[ عبدالقوي باعش مدير عام التوجيه المعنوي بوزارة الداخلية ]
المشهد الأمني في العاصمة المؤقتة عدن يعد من أبرز الملفات الشائكة والقضايا التي تتصدر الاهتمام هناك منذ تحريرها منتصف العام 2015.
في هذا الحوار الذي أجراه "الموقع بوست" في عدن مع المقدم عبدالقوي باعش مدير عام التوجيه المعنوي بوزارة الداخلية تتكشف العديد من الجوانب المتعلقة بالوضع الأمني في عدن، والإجراءات التي اتخذتها وزارة الداخلية هناك، بالتعاون من التحالف العربي، إضافة للتحديات التي تواجهها، وكذلك الطموحات التي تسعى لها.
يتطرق الحوار للعديد من المحاور والملفات، ويقدم في مجمله صورة عامة ومفصلة عن الوضع الأمني في عدن.
* لو أمكن أن تقدم لنا عرضا للوضع الأمني لمدينة عدن حاليا؟
** أولا نرحب بكم، الوضع الأمني في تحسن في العاصمة عدن والمناطق المجاورة، ولكن هناك بعض الصعوبات، الكل يعلم طبعا التركة التي ورثناها من التراكمات والتدمير الممنهج للمؤسسات الأمنية والمتعمد، والذي استهدف إفراغ هذه المؤسسات من وظيفتها، وهي وظيفة أمنية تؤدي واجبها في خدمة المواطن، وهي في الأساس مؤسسات خدمية في الأول والأخير، ولكن جراء إفراغها من هذه الوظيفة واستبدالها بالعقلية القبلية والعرفية وما حصل في الماضي.
نحن الآن في صدد استعادة الثقة بين الأمن والمجتمع لأن هناك فجوة كبيرة موجودة بين الأمن والمجتمع، نحن بحاجة إلى ردمها لأن المواطن الآن يرى بأنه لو ذهب إلى مركز الشرطة سيواجه بعراقيل وصعوبات بسبب الممارسات في الماضي.
أيضا نحن نحاول في نفس الوقت استعادة الوعي لدى أفراد الأمن، بسبب التدمير الممنهج الذي تحدثنا عنه، ولكن بشكل عام الأمور في تحسن، والأهم من كل هذا هو توحيد الأجهزة الأمنية تحت إطار وزارة الداخلية.
* كم عدد تشكيلات الأجهزة الأمنية الرسمية وغير الرسمية في عدن حاليا؟
** الرسمية معروفة طبعا، فالهيكل الرسمي لوزارة الداخلية معروف، يحتوى على إدارة الأمن، ثم مراكز الشرطة، ثم المناطق الأمنية التابعة لها، والإدارات التابعة لوزارة الداخلية في العاصمة عدن، لكن التشكيلات الغير منظمة والمؤسسة هي مثل قوات الحزام الأمني وتشكيلات أبو فلان وأبو فلان.
كل هذه التشكيلات نحن حاولنا جاهدين أن نتواصل مع كل الأطراف بضرورة توحيدها ضمن إطار وزارة الداخلية، حتى تستطيع الوزارة أن تؤدي دورها بالشكل المطلوب.
* من الذي يتحمل مسؤولية تواجد هذه التشكيلات غير النظامية؟
** جواب هذا السؤال أعتقد أنه موجود في الشارع.
* كم عدد أقسام الشرطة التي تمارس عملها في العاصمة المؤقتة عدن وكم عدد أفراد الأمن في التشكيلات الرسمية؟
** نحن لدينا تجنيد جديد للمقاومة الجنوبية في الأمن وصل إلى حوالي 17 ألف مجند.
* (مقاطعا) في عدن؟
** لا ، في عدن والمحافظات المحررة كالضالع ولحج وأبين وشبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى ومأرب وتعز والبيضاء، هذا تجنيد يتم في إطار هذه المحافظات وطبعا غير القوات السابقة التي همشت خلال فترة نظام صالح.
* ما أبرز الجرائم أو مظاهر الانفلات الأمني في عدن خلال الفترة السابقة؟
** الجرائم هي شيء طبيعي بعد الانفلات الكبير والتدمير الممنهج كما قلنا للأجهزة الأمنية وإفراغها من وظيفتها الطبيعية، وفي نفس الوقت تسريح موظفيها إلى الرصيف، شيء طبيعي أن تحدث مثل هذه الاختلالات والاختراقات، وهي من وجهة نظري شيء طبيعي، ولا تمثل خطرا لأنها نتاج ما تحدثنا عنه.
* المتابع للوضع الأمني يلاحظ انخفاض في معدل الجرائم، خاصة جرائم الاغتيالات، ما الأسباب وما الجهود التي قمتم بها للحد من هذه الجرائم؟
** مسألة الاغتيالات هذه لا ترتبط أساسا بالأمن الداخلي هي ترتبط بالأمن الخارجي بالأمن القومي الأمن السياسي بالمخابرات، هي منظومة كاملة ينبغي أن تكون شريكة في محاربة هذه الظواهر، وأيضا مع أصدقائنا وأشقائنا لأنها عملية كبيرة جدا لا تقتصر على الأمن العام أو الداخلي.
* لو تعطينا لمحة حول الواقع الحالي لوزارة الداخلية والجهود التي قامت بها قيادة الوزارة في مسألة البنية التحتية، الكادر، التسليح، وماهي الصعوبات والاحتياجات للوزارة؟
** أولا وزارة الداخلية هي الوزارة الوحيدة في حكومة الشرعية التي تعمل على الأرض، هذه حقيقة، هذا جانب، الجانب الآخر وزارة الداخلية ومنذ تولي الوالد حفظه الله ورعاه اللواء الركن حسين محمد عرب زمام الأمور في ظرف صعب جدا قام فورا بإعطائنا توجيهات بتجنيد المقاومة الجنوبية في الأمن بحسب توجيهات فخامة الرئيس، ومن ثم بدأنا بالتعاون مع الإخوة الإماراتيين بترميم مراكز الشرطة، والآن وزارة الداخلية تقوم بترميم معسكرات الوزارة كمعسكرات القوات الخاصة وديوان الوزارة بالنصر ومستشفى الشرطة بالنصر.
* ومتى سيفتح ديوان الوزارة؟
** هو الآن جاهر وأعتقد سيتم افتتاحه خلال الأسبوع القادم.
* سيكون مقرا دائما للوزارة/
** نعم، وقد عملنا فيه قاعة مؤتمرات ضخمة، ومستشفى الشرطة يجري ترميمه، ونحن في المراحل الأخيرة من تجهيزه، وأيضا نعمل على ترميم مقر مصلحة الهجرة والجوازات في خورمكسر، ونعمل أيضا على ترميم معسكرات قوات النجدة، ومعسكر قوات الأمن الخاصة في أبين، وإدارة الأمن العام في لحج، ونسعى أيضا لاستكمال هذا الجانب.
هذا في جانب البنية التحتية، أما بخصوص دائرة التوجيه المعنوي التي نتولى إدارتها، فمنذ تولينا هذه المهمة عملنا بالشراكة مع منظمات حقوقية ومنظمات مجتمع مدني على استعادة الوعي لدى أفراد الأمن بكيفية التعامل مع المواطن، وكيفية التعامل مع الجريمة، وكيفية القبض على أي انسان مهما كانت خطورته، الوعي بحقوق الإنسان لابد أن تكفل كرامة الانسان، ولابد أن يتحلى الجندي بالأمانة والأخلاق والإخلاص، وأن يكون هناك تحريز لكل ما يضبط مع أي شخص ثم تحويله إلى الجهة المخولة، وحين لا يثبت عليه أي شيء تسلم له كل مقتنياته.
* دشنتم قبل فترة الموقع الرسمي لوزارة الداخلية، لكن رغم ذلك لا يزال المتابع يرى بأن الإعلام الأمني لا يزال ضعيفا، لماذا برأيك؟
** كما قلت، هناك نوع من التكتم الإعلامي في هذا الجانب، إضافة إلى عدم توحيد الأجهزة الأمنية في إطار واحد وجهاز واحد، فشيء طبيعي أن هذا يسرب من هنا، وهذا يعلن من هنا، وهذا يعمل من هنا، وهذا نتاج طبيعي لعدم توحيد التشكيلات الأمنية ضمن إطار وزارة الداخلية، وتحت إطار غرفة عمليات واحدة، شيء طبيعي أن لا تكون إدارة التوجيه المعنوي هي المصدر الأول للمعلومة أو الأخبار الأمنية في ظل هدا الوضع.
* ما هي أبرز برامجكم في دائرة التوجيه المعنوي من أجل حفظ الأمن داخل عدن؟
** قبل كل شيء نحن نبحث دائما ولدينا خطة لدمج الوحدات الأمنية في إطار وزارة الداخلية عبر برنامج معين، وعبر آلية عمل معينة، تبدأ بتجميع وحدات من كافة التشكيلات الأمنية إلى القوات الخاصة في معسكر الصولبان، ثم يجري تدريبها وتأهليها وتوزيعها على أساس وطني في المراكز الأمنية، حتى تؤدي وظيفتها بشكل وطني، وليس بشكل شخصي أو شكل عنصري أو شكل مناطقي، هذا أولا.
ثانيا نريد توحيد الزي الخاص بالوحدات الأمنية، ثالثا نريد من الأشقاء بدول التحالف العربي مساعدتنا في تفعيل هذه المؤسسات وتوحيد الأجهزة الأمنية هذه مهمة ضرورية وملحة.
أيضا في نفس الوقت نريد إعطاء الأولوية للمؤسسات الأمنية أن تتفعل ونريد من الإخوة في التحالف التعامل مع مؤسسات رسمية.
* ما تقييمكم لدور التحالف في التعاون في سبيل استعادة الأمن في عدن؟
** الإخوة في التحالف العربي قاموا بدور كبير يشكرون عليه، والذي ينقص في هذا الجانب هو المزيد من التعاون والتعامل مع المؤسسات الرسمية.
* لو تطرقنا للدور المجتمعي في حفظ الأمن في عدن، ما تقييمكم لهذا الدور؟
** ذكرت في مقال لي في صحيفة "الطريق" أن المحافظات الجنوبية والوسطى قابلة للتعاطي مع الدولة المدنية، وعندها الاستعداد للتعامل مع الإطار المدني، فالمشكلة في اليمن بشكل كامل هي في صنعاء، وفي شمال الشمال وهذه حقيقة، فأنا أتوقع أن المجتمع في الجنوب وبالذات في العاصمة عدن، قابل لتطبيق النظام والقانون بقرار سياسي يعلن من الإذاعة والتلفزيون، هو شعب مدني بالأساس يريد النظام والقانون، ولا مشكلة لديه، لكن هذا الأمر يحتاج إلى استعادة الثقة بين المواطن والمؤسسات الأمنية.
* هل هناك تعاون فعلي بينكم وبين المواطنين، مثلا مبادرات من المواطنين للإبلاغ عن بعض الجرائم وبعض المشتبه بهم؟
** المواطن كما قلت لك متعاون، لكن كما ذكرت لك بالبداية أن الفجوة الموجودة بين المواطن والمؤسسات الأمنية يجب ردمها، وإذا لم يتم ردمها لن يستطيع المواطن التعاون معنا، هناك سلبية الآن لدى المجتمع ونتيجة لغياب الثقة تحول المواطن من إيجابي إلى سلبي، ولهذا من المهم زراعة الثقة بالأجهزة الأمنية لدى المجتمع، حتى يشعر المواطن أنه حين يبلغ الجهات الأمنية فإنها ستحفظ سرية البلاغ وسرية مصدره ومن ثم تقوم بواجبها في حماية المواطن وتحافظ على حقه.
* ما أبرز التحديات التي تواجهونها في وزارة الداخلية من أجل ترسيخ الأمن؟
** أبرز التحديات تتمثل بعدم توحيد الأجهزة الأمنية تحت سلطة الوزارة، التحديات الأخرى تتمثل في التعامل المباشر من قبل الإخوة في التحالف العربي مع أفراد وعناصر وجماعات بعيدا عن المؤسسات الرسمية، وكذلك غياب الإمكانيات المهمة والكافية لتنفيذ الخطط الموجودة.
* ما هي الإمكانيات المطلوبة لإنجاز هذه الخطط؟
** حاليا لا توجد الإمكانيات الكافية من العتاد والسلاح لتنفيذ أي مهمة أو متابعة أي شي.
* وماذا عن قضية الرواتب الخاصة بمنتسبي الجهاز الأمني، هل تصرف أم لا؟
** الرواتب تمثل مشكلة كبيرة عندما لا تكون منتظمة، فحين تعطي الجندي راتب 60 ألفا ليست بالمشكلة لو تعطيه 50 ألفا، بحيث تكون منتظمة ويتسلمها آخر الشهر، نحن الآن في شهر أكتوبر وصرفنا للجنود راتب شهر مارس فكيف يمكن نلزم الجندي على الحضور، فلا يمكن إلزام الجندي في المعسكر إلا إذا وفرت له ثلاثة أشياء، الراتب والغذاء والسكن.
* هل لديكم موازنة تشغيلية في الوزارة؟
** لدينا موازنة تشغيلية ضئيلة جدا وغير كافية.
* تحدث رئيس الوزراء مؤخرا عن عزم الحكومة منع حمل السلاح في عدن، وأنتم في دائرة التوجيه المعنوي دشنتم حملة إعلامية توعوية بذلك، هل لديكم خطة عملية لتطبيق ذلك أم سيقتصر دوركم في التوعية؟
** كما قلت لك منذ البداية في إدارتنا بدأنا بحملة توعية، وبدأنا بالاتفاق مع المطابع بأن تتضمن دعوات الزفاف والأعراس تحذير وتنبيه بخطورة إطلاق النار خلال الأعراس وحفلات الزفاف، وعملنا حملات توعية ونزلنا إلى أقسام الشرطة، وإلى التحريات والبحث الجنائي والسجون لتوعية الناس، أما فيما يتعلق بظاهرة حمل السلاح فيرتكز الحد منها على عدة اتجاهات.
أولا توحيد الأجهزة والتشكيلات الأمنية داخل إطار وزارة الداخلية، ثانيا توحيد الزي الرسمي، ثالثا ضبط مسألة رواتب منتسبي الجهات الأمنية، وتوفير الخدمات الأساسية، وتفعيل المؤسسات الأمنية ليقوم الكل بدوره، وكذا التنسيق مع قوات الجيش والوحدات الأخرى، حتى يكون هناك ترابط، أيضا إخواننا في التحالف العربي لابد أن يساعدونا في هذا الجانب وخاصة توحيد الأجهزة والتشكيلات الأمنية تحت إطار وزارة الداخلية، وإذا لم يتم ذلك فلا يمكن ضبط الأمن.
* كلمة أخيرة؟
** أقول إن اليمنيين أمام فرصة تاريخية، وإذا لم يتعاون كل الشرفاء والمحبون لهذا الوطن في استعادة المؤسسات الوطنية وتفعيلها على الأرض، فإن كل الأحلام التي يحلم بها اليمنيون ستتبخر، وكذلك لابد من نبذ العنصرية والمناطقية والشللية، فالمؤسسات يجب أن تبنى ثم نتحدث عن القضايا الأخرى سياسيا في المستقبل.