قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن دولة قطر تنفق 200 مليار دولار على بنيتها التحتية وتستعيض عن الاستيراد من الجيران بفتح طرق تجارية جديدة وإنشاء مشروعات الاكتفاء الذاتي التي بدأت منتجاتها تدخل السوق المحلية.
وأشارت الصحيفة إلى الحركة القوية لإنشاء مدينة لوسيل الجديدة شمالي الدوحة والتي قالت إنها ستؤوي حوالي 200 ألف شخص، وإلى ملعبها الرياضي الضخم الذي يتسع لـ80 ألف متفرج، مع ملاعب أخرى عديدة اقترب موعد اكتمالها.
ووصفت العاصمة القطرية الدوحة بأنها تتحول بسرعة من صحراء مغبرة إلى محور عالمي، قائلة إن الحكومة القطرية تتجاوز آثار الحصار باستمرارها في الإنفاق الضخم على برامج تنمية البنية التحتية، بما فيها بناء الطرق والسكك الحديدية، كما أن الحكومة وجهت بتحويل 50 مليار دولار من صندوق ثروتها السيادية واحتياطيها لحماية قطاعها المصرفي وسعر تبادل عملتها.
ونسبت الصحيفة إلى المدير الإقليمي لصندوق النقد الدولي جهاد عزور قوله إن قطر استطاعت أن تتعامل مع الأزمة بعدة تدابير للتعويض عن المخاطر التجارية والمالية.
أفقدها الكثير
وأشارت الصحيفة إلى أن حصار قطر الذي فرضه عليها جيرانها بالإضافة إلى مصر قطع خطوط إمدادها الرئيسية -البرية مع السعودية والبحرية مع دولة الإمارات- وأفقدها خطوطا جوية تساوي 20% من مقاعد تبيعها الخطوط الجوية القطرية التي هددت بمقاضاة هذه الدول.
وتوقعت الصحيفة أن يتبدل العجز المالي الذي بلغ 1.6% من الناتج الإجمالي المحلي إلى فائض تبلغ نسبته 2.8% هذا العام نظرا إلى ارتفاع أسعار النفط الخام التي أصبحت تقترب حاليا من 80 دولارا للبرميل.
ووصفت النمو في القطاعات غير النفطية الذي بلغ 4% هذا العام بأنه أفضل من النسب التي حققتها دول الحصار، لكنها ليست بأفضل من النمو القطري عندما كانت نسبته 12% في الفترة من 2000 إلى 2014.
وتقوم قطر حاليا، وهي التي تُعد أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، بتوسيع تعاقداتها على بيع الغاز بصفقات طويلة المدى، وهذه المرة مع بنغلاديش وفيتنام، وإبرام شراكات مع القطاع الخاص، وتخفيف القيود على الاستثمار الأجنبي، كما تأمل في اجتذاب المزيد من السياح بتخفيف قيود تأشيرات الدخول.
بطل شعبي
وأشارت إلى أن أمير دولة قطر تميم بن حمد (37 عاما) قد أصبح بطلا شعبيا، حتى المقيمون الأجانب درجوا على عرض صوره على سياراتهم أو مساكنهم، ونقلت عن هيا الوليد آل ثاني الطالبة بجامعة جورج تاون بالدوحة القول إن الحصار وحّد البلاد والمواطنين والمقيمين والطلاب، مضيفة أنه حتى إذا انتهى الحصار فإنهم لن يزوروا دولَه لسنوات، لأن القطريين فقدوا الثقة بها.
وقالت فايننشال تايمز إن القيادة القطرية، ورغم الاتفاق عام 2014 مع السعودية والإمارات والبحرين، أنشأت مخزونا غذائيا إستراتيجيا توقعا ليوم يستخدم فيه جيرانها الحظر لتحويلها إلى جزيرة معزولة. وعندما بدأ الحصار، دفع القلق -الذي نشأ أول الأمر- السكان إلى إفراغ المتاجر، لكنها ما لبثت أن امتلأت بعد ساعات من المخزون الإستراتيجي.
خطوط إمداد جديدة
ومنذ ديسمبر/كانون الأول 2016، ظلت قطر تعيد تشكيل خطوط إمدادها، حيث أقامت عشرة خطوط مباشرة إلى دول تتراوح بين سلطنة عمان وتركيا والهند والصين.
وقالت الصحيفة إن التركيز على "الأمن الغذائي" بعث في قطر شعار "البديل للاستيراد" القديم، لتعويض البضائع المستوردة ببضائع منتجة بالداخل. فأصبحت المتاجر التي كانت من قبل تكتظ بالخضراوات والمنتجات الزراعية ومنتجات الألبان السعودية، ممتلئة حاليا بالحليب والزبادي من الأبقار المحلية، وبفواكه من إيران وخضراوات من بنغلاديش. وأصبح القطريون يربون الحيوانات ويزرعون خضراواتهم بأنفسهم لبيعها في السوق المحلية.
ونسبت إلى وزير التجارة والاقتصاد السابق الشيخ محمد آل ثاني قوله "نستطيع تحمل هذا الحصار، نعلم أننا نكسب وأنهم يخسرون".