بدأ مسلحو المعارضة السوريون في الانسحاب من عدة بلدات في معقلهم السابق في الغوطة الشرقية، السبت 25 مارس/آذار 2018، لتتسلمها قوات الأسد بحيث لم يتبق سوى مدينة دوما المحاصرة كآخر معقل لهم هناك.
يأتي ذلك بعد هجوم استمر شهراً أدى إلى تدمير الغوطة الشرقية التي كانت من أول مراكز الثورة التي اندلعت في 2011، وآخر معقل لمسلحي المعارضة قرب العاصمة دمشق.
وبدأت عشر حافلات تقل مسلحين وأسرهم ومدنيين آخرين في مغادرة الغوطة الشرقية بعد حلول الظلام فيما يمثل طليعة قافلة حافلات تتجه نحو شمال غربي سوريا.
يأتي ذلك بعد أن غادر آلاف المسلحين وأسرهم حرستا المجاورة بالحافلات، الجمعة، بعد اتفاق مشابه مع قوات النظام السوري لتسليم المدينة. ووافق مسلحو المعارضة في بلدات أخرى صغيرة قريبة على المغادرة بشروط مشابهة.
واصطفَّت الحافلات عند نقطة عبور قبل أن تدخل إلى الغوطة، وسارت على طريق كان في السابق يمتد عبر خطوط قتال، بعد تطهيره من الحواجز والحطام والذخائر التي لم تنفجر.
وأفرجت المعارضة عن بعض الأسرى، وأظهرت لقطات نقلها التلفزيون خروجهم في حافلة صغيرة.
وقالت وسائل إعلام رسمية، إن قوات النظام تتقدم في البلدات التي انسحب منها مسلحو المعارضة، استعداداً لخروجهم.
ويعني ذلك أن دوما فقط هي المتبقية تحت سيطرة مسلحي المعارضة في الغوطة الشرقية، التي كانت المعقل الرئيسي للمعارضة المسلحة قرب العاصمة دمشق. وقالت الأمم المتحدة قبل شهر، إن 400 ألف شخص يعيشون في الغوطة الشرقية.
ويشهد هجوم قوات الأسد لاستعادة السيطرة على المنطقة أحد أعنف عمليات القصف الجوي والمدفعي، في الحرب التي دخلت عامها الثامن. ويقول المرصد السوري إن الحملة العسكرية هناك أسفرت عن مقتل أكثر من 1600 شخص.
واتّهم سكان وجماعات معنية بحقوق الإنسان قوات النظام باستخدام أسلحة تقتل بشكل عشوائي، وهي براميل متفجرة تسقطها طائرات هليكوبتر وتفتقر للدقة في إصابة أهدافها، إلى جانب استخدام غاز الكلور ومواد حارقة تتسبب في نشوب حرائق.
وينفي بشار الأسد وحليفته المقربة روسيا، التي تقدم يد العون لحملته الجوية، استخدام كل تلك الأسلحة. وتقول دمشق وموسكو إن هجومهما ضروري لإنهاء حكم إسلاميين متشددين على مدنيين في المنطقة.
إجلاء
وقال مسلحون في المعارضة ووسائل إعلام رسمية، إن نحو 7 آلاف شخص، بينهم مسلحون وأسرهم ومدنيون آخرون لا يريدون البقاء تحت حكم الأسد سيغادرون بلدات زملكا وعربين وعين ترما وجوبر، اعتباراً من اليوم.
وسيتوجَّه المغادرون إلى محافظة إدلب في الشمال الغربي، وهي مقصد الكثير من عمليات "الإجلاء" بعدما أجبر الحصار والهجمات البرية العديد من جيوب المعارضة على الاستسلام في العامين الماضيين.
لكن المغادرة لن تعني نهاية معاناتهم من الحرب، فقد كثفت قوات النظام السوري وروسيا من الغارات الجوية على إدلب على مدى الأسبوع المنصرم، مما أسفر عن مقتل العشرات.
كما تشهد إدلب اضطرابات بسبب اقتتال بين جماعات في المعارضة المسلحة. وقتل 7 أشخاص على الأقل وأصيب 25 اليوم، في انفجار بمقر جماعة كانت مرتبطة بتنظيم القاعدة.
وقال المرصد إن هناك مفاوضات مع جماعة جيش الإسلام، التي تسيطر على دوما لإطلاق سراح أسرى.
وقال مسلحون في المعارضة، الجمعة، إن روسيا ستضمن عدم تعرض المدنيين الباقين في المناطق التي استعادها نظام الأسد للملاحقة القانونية. لكن جماعات معنية بحقوق الإنسان قالت إن بعض الرجال ربما أجبروا على التجنيد بعد فرارهم من القتال.
ونقل تلفزيون الحدث عن وائل علوان، المتحدث باسم جماعة فيلق الرحمن التي كانت تسيطر على زملكا وعربين وعين ترما وجوبر قوله، إنه لا يثق بالضمانات الروسية.
وأظهرت لقطات صوَّرتها كاميرا للجيش الروسي في معبر الوافدين قرب دوما مجموعات صغيرة من المدنيين، تواصل الفرار، اليوم السبت، نحو مناطق تسيطر عليها الحكومة خوفاً من تنفيذ الجيش مزيداً من عمليات القصف. وحمل الفارّون أطفالهم وأكياساً تضم متعلقاتهم.
وقال الجيش الروسي، السبت، إن أكثر من 105 آلاف شخص غادروا الغوطة الشرقية، بينهم أكثر من 700 اليوم.
وفرَّ عشرات الآلاف من منازلهم خلال الأسبوع المنصرم، مع تكثيف القصف على دوما، فيما وجد نازحون من مناطق أخرى في الغوطة الشرقية الأقبية التي يلجأ إليها السكان للاحتماء من القنابل مكتظة ولا تسعهم.