قالت صحيفة "هآرتس" إنه رغم محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا فإن إسرائيل تواصل اتصالاتها مع أنقرة كالعادة، مع متابعتها الدقيقة لما سماها "الدراما" التي شهدتها تركيا في الأيام الأخيرة.
وحافظت إسرائيل على صمتها الكامل حتى نهاية محاولة الانقلاب، وقد أرسلت تل أبيب إلى أنقرة رسالة قصيرة لكنها واضحة، وأنها ما زالت تريد تطبيع العلاقات معها، وليس هناك من طرف إسرائيلي معني باستغلال محاولة الانقلاب لإلغاء اتفاق المصالحة بينهما.
وأوضحت الصحيفة أن الكثيرين ممن شاركوا في غرفة تقدير الموقف التابعة لوزارة الخارجية الإسرائيلية انتابتهم مشاعر مختلطة منذ ليلة الجمعة الماضي حين بدأت أخبار محاولة الانقلاب، حيث تم إبلاغ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بالتفاصيل أولا بأول، وعاشت الوزارة حالة استنفار مكثف مع الدبلوماسيين الإسرائيليين في تركيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن تقييم الموقف في وزارة الخارجية الإسرائيلية اتخذ مسارين؛ فمن جهة لن تجد أحدا في الحكومة الإسرائيلية يذرف دمعة فيما لو استيقظ صباح السبت على نبأ يفيد بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وجد نفسه في المعتقل، بدلا من الاحتفال مع أنصاره بالإطاحة بالانقلاب، في مطار إسطنبول.
من جهة ثانية، كان يمكن لو نجح الانقلاب أن تتضح حجم خيبة الأمل في إسرائيل لأنها وقعت اتفاقا لتعويض القتلى الأتراك في حادث مرمرة بقيمة عشرين مليون دولار مع زعيم لم يعد ذا صلة.
هوية جديدة
فيما قال مبعوث صحيفة هآرتس إلى إسطنبول أن نجاح أردوغان في إفشال محاولة الانقلاب الأخيرة سيفتح الباب واسعا أمام صراع جديد على هوية تركيا الجديدة، في استعادة لما شهده ميدان تقسيم وسط إسطنبول قبل ثلاث سنوات.
وأشار الخبير الإسرائيلي في الشؤون العربية تسفي بارئيل في مقال له بصحيفة هآرتس إلى أن الملاحظة المثيرة في محاولة الانقلاب الأخيرة تتمثل في أن المعارضة التركية ووسائل الإعلام والأحزاب أعلنت رفضها لمحاولة الانقلاب الفاشلة، مما يعني منح أردوغان استقرارا في حكمه، من خلال المعانقة التي قام بها زعماء المعارضة بعضهم لبعض تنديدا بالانقلاب.
وأضاف أن أسئلة عديدة ستبقى مطروحة في قادم الأيام حول كيفية نجاح كل هذا العدد من الضباط والجنود في التخطيط والإعداد لهذا الانقلاب دون نجاح المخابرات التركية التابعة لأردوغان في كشفها مسبقا.
وختم بالقول "رغم أن التصدي للانقلاب يشير إلى أن تركيا لم تعد بحاجة لإجراء انتخابات عامة لمعرفة ما الذي يريده الشعب التركي في ظل الدعم الذي حظي به أردوغان، فإن إفشال الانقلاب من قبل الشارع التركي أظهر أنه مسيطر عليه من قبل أنصار السلطة، وهو ما قد يدفع أردوغان لاتخاذ خطوة سريعة تتمثل بالدعوة لإجراء انتخابات مبكرة لزيادة قوته، وسن قوانين جديدة كان يسعى لها منذ زمن بعيد".
أما الخبيرة الإسرائيلية الشهيرة في السياسة التركية غاليا ليندين شتراوس فقالت في هآرتس إن أردوغان سينجح عقب إفشال محاولة الانقلاب في تحويل نفسه زعيما للأتراك جميعا، ويحقق حلمه القديم الجديد، من خلال إضعاف التأثير السياسي الذي كان يحظى به الجيش التركي منذ زمن بعيد، وهو الهدف الذي كان يعده الأسمى فور اعتلائه للسلطة منذ عام 2002.
وأضاف أن محاولة الانقلاب الفاشلة كانت مناسبة جديدة لإثبات قدرة أروغان على البقاء رغم ما مر به من تحديات، وأهمها شعوره الملازم له دائما بأن الجيش يسعى للإطاحة به من السلطة، وهذه هي المرة الثانية التي يواجه بها أردوغان انقلابا عسكريا، بعد المرة الأولى عام 2007.