[ الناشط الحقوقي توفيق الحميدي ]
يعيش الوضع الحقوقي في اليمن مشكلة كبيرة، وربما يكون هذا الملف من أعقد ملفات الحرب، والملفت والمحزن معا، هو أن الملف الحقوقي، ملفا ارتكبت كل أطراف الحرب جرائم في إطاره، وامتد الأمر من الأطراف المحلية إلى الاطراف الاقليمية، وتحديدا التحالف العربي بشكل عام ودولة الامارات خصوصا، وأصبح لكل طرف سجون ومعتقلات خاصة يتم فيها كل صنوف التعذيب، والقتل، وما إلى ذلك من وسائل أخرى.
الناشط الحقوقي اليمني توفيق الحميدي، وفي هذا الحوار مع الموقع بوست، أجاب عن كثير من التساؤلات حول ملف حقوق الإنسان في اليمن، ووضع الملف الحقوقي اليمني وما يتضمنه من انتهاكات متفاقمة، وعن الأطراف التي تقف خلف تفاقم ذلك الوضع المؤسف بكل المقاييس.
نص الحوار
**يبدو ملف حقوق الإنسان في اليمن ملفا مثقلا، وكل الجهود تجاه حقوق الإنسان تبدو شكلية وبحكم عملكم في هذا الجانب، هل من الممكن توضيح طبيعة ملف حقوق الإنسان في اليمن؟ وما هو جديده؟
**أولا أود أشكركم على هذه الاستضافة في موقعكم المتميز، وأتمنى أن أضع مقاربة تضع القارئ أمام صورة مكتملة الملامح، ومتميزة الخطوط والعناوين.
الملف الحقوقي في اليمن اليوم هو إحدى إفرازات انقلاب 21 سبتمبر 2014م الذي قادته مليشيات الحوثي، ضد التوافق السياسي في العاصمة صنعاء، ممثلا بالرئيس هادي ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، صحيح بدأ هذا الملف بصورته البارزة الحالية مع ثورة 11 فبراير عندما قرر الرئيس المخلوع صالح استخدم القوة العسكرية كخيار وحيد للتعامل مع الثوار، خاصة في العاصمة صنعاء، لكن مع انقلاب 21 سبتمبر، وسقوط العاصمة صنعاء بيد مليشيات الحوثي تضخم هذا الملف الحقوقي بصورة كبيرة جدا، وأصبح حديث كل بيت وعنوان بارز في الصحافة، وربما تكون الطبيعة المليشاوية الحوثية، والتعبئة الفكرية المتعصبة أحد الأسباب الرئيسة لانتهاكات ببعديها السياسية والإنسانية.
سقوط الدولة ومؤسساتها أغرى الجماعات المسلحة والتشكيلات المقاتلة بالتعدي على حقوق الإنسان، وحتى في مناطق الجنوب الوسطى، ومناطق سيطرة الحكومة الشرعية تشكلت تشكيلات مسلحة أقرب للمليشيات مارست انتهاكات كبيرة وفضيعه في عدن وحضرموت، وقلصت من فرص عودة الحكومة بروحها الفلسفية والنفسية لدي الناس والمؤسساتية على أرض الواقع، فطبيعة الملف الحقوقي اليوم حقوقي سياسي وإنساني، وأغلب الانتهاكات تعود لأسباب وخلفيات سياسية واضحة، ولها آثار إنسانية كارثية على المستوى الشخصي والاجتماعي.
** حقوق الانسان ربما تكون هي الوحيدة والبارزة في ملف الحرب بشكل عام، والأكثر الما وحزن؟ كيف لك توضح لنا أبرز ما يتعرض له اليمنيون من انتهاكات وما أبرزها وأين تتم؟ وما هو مصير الضحايا؟
تعرض اليمنيون إلى انتهاكات متعددة، ولا أكون مبالغا إذا قلت إن جميع الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية انتهكت في اليمن، وشملت هذه الانتهاكات جميع أفراد فئات الشعب اليمني دون استثناء لطفل أو امرأة أو شيخ، وجميع الأطراف ضالعة في هذه الانتهاكات، وإن اختلفت نسبة كل طرف، وكثير من الانتهاكات متداخلة ومركبة حيث تعدد الانتهاكات في انتهاك واحد، فالمعتقل تعسفيا مثلا يخفى قسريا، ويحرم من حريته وأحيانا من حياته، ويعذب ويحرم من حق الزيارة والمحامي، وانتهك بجانبه حق طفله وزوجته، وأشد الانتهاكات المقلقة هي القتل خارج القانون، والإصابات والتي نتج عنها وضع نفسي واجتماعي معقد في غياب العدالة وضعف الامكانيات المادية، وسوء ادارة ملف علاج الجرحى، و الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب والموت تحت التعذيب وهذا الملف اشترك فيه الحوثيين مع القوات المدعومة من دولة الإمارات وإن كانت نسبة انتهاك الحوثيين أكبر، إضافة إلى المعتقلات السرية والمعتقلات غير القانونية، وهو ملف مشترك للأطراف جميعا، وقد صدرت تقارير متعددة بتوثيق وكشف هذه المعتقلات، والقذائف العشوائية التي تستهدف المدنيين، ويشترك فيها جماعة الحوثي وخاصة على سكان مدينة تعز حيث رصدت أكثر من 50 واقعة قصف عشوائي على مدنيين راح ضحيتها أكثر من 300 مدني وقصف طيران التحالف التي بلغت خلال 2017 أكثر من 110 غارة راح ضحيتها المئات، والحريات الصحفية والنشطاء، والتي بلغت أكثر من 1200 حالة انتهاك تأتي جماعة الحوثي في المرتبة الأولى من حيث نسبة الانتهاكات والألغام الأرضية التي تستفرد بها جماعة الحوثي، حيث تقوم بزراعتها بصورة توحي بالانتقام في مناطق ذات كثافة سكانية كبيرة، وأحيانا داخل بيوت محدده دون خرائط واضحه، وتفجير البيوت حيث رصدت أكثر من 800 بيت بتكلفة إجمالية تتجاوز 20 مليار ريال يمني والبنية التحتية والحصار الذي ترتب عليها اسواء ازمة إنسانية تشهدها اليمن.
**يبدو أن الأطراف المتحاربة جميعها متهمة بارتكاب جرائم كثيرة بحق الانسان اليمني وحقوقه؟ لو بدأنا على مستوى جماعة الحوثي ما الذي يجري في إطار ملف حقوق الإنسان؟
*بلا شك كما قلت لك جميعا الأطراف المنخرطة في القتال مشاركة في انتهاكات حقوق الإنسان، وإن بنسب متفاوتة، وتأتي جماعة الحوثي في مقدمة هذه الأطراف من حيث عدد وأنواع ومستويات هذه الانتهاكات، ويزيد الوضع تعقيدا الخلفيات التي تتحرك في داخلها جماعة الحوثي كقوة مسلحة ترى أنها غير ملزمة بالاتفاقية والمعاهدات الخاصة بحقوق الإنسان، وانعدام ثقافة حقوق الإنسان داخل بنية وتركيب هذه الجماعة، التي جاءت بقوة السلاح، وربت أفرادها وقيادتها على ثقافة الاصطفاء والإقصاء منذ ظهورها في بداية 2004م، ولذا لا تجد أي استجابة حقيقة من قبل جماعة الحوثي للنداء والبيانات الدولية الداعية إلى وقت الانتهاكات والالتزام بالمعاهدات الدولية، وكذلك الأمر في بقية الأطراف التي أتت من خارج الدولة، وافرزتها الحرب إلى السطح، أو كان إيمانها بحقوق الإنسان نوع من البروتوكول السياسي وليس ثقافة عميقة وسلوك أصيل.
**هناك معتقلين كثر يجري تعذيبهم بدون وجه حق وبدون مبالاة؟ هل لديكم معلومات بشأن ما يجري في سجون الحوثيين للمعتقلين؟ وماذا عن عدد السجون؟ هل لديكم إحصائية بذلك وبعدد المعتقلين؟
*بالنسبة للسجون والمعتقلات هناك نوعين من السجون والمعتقلات، النوع الأولى هي المعتقلات والسجون التي تتبع سابقا وزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية المختلفة كالأمن السياسي والقومي والسجون المركزية في الأمانة والمحافظات وسجن أقسام الشرطة؛ وهناك يتم احتجاز عدد كبير من المعتقلين تعسفيا قبل نقلهم إلى معتقلات غير قانونية أو سرية، وهذه هي السجون والمعتقلات السرية والغير قانونية هي غالبا عبارة عن منازل معارضين أو مساجد أو عيادات أو مدارس تحفيظ قرأن أو بدرومات أو حتى مستوصفات، وفي هذه المعتقلات الغير قانونية والسرية غالبا يشرف عليها أشخاص غير معروفين ليسهل عليهم الإفلات من العقاب ويمارس فيها أسوأ أبشع أنواع التعذيب والتي تتسم بالممنهجة لتشابهها وطريقة تنفيذها، ما يعطي انطباع أنها سياسية تصدر من أعلى الهرم القيادي لجماعة الحوثي، وكثير من هذه الحالات يتم كشفها وتوثيقها، وقد رصدت المنظمة أكثر من 100 واقعة موت تحت التعذيب بينهم أكاديميون وصحفيين ونشطاء سياسيين، وتعمل جماعة الحوثي على إخفاء معالم الانتهاء وطمس اثارها من خلال منع إصدار تقارير طبية عن أسباب الوفاة أو منع إقامة مراسيم دفن لائقة.
الملفت في الأمر أن كثير من معتقلات الحوثي غير القانونية غير محدده وثابتة فكل يوم يغلق معتقل ويفتح آخر مما يجعل كل الاعداد تقديرية، وقد أصدرنا في سام تقرير رصدنا ما يقارب 180 معتقل يتضمن نبذة تعريفية عن بعض السجون وشهادات لما يجري فيها سواء في صنعاء أو تعز أو ذمار ومصير المعتقلين الجدد لا يختلف عن القدماء من حيث الأساليب والمعاملة والتهم الموجهة.
**على مستوى مربع الشرعية يظهر ملف حقوق الإنسان في وضع مؤسف للغاية، وربما تبدو أنها تتخذ ذات الأساليب التي يمارسها الحوثيون؟
*الملف الحقوقي للأسف الشديد يعاني من كثير من الإشكاليات على مستوى إدارته والاهتمام به، حيث يعاني الكثير من المدنيين في سجون جنوب اليمن من ضعف التفاعل الحكومي رغم الوعود المتواترة بحلها، إضافة إلى ضعف التحرك الخارجي والسياسي في ملف حقوق الإنسان، حيث الحركة الشرعية موسمية وكردة فعل مؤقته لكن لا يوجد استراتيجية فاعلة وواضحة تزاوج بين السياسي و الإنساني والحقوقي.
إضافة إلى أن مناطق سيطرة الشرعية والتي من المفترض أن تقدم نموذجا جيدا للالتزام بحقوق الإنسان، تعاني كثير من الاختلالات الحقوقية، و تحولت إلى سجن كبير تمارس فيه كثير من الانتهاكات، وابرزها الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري والتعذيب والقتل خارج القانون، وتقييد حرية التنقل والسفر، ويعد السبب في تقديري إلى تقويض سلطة الدولة وحضورها بمؤسسات الحامية والرعاية لهذه الحقوق، إضافة إلى وجود تشكيلات مسلحة تعمل خارج سلطة الدولة وصفها تقرير لجنة الخبراء بقوات تعمل بالأجر، وهذه القوات غير القانونية غالبا لا يراعي عند تشكيلها، إضافة إلى ضعف ثقافة حقوق الإنسان وقيمها عند الجهات المشرفة على هذه القوات، ولذا انتشرت السجون السرية ومحاولة إخفاء المسؤولين عن هذه الانتهاكات خلف كنى والقاب، وهذا الوضع خلق حالة من انعدام الثقة بالجهود التي تبذل.
**ربما كان الملفت كثيرا على المستوى المحلي والإقليمي بل والدولي هو ذاك المتعلق بوجود سجون سرية في مناطق الشرعية تديرها قوات تابعة لدولة الإمارات؟
**كنا في سام أول من تحدث عن السجون السرية في عدن وحضرموت، وهي ظاهرة مقلقة جدا رصدتها العديد من المنظمات الدولية من خلال مقابلات الضحايا وعدد من الشهود، وأصبحت منذ ذلك الوقت عنوان عريض على المستوى الإعلامي والحقوقي، وأحدث هزة قوية على مستوى الثقة المجتمعية، وفتح الباب واسعا للاستمرار في النشاط الحقوقي القائم على التوثيق والضغط بشأن هذا الملف لدى الحكومة الشرعية أو الخارج لإغلاق هذا الملف ومحاسبة المتسببين فيه، وضرورة تشكيل لجنة تحقيق محايدة ومستقلة يشترك فيها المنظمات الحقوقية لكشف الحقائق توضيحها للرأي العام، وتفعيل دور مؤسسات القضاء فهناك جهود جيدة ووعود حكومية لكنها غير جدية؛ واليوم الكثير يتسأل عن معنى الدولة في ظل القرارات القضائية التي صدرت بالإفراج عن عدد من المعتقلين ولكنها اصطدمت للأسف بالرفض الإماراتي، وهذا التعنت جريمة يعاقب عليها القضاء اليمني بعرقلة سير القضاء، والوضع للأسف مقلق جدا في ظل الحديث عن انتهاكات جسيمة داخل هذه المعتقلات يستوجب تحرك جاد وعاجل من قبل الحكومة.
**الألغام أيضا واحدة من الجرائم التي تبدو حاضرة في ملف حقوق الإنسان في اليمن؟ ما الذي يحدث في هذا الجانب؟ وما الذي رصدتموه كحقوقيين؟
تعد جرائم زراعة الألغام في اليمن من أهم الملفات الحقوقية وأخطرها، حيث صدرت عدد من البيانات الحقوقية للتنديد بهذه الجريمة، وقد ترتب على هذه الجريمة الكثير من الآثار الجسمية والنفسية للضحايا خاصة من الأطفال والنساء، فالألغام هي الجندي الصامت الذي لا يتوقف عن القتل، حتى وإن توقفت المعركة، وحتى الآن الطرف الوحيد في هذا الانتهاك بحسب الشهادات والبيات مليشيات الحوثي، وخطورة هذه الجريمة أن زراعتها تتم في المناطق الكثافة السكانية والطرقات والمزارع وبدون خرائط واضحة ومحددة، مما يجعل عدد الضحايا في ازدياد، إضافة إلى هذه الجريمة أصبحت أساسية في استراتيجية الحرب لدى الحوثي، ويعتمد عليها بصورة كبيرة اعاقة تقدم الخصوم، كما عمدت جماعة الحوثي إلى صناعات محلية لألغام مموه زادت من نسبة الإصابات بنسبة كبيرة جدا، خاصة بين الأطفال النساء في كلا من محافظات تعز والبيضاء لحج والضالع تأتي مقدمة المحافظات التي اكتوت بهذه الجريمة.
**أين يقف التحالف العربي من كل هذه الجرائم التي ترتكب بحق يمنيين كثر؟ هو يقول إنه يعمل في إطار معالجة ملف حقوق الإنسان في حين يبدو الواقع عكس ذلك؟ ما الحقيقة؟
*التحالف العربي للأسف الشديد أصبح مع مرور الوقت أحد أهم الأطراف المتهمة بانتهاكات الإنسان، من خلال القصف العشوائي للطيران والتي راح ضحيتها الكثير من الأطفال والنساء، ما جعل الأمم المتحدة تدرج التخالف في القائمة السوداء لانتهاكات الاطفال، اضف الى ذلك السجون السرية والتعذيب في الجنوب والتي تحدثنا عنه، وهذا حد من مناورة التحالف في ملف حقوق الإنسان، وحوله إلى موقف الدفاع والتبرير، كما أن الأزمة الإنسانية الكبيرة والمقلقة على المستوى الصحي والإنساني جعل التحالف بنظر الغرب مسؤول عن الحصار كسبب رئيس لهذه الأزمة، ولذا أعتقد أن على التحالف بذل جهد أكبر في الالتزام بقواعد القانون الدولي وخاصة قواعد الاشتباك المتعلقة بالضرب الجوية، وفتح تحقيقات جديدة وحقيقة والسعي في اتجاه تعويض الضحايا ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.
**الشرعية اليمنية هي الأخرى تتحدث عن جهود وما الى ذلك؟ وفي الوقت نفسه نسمع عن انتهاكات تطالها وتطال قياداتها ما الذي يحدث؟
أعتقد أن الحكومة الشرعية بلا مخالب، وغير قادرة على إحداث حراك فاعل وقوي ومؤثر، حيث اصبحت حبيسة سياسة التحالف في الملف الحقوقي وغير قادره على الاستقلالية لأسباب موضوعية ومالية برغم الجهود التي تبذلها إلا أنها قليلة مقارنة بما يجب القيامة به ولا توجد خطة تحرك واضحة من خلال متابعتنا، وإنما عمل موسمي مع اجتماعات مجلس حقوق الإنسان في جنيف وإصدار بعض التقارير، وهذا أقل بكثير مما يجب عملة لتحريك الرأي العام الخارجي وأدواته الإعلامية والحقوقية.
**أوضاع أسر المعتقلين ماذا عنه؟ ماذا يجري لهذه الشريحة في ظل ما يتعرض له أبنائها من قمع وتعذيب واخفاء قسري وما الى ذلك؟
*تعاني أسر المعتقلين من أوضاع إنسانية ونفسية صعبة وقاسية، حيث تخلت الكثير من الأسر عن أحلامها بسبب اعتقال عائلهم، وتعقد وضعهم المعيشي؛ كما حرم الأطفال من حنان اباءهم، وقد رصدت العديد من الحالات الإنسانية الموجعة كحرمان معتقل من زيارة والدته او والده الميت أو مشاركة ابنه أو ابنته زفافه، كما تعرضن لابتزاز مالي من قبل المشرفين على السجون لأجل الزيارات أو الإفراج، وقد دفعت بعض الأسر مالغ مالية كبيرة و اضطرت للاستدانة وبيع ما يملكون من أغراض وحاجيات أساسية المعيشة، وهناك نساء اضطررن للخروج إلى العمل بأخر زهيد لقاء كرامة الأسرة وسد حاجاتها، وهذا وضع يتنافى مع الكرامة والقيم الاجتماعية والإنسانية التي يجب أن تحكم المجتمع، وأعتقد أن هذا الوضع يفتح الباب واسعا للانتقام والحقد الشخصي الذي سيكون به آثار اجتماعية خطيرة على النسيج الاجتماعي مستقبلا، وأتمنى الالتفات لوضع الأسر والتخفيف من معاناتهن لأنهن في النهاية ضحايا الكيد والانتقام السياسي وعلى الحكومة تنفيذ والالتزام كافة التوجيهات الخاصة بصرف مبالغ مالية ثابتة ومنظمة لأسر المعتقلين.
**الحديدة وضعت قبل أسبوعين أمام معركة حرب جديدة، وقد تتحول لبؤرة جديدة لانتهاكات حقوق الإنسان، كيف تنظرون للأمر؟
*الحديدة كمحافظة ومدينة تعاني من انتهاكات جسيمة بسبب القذائف العشوائية والاعتقالات التعسفية والقنص وهدم المنازل والألغام الأرضية وقصف العشوائي من قبل طيران التحالف، ولا توجد أعداد محددة، وفي معركة الحديدة تم رصد النزوح الجماعي للسكان الذين فروا من حرب الشوارع، وأيضا حالات قتل لبعض المدنيين وجرحهم بسبب القذائف العشوائية للاشتباكات ونقص الأغذية.
**يتردد أن أطراف الحرب تستخدم المدنيين كدروع بشرية، وأن المدنيين لم يتمكنوا من مغادرة مناطقهم؟ ما الذي يجري؟
خلفت هذه الحرب مآسي إنسانية فظيعة بحق المدنيين، وكان أبشعها وضع المدنيين كدروع بشرية لأجل الانتقام أو حماية بعض المنشأت، كما في حديقة هران في ذمار، ومدينة الصالح بالحديدة، ونادي الضباط بالحديدة، وسجن الشرطة بصنعاء، من ناحية أخري تبرز مشكلة الإختباء وراء المدنيين في حرب المدن، حيث يصبح المدنيين هم الضحايا في حرب المدن، وهذا مخالف للقانون الدولي، وانتهاك جسيم، حيث من الواجب على كل الأطراف بتوفير ممرات آمنة للمدنيين وما يحدث في الحديدة كارثة إنسانية يجب تداركها من خلال تقديم الجانب الإنساني والسماح لمن يريد مغادرة المدنية بالخروج وتجنب المدنيين ولا ينبغي أن يتحول البكاء على المدنيين إلى وسيلة لجلب الدعم الدولي، دون أثر حقيقي على الأرض.
**المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان تبدو كثيرة، وعلى الواقع تبدو تلك المنظمات غائبة على مستوى ما يجري في السجون والمعتقلات، كيف لك أن تضعنا في الصورة؟
*هناك جهود تبذل من قبل المنظمات الحقوقية، ولكن صوتها أضعف من صوت الرصاص، فالمنظمات بالنهاية لا تملك سلطة إلزامية عسكرية أو سياسية، ويقتصر دورها على توثيق الانتهاكات، وحفظ حقوق الضحايا والضغط لوقف الانتهاكات، وهناك قصور واضح يجب الاعتراف به لأسباب هيكلية تتعلق بالمنظمات المحلية، وتأهيل الرصد والعاملين فيه، وضعف التمويل حيث المنظمات المحلية هي بنت البيئة التي تولد فيها، وهي بيئة حديثة في مجال حقوق الإنسان، وتاريخ هذا العمل ما انعكس بوضوح في نوعية التقارير وتحيز كل منظمة إلى طرف من الأطراف، وهذا أفقدها الكثير من الحياد في عملها، أما المنظمات الدولية والأممية فأعتقد أنها حضرت بقوة في المشهد اليمني، وأصدرت عدد من البيانات والتقارير، وان اختلفنا معها في طريقة تناولها للانتهاكات، لكن في النهاية لكل منظمة منهجيتها وأسلوبها في العمل، و بالإمكان الرد المنهجي على كل تقرير بعيد عن الاتهامات السياسة التي تصدر بين الحين والآخر من بعض الأطراف.
**هل لديك أي كلام اخر لم تقله لنا في هذا الحوار؟
*أتمنى فصل الملف السياسي عن الحقوقي قدر الإمكان حيث أن تسييس الملف الحقوقي يضر كثير به، ويؤثر على الضحايا، ويساهم في إفلات المنتهكين من العقاب، كما يجب الإسراع بتحريك مؤسسات القانون، واخضاعها بصورة كاملة لوزارة الداخلية، وتفعيل المؤسسات القضائية للقيام بواجبها، وتوفير اجواء مناسبة لعملها واحترام قراراتها.
**رسالتك الأخيرة ولمن توجهها؟
أوجهها للجميع، أن الوطن سوف يبقى، وتبقى هذه الأوجاع تطارد كل المتهمين، حتى تعم العدالة، وإنصاف الضحايا، وشكرا لكم على الاستضافة، وعلى جهودكم المتميزة