[ غندور تحدث بصورة غير متوقعة عن أزمة مالية حادة تواجهها بعثات بلاده الخارجية (رويترز) ]
أصدر الرئيس السوداني عمر البشير أمس الخميس قرارا جمهوريا مفاجئا أعفى بموجبه إبراهيم غندور من منصبه وزيرا للخارجية، دون ذكر أية أسباب للإقالة. وفاجأ قرار البشير كثيرا من المتابعين السودانيين لكون غندور من الذين يحظون بثقة الرئيس السوداني في غالب الملفات الخارجية المهمة، مثل تطور العلاقة مع الولايات المتحدة والغرب عموما.
ويقول متابعون إن شكوى غندور (66 عاما) في البرلمان من مشاكل مالية تعانيها بعثات السودان الدبلوماسية في الخارج هي السبب المباشر الذي عجل بإزاحته، بعد كشفه لكثير مما كانت تخفيه الحكومة السودانية.
وكان غندور تحدث أمام أعضاء البرلمان أمس عن أزمة مالية حادة تواجه بعثات البلاد الخارجية دفعت عددا من الدبلوماسيين لطلب العودة إلى البلاد نسبة للظروف التي تعيشها أسرهم، لافتا إلى أن مستحقات البعثات الدبلوماسية السودانية في الخارج بلغت ثلاثين مليون دولار.
البنك المركزي
وشكا وزير الخارجية السوداني المقال -بصورة لم تكن منتظرة من الحكومة كما يقول نواب برلمانيون- من مماطلة البنك المركزي في دفع مرتبات البعثات الدبلوماسية وإيجار مقار سكنها. وكشف أن الدبلوماسيين لم يتسلموا رواتبهم منذ سبعة أشهر، مستنجدا بالمجلس الوطني (البرلمان) للإسراع في معالجة الأمر، وقال إن وزارة الخارجية تعمل في ظروف بالغة التعقيد.
وأضاف "أنا آسف أن أعلن هذا الكلام أمام الملأ، لكن اضطرتني الظروف"، وتابع "أنا أستنجد بالبرلمان للتدخل لحل المسألة، لأن وزارة الخارجية قامت بما يليها من إجراءات كاملة، لكن المسألة الآن لدى بنك السودان".
وذكر غندور أن الرئيس البشير ورئيس مجلس الوزراء بكري حسن صالح تحدثا مع محافظ البنك المركزي حازم عبد القادر، "لكن يبدو أن هناك من يعتقد أن مرتبات وإيجارات السفارات ليست ذات أولوية".
مثلث حلايب
كما تحدث الوزير المقال عن علاقات بلاده مع مصر بلهجة قوية، حيث أكد أن منطقة حلايب المتنازع عليها بين البلدين "أرض سودانية 100%"، وأضاف أن "القوات المسلحة السودانية ظلت موجودة في حلايب منذ العام 1995، وهي شكل من أشكال السيادة السودانية على حلايب".
وأضاف غندور أن السودان "فضل إبقاء قواته في حلايب بدل الانسحاب منها، والإعلان مباشرة أنها أرض محتلة، لذلك كان خيارنا بقاء قواتنا المسلحة كرمزية لسيادة السودان على حلايب".
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بآراء مختلفة تجاه إقالة غندور، إذ تحسر بعضها على ما آل إليه حال السودان، بينما استغرب بعضها الآخر ما يجري في مؤسسات الدولة التي تغرد كل واحدة منها بعيدة عن الأخرى.
دولة حازم
ورأى أبو مهند العيسابي في زاويته بموقع "النيلين" الإلكتروني في إقالة وزير الخارجية السوداني "فضيحة كبرى صادمة كشفت عن دولة حازم داخل الدولة"، في إشارة إلى محافظ البنك المركزي.
وتساءل العيسابي كيف لوزارة مالية تدفع مستحقات البعثات للبنك المركزي الذي يخاطبه رئيس الجمهورية عدة مرات والنائب الأول كذلك، ويأبى المحافظ سداد المستحقات.
ويضيف "والله إنني حزنت لوقفة غندور هذه منفجرا من الألم مستنجدا، والتي فسرت تماما لماذا استقال الرجُل قبل أشهر وتم إثناؤه عن الاستقالة".
وأما موقع "باج نيوز" الإلكتروني فقد وصف إقالة غندور بأنها دق لناقوس الخطر جراء الوضع الذي تعيشه البعثات الدبلوماسية في الخارج.
ويشير متابعون إلى أن الإقالة تفتح الباب أمام عدة تساؤلات بشأن ما يدور من صراع داخل مؤسسات الدولة وداخل الحزب الحاكم، خاصة أن غندور نفسه سبق أن أشار إلى صراعات حزبه الذي تسعى بعض الجهات داخله إلى إبعاده عن وزارة الخارجية.
ويقول مراقبون إن حديث غندور عن تفضيل السودان إبقاء جيشه في مثلث حلايب حتى لا يعلنها منطقة محتلة؛ قد يكون من بين الأسباب التي دفعت الرئيس السوداني لإعفائه من منصبه.
يشار إلى أن غندور تقلد وزارة الخارجية في يونيو/حزيران 2015، وقبلها عين في منصب أمين الإعلام بحزب المؤتمر الوطني الحاكم، ثم أمين العلاقات الخارجية فيه، وتولى منصب مساعد الرئيس السوداني أواخر 2013 إلى حين توليه الوزارة.