[ عناصر من جماعة الحوثي يرفعون صور زعيم الجماعة في صنعاء - وكالات ]
أعلنت الإدارة الأمريكية في السادس عشر من فبراير الجاري دخول قرارها في تصنيف جماعة الحوثي في اليمن منظمة إرهابية حيز التنفيذ، بعد وضعها مهلة شهر للجماعة لمراجعة موقفها، وذلك على خلفية الهجمات التي تشنها الجماعة في البحرين الأحمر والعربي، منذ أكثر من أربعة أشهر.
وسبق لواشنطن في يناير الماضي تصنيف الحوثيين ككيان إرهابي عالمي بشكل خاص، بموجب أمر تنفيذي، وذلك بعد ثلاث سنوات من إزالتها من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، التي كان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد أصدره.
تصنيف جديد
التصنيف الجديد من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، سعى للجمع بين المخاوف التي أبدتها المنظمات الإنسانية الدولية، بحيث يُطمئن تلك المنظمات، وبنفس الوقت يفرض عقوبات مباشرة على الجماعة، ووصف مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان التصنيف بأنه أداة هامة لقطع تمويل جماعة الحوثي، وتقييد وصولهم إلى الأسواق المالية، ومحاسبتهم على أفعالهم، وتفاديا لتأثر المدنيين اليمنيين بالقرار، الذي قال بأنه "لا يجب أن يدفع ثمن أفعال الحوثيين".
ويسمح تصنيف "كيان إرهابي عالمي محدد بشكل خاص" لحكومة الولايات المتحدة بتجميد أصول أفراد وكيانات تقدم الدعم أو المساعدة للكيان المصنف، بالإضافة إلى فروع ترتبط بها أو منظمات صورية أو شركاء.
وأصدر برادلي ت. سميث مدير مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في الولايات المتحدة توضيحا عن المعاملات المرخصة، والغير مسموحة، وفقا لقرار التصنيف، ومن تلك الرخص إجراء معاملات تتعلق بالبعثات الدبلوماسية والقنصلية لدول ثالثة، وتشمل جماعة أنصار الله، وذلك وفقًا لما يسمح به عادةً ويُعد ضروريًا لأداء الأعمال الرسمية للبعثات الدبلوماسية والقنصلية لدول ثالثة لدى اليمن، ويشمل ذلك جماعة الحوثي (أنصار الله)، أو أي كيان يمتلك فيه أنصار الله حصة تبلغ 50٪ أو أكثر، بشكل مباشر أو غير مباشر.
ولا يسمح الترخيص بالتحويلات المالية إلى أي شخص محظور في العقوبات الأمريكية، باستثناء أغراض دفع الضرائب، أو الرسوم، أو رسوم الاستيراد، أو شراء، أو استلام التصاريح، أو التراخيص، أو خدمات المرافق العامة.
ويذكر هنا أن قيادات في جماعة الحوثي مصنفة في قوائم العقوبات الأمريكية، التابعة لوزارة الخزانة، وهم كلا من: زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، عبد الله يحيى الحاكم، عبد الخالق الحوثي، وزير الدفاع في حكومة صنعاء محمد ناصر العاطفي، وقائد القوات البحرية محمد فضل عبد النبي، وقائد قوات الدفاع الساحلي محمد علي القادري، ومحمد أحمد الطالبي مدير المشتريات في قوات الحوثيين.
لمحة عن العقوبات
من التأكيد أولا أن التصنيف الأمريكي، جاء بعد شن الحوثيين هجمات على السفن البحرية الدولية في البحر الأحمر والعربي، وخليج عدن، واستهدف القوات العسكرية العاملة في المنطقة للدفاع عن سلامة وأمن الملاحة التجارية، ما يعني أن هذا التصنيف يرتبط بالتطورات البحرية، والهجمات المتصلة بها، ويمكن أن يزول، ويتم رفعه، في حال توقفت تلك الهجمات.
يشير هذا التصنيف إلى أنه لا ينظر لجماعة الحوثي ككيان يعبر عن اليمن، بل كأحد الكيانات اليمنية، ولذلك وضع المشرع الأمريكي قيودا، تضمن تأثر الحوثيين، دون أن يتأثر اليمن كدولة وكشعب، كما أنه فصل بين الهجمات البحرية التي تسببت بهذا القرار، وبين المسار السياسي والأممي المتعلق بمشاورات السلام، الذي كان المبعوث الأممي قد بدأ التحرك فيه مؤخرا، وقطعت فيه السعودية شوطا كبيرا، عبر الوساطة العمانية، وهو ما يجعل الباب مفتوحا أمام أي تحركات للسلام، دون أي تأثير حقيقي، خاصة بعدما سمح بوجود طرف ثالث بإمكانه التواصل مع الحوثيين.
ومن خلال استعراض قرار التصنيف، والتوضيحات المتصلة فيه يتبين أن القرار يستهدف الشبكة المالية لجماعة الحوثي، ويهدف للتضييق عليها، وحرمانها من الموارد المالية، ولا يستهدف عزلها التام، أو تضييق الخناق عليها، بما يؤدي للقضاء عليها، أو يشجع أي مواجهة عسكرية معها.
المسموح للحوثيين
وفور دخول التصنيف الأمريكي حيز التنفيذ سارعت واشنطن لتوضيح العديد من النقاط المتصلة بقرارها، خاصة ما يتعلق بشرح آلية التواصل بين المجتمع الدولي، وكذلك المساعدات الإنسانية، والتعاملات المالية،
تشير الإدارة الأمريكية إلى أن عقوباتها لا تهدف إلى عرقلة تقديم المساعدة المشروعة للشعب اليمني، والتعامل التجاري معه، وتؤكد بأنه يمكن الاستمرار في شحن وتسليم الإمدادات الضرورية للشعب اليمن، بما يتوافق مع العقوبات الأمريكية، بما في ذلك أن شحن البضائع التجارية، والمواد الغذائية إلى الموانئ والمطارات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وكذلك المعاملات المعتادة المصاحبة لمثل هذه الشحنات مثل رسوم الموانئ، وأعفت موردي القطاع الخاص، والجهات غير الحكومية والجهات الإنسانية من أي عقوبات.
وسمحت العقوبات لجماعة الحوثي بإجراء المعاملات المرتبطة بها بما في ذلك، بيع الغذاء وبعض السلع الزراعية الأخرى والأدوية والأجهزة الطبية وقطع الغيار والمكونات للأجهزة الطبية وتحديثات البرامج للأجهزة الطبية، وكذلك المعاملات المرتبطة بالاتصالات الهاتفية والبريد الإلكتروني وبعض اتصالات الإنترنت، وبيع المنتجات البترولية المكررة في اليمن، وكذلك المعاملات المرتبطة بها وتعد ضرورية ومتعلقة بعمليات استيراد أو تصدير للسلع أو عبور الركاب عبر الموانئ والمطارات اليمنية.
كما تسمح العقوبات بالمعاملات الضرورية المتعلقة بتحويلات مالية شخصية غير تجارية من أو إلى فرد غير محظور في اليمن، وسمحت بمعاملات محدودة تشمل الأشخاص المحظورين على حد سواء ذات الصلة، أو عادة ما تكون ضرورية ومصاحبة لأنشطة معينة ذات صلة بالعمل الإنساني.
وسمحت العقوبات بالمعاملات المرتبطة بالحوثيين للأعمال الرسمية للبعثات الدبلوماسية، أو القنصلية لدول ثالثة في اليمن، ومنعت التحويلات المالية لأي شخص محظور، باستثناء أغراض دفع الضرائب، أو الرسوم، أو رسوم الاستيراد، أو شراء، أو استلام تصاريح، أو تراخيص، أو خدمات المرافق العامة، ما لم يكن مصرحًا بها بشكل منفصل.
أنشطة المنظمات
وتوضح الإدارة الأمريكية بموجب قرار العقوبات بأنها لم تُفرض على اليمن كبلد، أو مناطق جغرافية محددة داخل اليمن، وبالتالي يسمح القرار الأمريكي بالمعاملات المالية المتصلة بأنشطة منظمات المجتمع المدني غير الحكومية، وذلك وفقا لشروط معينة، وبعد التأكد من عدم ذهابها لأشخاص محظورين، كما سمح بتوفير الغذاء والمنتجات الزراعية، والأدوية، والأجهزة الطبية، والمكونات البديلة لها، وقطع الغيار، وتحديثات البرامج الطبية، بشرط أن تكون الكميات متسقة مع الاستخدام الشخصي غير التجاري.
واستثنى القرار الأمريكي من الحظر جملة من المنظمات الدولية، ومنها منظمة الأمم المتحدة، بما في ذلك برامجها وصناديقها وهيئاتها وأجهزتها الأخرى، بالإضافة إلى وكالاتها المتخصصة والمنظمات المرتبطة بها.
وكذلك المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (ICSID) ووكالة ضمان الاستثمار متعدد الأطراف (MIGA)، ومجموعة بنك التنمية الأفريقي، وبنك التنمية الآسيوي، وبنك إعادة إعمار وتنمية أوروبا، ومجموعة بنك التنمية للإنتر-أميركان (IDB Group)، بما في ذلك أي صندوق تديره أو ينشئه أي من الجهات المذكورة، بالإضافة إلى كلا من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والجمعية الدولية للصليب الأحمر، والهلال الأحمر، والصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا، وتحالف غافي، وتحالف اللقاحات.
واشترط الامتثال لأي قوانين أو متطلبات أخرى لوكالات اتحادية أخرى أو منظمات دولية، مثل قيود مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على الإمداد، أو البيع، أو النقل المباشر، أو غير المباشر للأسلحة، والمواد ذات الصلة، لصالح أو لمصلحة الحوثيين، وكذلك الامتثال لأنظمة مكتب مراقبة الأصول الأجنبية المنفصلة.
المنظمات غير الحكومية
وتخول الرخصة العامة الأمريكية للمنظمات غير الحكومية المشاركة في أنشطة غير تجارية، تهدف إلى إفادة السكان المدنيين، بما في ذلك دعم رواتب موظفي القطاع العام، مثل العاملين في مجال الرعاية الصحية، أو المعلمين، بشرط ألا يكونوا أشخاصًا محظورين، وتحت شروط أخرى محددة.
كما سمح للمنظمات غير الحكومية العاملة في اليمن بالمشاركة في أنشطة لدعم المشاريع الإنسانية لتلبية الاحتياجات البشرية الأساسية في اليمن، بما في ذلك مشاريع التنمية غير التجارية التي تعود بالفائدة المباشرة على المدنيين، ويشمل ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، إصلاح وإعادة بناء المستشفيات والعيادات الصحية والبنية التحتية تحت سيطرة الحوثيين.
وسمح الترخيص الأمريكي منظمات المجتمع المدني المالية الدفع المالي لقاء خدمات الاتصالات والمرافق العامة، بالإضافة إلى ضرائب السلطات المحلية، إجراءات ضرورية ومرافقة بشكل اعتيادي للأنشطة المصرح بها ضمن الرخصة العامة للمنظمات غير الحكومية.
وأجاز التوضيح الأمريكي للمنظمات شراء الوقود للاستخدام الشخصي أو التجاري أو الإنساني، وكذلك التنسيق مع الحوثيين بخصوص نقل أو توزيع السلع الإنسانية، طالما أن تلك التحويلات غير تجارية، ومصممة ليستفيد منها السكان المدنيين بشكل مباشر، شريطة أن تكون مدفوعات شهرية مباشرة للعاملين في مجال الرعاية الصحية، مثل الأطباء في المستشفيات العامة، أو العاملين في مجال الرعاية الصحية في العيادات المجتمعية، والمعلمين في المدارس الحكومية والخاصة، وغيرهم من الموظفين الذين قد يكونون مرتبطين أو يعملون رسميًا في وكالات إدارية افتراضية أو فعلية، أو مؤسسات حكومية يسيطر عليها الحوثيين، طالما أن المتلقي نفسه ليس شخصًا محظورًا.
وبالنسبة للأنشطة الأخرى غير المصرح بها بموجب التراخيص العامة في قانون العقوبات، فقد أوضحت الإدارة الأمريكية بأنه يمكن للمنظمات غير الحكومية أو الكيانات الأخرى التقدم إلى مكتب مراقبة الأصول الأجنبية للحصول على تراخيص محددة، والتي يتم إصدارها على أساس كل حالة على حدة، مشيرة إلى أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية يعطي الأولوية لطلبات التراخيص المحددة، وطلبات التوجيه المتعلقة بالأنشطة الإنسانية.
الجهات التجارية
وأتاح قرار العقوبات للجهات التجارية والجماعات الإنسانية والمنظمات الأخرى الاستمرار في استيراد سلع تجارية، بما في ذلك المواد الغذائية والإمدادات الإنسانية، إلى اليمن.
وسمح ببعض المعاملات التي تشمل أنصار الله (الحوثيين)، والتي تعتبر ضرورية، ومتعلقة عادة بالعمليات أو استيراد/تصدير السلع، أو عبور الركاب عبر الموانئ والمطارات في اليمن.
الانتماء إلى جماعة الحوثي
ويوضح القرار الأمريكي هنا تفاصيل حول الانتماء لجماعة الحوثي، ويشير إلى أنه إذا كان لدى عضو في جماعة أنصار الله (الحوثي) دور قيادي في وكالة إدارية، أو مؤسسة حكومية في اليمن، فلا تعتبر الوكالة الإدارية، أو المؤسسة الحاكمة المفترضة أو الفعلية محظورة بمجرد وجود عضو من جماعة الحوثيين في منصب قيادي في ذلك الكيان.
وحول كيفية تحديد أعضاء أنصار الله (الحوثيين) أشار إلى قائمة مكتب مراقبة الأصول الأجنبية لمواطني الولايات المتحدة المحددين تتضمن بشكل خاص الأشخاص المحظورين، وهم القيادات التي فرضت عليها واشنطن سابقا عقوبات، بالإضافة للعقوبات الأممية.
المعاملات البنكية
وحول المعاملات المعتادة والضرورية للأنشطة المصرح بها بموجب شروط التراخيص العامة السابقة، مثل معالجة تحويلات الأموال في البنوك اليمنية، يشير التوضيح الأمريكي بأنه مسموح بها، فاليمن لا يخضع اليمن لعقوبات واسعة النطاق على أساس الولاية القضائية، وبناءً على ذلك، فإن التحويلات المالية إلى أو من خلال المؤسسات المالية اليمنية التي لا تشمل الحوثيين، أو الأفراد، أو الكيانات المحظورة الأخرى ليست محظورة.
واعتبر أن وجود عضو من جماعة الحوثي في دور قيادي بأي منظمة أو كيان، لا يعني أن تلك المنظمة، والكيان بات محظورا.
ثغرات قرار التصنيف
لا يبدو أن القرار الأمريكي بتفاصيله المنشورة سيكون مؤثرا على جماعة الحوثي، فالجماعة تعتمد أصلا على شبكة من الموارد المالية المتعددة، التي تتيح لها تسيير عملياتها، دون الارتباط المباشر بها، كما أنها تعمل من خلال مؤسسات الدولة الرسمية، ما يصعب من عملية شمولها في العقوبات.
وأظهرت العقوبات الأمريكية والأممية السابقة التي طالت قيادات في جماعة الحوثي عدم تأثرها بمثل هكذا عقوبات، وظلت تلك الشخصيات تتحرك ميدانيا وعسكريا، دون أن يلحقها أي ضرر.
وتتيح الرخص التي سمح بها القرار الأمريكي للحوثيين بحرية الحركة الميدانية، والمالية، وكذلك الاتصال بالجهات الخارجية، والتعاملات البنكية، والتعامل مع طرف ثالث، وهي أنشطة لن تكون مؤثرة بشكل كبير على الجماعة، أو تحد من قدراتها ماليا وعسكريا.
وأغفل التصريح الأمريكي المحظورات المتعلقة بالنشاط الإعلامي لجماعة الحوثي، والجهات الإعلامية المتصلة بها، أو تلك التي تتطرق لأخبارها، في المنصات اليمنية، سواء سلبا أو إيجابا، كما أنه لم يشير إلى إجراء محتمل في حال لم توقف الجماعة الأفعال التي استوجبت على أساسها هذه العقوبات.
المصادر:
مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأمريكي، وهو عبارة عن سلسلة من التوضيحات نقلها الموقع بوست للعربية، ويمكن العودة للمادة الأصل من الرابط عبر الضغط على كلمة هنا