[ أزمة المشتقات النفطية - عدن ]
أصبحت أزمة المشتقات النفطية وانعكاساتها التي تمس الحياة العامة للمواطنين في العاصمة المؤقتة عدن، أشبه بالمرض المزمن الذي لم يجد من الحكومة الشرعية والجهات المعنية سوى المهدئات والحلول المؤقتة.
فما إن تنفرج أزمة المشتقات النفطية ومثيلاتها من الأزمات التي تصيب الحياة العامة للمواطنين حتى تعود مرةً أخرى متسببة في مضاعفة المعاناة الإنسانية للمواطنين، في ظل عجز حكومي عن إيجاد حلول جذرية يرجعها المسؤولون إلى عدم توفر ميزانية تشغيلية تمكن الحكومة الشرعية من أداء عملها بشكل طبيعي.
ديناميكية واحدة
توقف شركة مصافي عدن عن أداء مهامها في إنتاج المشتقات النفطية نتيجة عدم تزويدها بالنفط الخام، والتحول نحو استيراد المشتقات النفطية من الخارج وإيكال هذه المهمة لشركة عرب جولف التي احتكرت عملية استيراد المشتقات النفطية، جعل أزمة المشتقات النفطية تسير وفق ديناميكية واحدة.
ولا يكاد يمر أسبوع كامل على المواطنين في العاصمة المؤقتة عدن دون أن تكون هناك أزمة في المشتقات النفطية لتنفرج بعدها بيومين أو ثلاث أيام معلنةً بدء استراحة ليستعد بعدها المواطنون لمجابهة أزمة جديدة.
وتتعدد الأسباب والأزمة واحدة، حيث تعلن الجهات المعنية عن انتهاء المخزون النفطي وانتظارها لتفريغ سفينة تحمل المشتقات النفطية بمرسى ميناء الزيت بالبريقة.
وظلت محاولات الحكومة الشرعية لحل هذه الأزمة تحت إطار الترقيعات والمهدئات، وكان آخرها السماح لشركة مصافي عدن باستيراد وتسويق المشتقات النفطية وبيعها للسوق المحلية ومنافسة شركة النفط. وبالرغم من خطورة هذه الخطوة، كونها أخلت بالقوانين والأنظمة المنظمة للعلاقة بين الشركتين مما سيحتم انهيارهما خلال فترةٍ قياسية.
ولم يقف موظفو شركة النفط مكتوفي الأيدي أمام الإجراء الحكومي المستحدث، فقد نظموا فعاليات احتجاجية طالبوا من خلالها بسحب القرار الحكومي الأخير والذي بموجبه ستخسر شركة النفط احتكارها لعملية تسويق المشتقات النفطية للسوق المحلية، فيما ستختزل مهام شركة مصافي عدن بتسويق المشتقات النفطية وتخزينها بدلا من أن تقوم بمهامها في رفد الاقتصاد الوطني عن طريق القيام بتكرير النفط الخام.
ولم يستمر العمل بالتوجيه الحكومي لأكثر من أسبوع، فقد عقد رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي أمس السبت اجتماعاً ضم مسؤولي شركتي النفط ومصافي عدن، لمناقشة تطورات أزمة المشتقات النفطية والتي لم تغادر العاصمة المؤقتة منذ قرابة الشهر، وكذا أوضاع الشركتين والعوائق التي تقف أمام عملهما.
وأنهى رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي الاجتماع بإصدار توجيهات قضت بعودة الآلية السابقة والمنظمة بين نشاط الشركتين، والتي بموجبها تقوم شركة مصافي عدن بمهام الاستيراد والتكرير وطرح المناقصات بمشاركة الحكومة ممثلة بوزارتي النفط والمعادن والمالية التي ستدفع قيمة المشتقات، على أن تقوم شركة النفط بمهامها السابقة في تسلم الكميات وتوزيعها وبيعها وإعادة قيمتها للحكومة بالريال اليمني.
حلول مكلفة
يُذكر أن العاصمة المؤقتة عدن لم تشهد منذ تحريرها من ميليشا الانقلابيين منتصف يوليو من العام 2015 أزمة مشتقات نفطية مماثلة، حيث ظلت جاثمة منذ ما يربو على الشهر دون أن تكون هناك أي تحركات حكومية مستعجلة.
وتحدث مواطنون لـ"الموقع بوست" عن وجود كميات من البنزين تباع في عدد ضئيل من المحطات وبسعر أغلى من السعر الرسمي، حيث تباع العبوة سعة 20 لترا بـ4800 ريال يمني بدلا من 3700 ريال يمني.
وأضافوا بأن بقية المحطات لا تزال أبوابها مغلقة أمام مئات المواطنين الذي يقفون إلى جانب سياراتهم منذ أيام دون حراك.
وذكروا بأنه خلال الثلاث الأيام الماضية تم ضخ كميات من المشتقات النفطية عبر شركة مصافي عدن وبالسعر الرسمي، إلا أنها كانت ضئيلة وغير كافية.
وبحسب مصادر تحدثت لـ"الموقع بوست"، فإن المشتقات النفطية التي تباع بسعر مرتفع دخلت العاصمة المؤقتة عدن قادمة من محافظة حضرموت شرقي اليمن.
وذكرت بأنها مستوردة أيضا وكانت مخصصة لتغطية احتياجات محافظة حضرموت وما جاورها.
إلا أن هذه المشتقات النفطية هي الأخرى غير متوفرة بالشكل المطلوب بالرغم من ارتفاع سعرها، حيث أضحت شوارع العاصمة المؤقتة عدن تمتلئ بطوابير طويلة ارتصت بها مئات السيارات.
حالة الاستياء الشعبي العام تتزايد يوما بعد آخر في ظل استفحال أزمة المشتقات النفطية، والتي تمتد انعكاساتها على المنشآت الخدمية، دون أن تلوح في الأفق أي بوادر للحل النهائي عدا وعودًا تقطعها الجهات الحكومية بشكل شبه يومي في محاولة لامتصاص غضب الشارع الذي أضحى مثقلا بالمعاناة والأزمات.