حتى الآن بشكل أساسي على عمليات مكافحة الإرهاب التي تستهدف المجموعات التابعة لتنظيم القاعدة في اليمن مع دعم محدود وغير مباشر لجهود دول التحالف العربي العسكرية في الحرب اليمنية التي ما زالت مستمرة منذ عامين، كما أنها ستكون إشارة واضحة على نية الإدارة الأمريكية في التحرك بقوة أكبر ضد إيران.
وقد ردد البيت الأبيض بعبارات أقوى بكثير من سابقتها اتهامات دول الخليج لإيران بتمويل وتدريب وتسليح المتمردين الحوثيين في اليمن، الذين تسعى إيران من خلالهم لزيادة نفوذها الإقليمي ضد الملوك السنة في الخليج.
تعتبر الإدارة الأمريكية وسط مراجعة أوسع للسياسة العامة في اليمن التي من غير المتوقع أن تكتمل حتى الشهر المقبل، ولكن السؤال الحالي والمهم الذي تناولته مذكرة ماتيس التي ستقدم إلى الجنة العليا للأمن القومي هذا الأسبوع هو فيما اذا كان سيتم تقديم الدعم لعملية عسكرية تقودها الإمارات العربية المتحدة لطرد الحوثيين من ميناء الحديدة الذي تمر عبره المساعدات الإنسانية والدعم العسكري للحوثيين.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية -رفض الكشف عن هويته- إن اقتراح ذهاب قوات من العمليات الخاصة الأمريكية لم يكن جزءاً من هذه المذكرة، وإن ماتيس ومستشاريه قد طالبو بإلغاء حظر الرئيس الأمريكي السابق المتمثل في دعم العمليات العسكرية الإماراتية ضد الحوثيين لوجستياً والتزود بالوقود والمساعدة في التخطيط دون الحصول على موافقة من البيت الأبيض.
وقال مسؤول كبير إن "ترامب وبعضاً من مستشاريه لديهم نفس تلك المخاوف المتمثلة في ازدياد الأزمة الإنسانية والتي أجبرت الرئيس السابق باراك أوباما من الموافقة على مقترح إماراتي يهدف إلى شن هجوم على المتمردين الحوثيين في محافظة الحديدة، ولا يوجد قرار حتى الآن فيما إذا كان سيتم إلغاء هذه القيود أم لا، ومن المؤكد حدوث خلاف واسع بين حكومتنا".
وينظر المستشارون ما إذا كان الدعم المباشر للتحالف المناهض للحوثيين سيأخذ الكثير من الموارد العسكرية بعيداً عن مكافحة الإرهاب المتمثل في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وتنظيم الدولة الذي مازال ناشئاً، وهو الأولوية الأمريكية في اليمن.
وقال مسؤولون "تشمل خطة وضعتها القيادة المركزية الأمريكية لدعم العملية عناصر أخرى ليست جزءاً من طلب ماتيس، وليس من الواضح ما هو الدور الذي ستلعبه سفن مشاة البحرية الأمريكية قبالة سواحل اليمن المتواجدة هناك منذ عامين تقريباً".
وكان تردد إدارة أوباما في المشاركة في الحرب اليمنية جزءًا من حملة اتهام ترامب لسلفه بضعف تعامله مع إيران وأنها ستؤدي إلى توترات بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج العربي، التي طالما أشتكى قادتها من أن إدارة أوباما كانت تدفعهم إلى إنهاء الحرب بسرعة ومنع الدعم الذي يرونه حاسماً لجلب الحوثيين لطاولة المفاوضات.
ويشارك ترامب دول الخليج في رفضها لاتفاق أوباما النووي مع إيران، ويؤمن بأن إيران هي المحرك الرئيسي للحرب الحالية في اليمن، حيث تحدث مستشار الأمن القومي في إدارة ترامب مايكل فلاين في بيان أصدره الشهر الماضي عن التهديدات الإيرانية - الحوثية قائلاً بأن الإدارة الأمريكية على دراية بما تقوم به إيران.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية في ذلك الوقت بأن "إيران تسعى إلى الاستفادة من علاقاتها مع الحوثيين لبناء وجود طويل الأجل لها في اليمن، وسنقوم باتخاذ الإجراءات المناسبة، ونحن ندرس جميع الخيارات".
إن الاستجابة للاقتراح الإماراتي بالنسبة للإدارة الأمريكية تعود جزئياً لرغبتها في اتخاذ إجراء ضد تهديد كبير قبالة الساحل الغربي لليمن، حيث يقول المسؤولون بأن الهجمات الصاروخية للحوثيين قد عرضت حرية الملاحة في واحد من أهم الممرات المائية للخطر، وأن رفع بعض القيود المفروضة على تبادل المعلومات الاستخباراتية قد ساعد الولايات المتحدة الأمريكية في الكشف عن معلومات أكثر تفصيلاً عن مخابئ تواجد قذائف الحوثيين كالتي أطلقوها على سفينة " يو أس أس ماسون" الأمريكية بالقرب من محافظة الحديدة، ومن المتوقع أن تتخذ الولايات المتحدة خطوات أخرى لمواجهة هذا التهديد بما في ذلك وضع سفن إضافية في تلك المنطقة.
وقد تأخر مقترح ماتيس بسبب الاجتماع الضخم الذي عقد الأسبوع الماضي في واشنطن للتحالف الأمريكي ضد تنظيم الدولة الإسلامية الذي ضم 68 عضواً. ولكن قال مسؤول أمريكي "إذا لم يتم اتخاذ القرار قريباً فإننا نخشى من تصاعد الوضع في اليمن وقد يتخذ شركاؤنا إجراءات بغض النظر عن ذلك ولن يكون لنا رؤى حول عملياتنا العسكرية ضد الإرهاب".
وقال جيرالد فيرستين السفير الأمريكي السابق لدى اليمن "رأيي هو أنه يجب علينا أن نشجع الحكومة والتحالف العربي على القيام بعملية هجوم من شأنها السيطرة على الحديدة ومينائها لتخفيف الأزمة الإنسانية".
وقد أعرب خبراء إقليميون عن دعمهم للولايات المتحدة الأمريكية لشن عملية الحديدة، ولكن حذر المحلل الكبير في مجموعة الأزمات الدولية نيسان لونغلي بأن هذا الهجوم سوف يزيد من معاناة اليمنيين ويطيل من مشكلة عدم التقدم في المفاوضات.