[ محمد بن زايد يرى في الإخوان المسلمين تهديدا للحكم ]
بالعودة إلى برقيات ويكيليكس يظهر أن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد بات يطلق اسم "الإخوان المسلمين" على كل "المتطرفين"، ولكن الأمر بقي في السر حتى ظهر للعلن بحلول الربيع العربي، ففي مارس/آذار 2011 قدم 132 ناشطا ومثقفا إماراتيا مذكرة لرئيس البلاد خليفة بن زايد آل نهيان يطالبون فيها بإجراء إصلاحات سياسية، منها أن يكون انتخاب المجلس الوطني (البرلمان) ديمقراطيا، وأن يتمتع بسلطات تشريعية كاملة.
لكن ما هي إلا أيام حتى بعثت الإمارات -التي تلقت تلك المذكرة- المئات من قواتها إلى البحرين لتلتحق بقوات سعودية بهدف القضاء على احتجاجات ضد الحكومة، وهو ما يشكل أول إجراء إماراتي سعودي لكبح "تقدم" الربيع العربي وللقضاء على الأصوات الناقدة للحكم.
وفي أبريل/نيسان من نفس العام شنت الإمارات حملة اعتقالات بحق الموقعين على المذكرة الذين يمثلون شريحة واسعة من المجتمع من أطباء وأكاديميين، وأعضاء في حركة "الإصلاح" (مرتبطة بالإخوان المسلمين) وذلك بتهم دعم "الفكر الإرهابي" والتآمر للإطاحة بالحكم.
كورتني فرير -وهي مؤلفة كتاب عن نفوذ الإخوان في دول الخليج- قالت للجزيرة إن "حملة الإمارات ضد الإصلاح ليست قائمة على المستوى الحقيقي لتهديدها أو شعبيتها، بل على حسابات الإمارات - خاصة ابن زايد- بأن الإسلام السياسي مهما كان يشكل تهديدا أساسيا للاستقرار الحكومي والأمني".
وتضيف الكاتبة "نتيجة لذلك فإن الحركات الإسلامية اليوم تراجعت إلى الخلف، وسط مساع لتعزيز ما يسمى الإسلام المعتدل".
هذه الحملة الإماراتية كانت مقدمة لإجراءات تتحدى كل الحركات المرتبطة بالإخوان المسلمين، بما في ذلك دعم الثورة المضادة في أكبر دولة عربية وهي مصر.
حصار قطر
والحصار المفروض على قطر منذ نحو عام يبدو أنه مدفوع إلى حد ما بموقف أبو ظبي المعارض لكل شخص أو مؤسسة أو حكومة تؤيد "الإسلام السياسي"، وهو ما تضعه الإمارات في إطار "التطرف"، ففي أعقاب الانتخابات التي تلت الربيع العربي فازت عدة أحزاب مرتبطة بالإخوان المسلمين (بدرجات متفاوتة) كما حدث في تونس ومصر والمغرب والأردن والكويت.
كريستيان أولريتشسين -وهو زميل باحث في معهد بيكر للسياسات العامة بجامعة رايس ومؤلف كتاب "الإمارات العربية المتحدة.. السلطة والسياسة وصنع السياسات"- يقول للجزيرة إن الإمارات وقطر اتبعتا منذ 2011 سياسات قد تكون متناقضة في بعض الأحيان.
وأشار إلى أن موقف أبو ظبي من سياسات قطر تجاه الربيع العربي كان الدافع وراء تجدد الخلاف عامي 2014 و2017، وأن محمد بن زايد عمل عن قرب مع ولي عهد السعودية محمد بن سلمان لتقديم جبهة موحدة ليس فقط بشأن حصار قطر، ولكن أيضا بشأن الحرب في اليمن.
وكان المسؤولون الأميركيون -وفق برقيات ويكيليكس- قد أشاروا إلى أن ولي عهد أبو ظبي عامة يطلق عبارة "الإخوان المسلمين" على جميع "المتطرفين"، سواء الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة أو الحركات الشعبية التي تمارس انتخابات ديمقراطية في المنطقة.
وبحلول عام 2014 أصبح هذا التعريف الواسع "للمتطرفين" مقبولا بعد أن صنفت السعودية الإخوان المسلمين منظمة إرهابية.