اتهم المجلس العسكري التابع لقادة الانقلاب في النيجر فرنسا بخرق المجال الجوي المغلق، وفي حين نصحت السفارة الأميركية في نيامي مواطنيها بالاحتماء في مواقعهم وتجنب عبور وسط المدينة ومنطقة القصر الرئاسي، أعلنت نيجيريا فرض مزيد من العقوبات على النيجر.
واتهم قادة الانقلاب فرنسا بزعزعة الاستقرار في البلاد، وقالوا إن طائرة فرنسية انتهكت المجال الجوي للبلاد الذي أعلن المجلس العسكري إغلاقه قبل أيام.
ووفق بيان لما يعرف بـ "مجلس إنقاذ الوطن" النيجري، فإن "فرنسا أطلقت بشكل فردي سراح إرهابيين سجناء"، مشيرا إلى أن "الجهاديين الذين أطلقت سراحهم فرنسا شاركوا في اجتماع تخطيط لتنفيذ هجمات على مواقع عسكرية في منطقة الحدود التي تجمع الدول الثلاث غربي البلاد: النيجر وبوركينا فاسو ومالي".
وقال العقيد عبد الرحمن أمادو، الناطق باسم "مجلس حماية الوطن" الذي شكله قادة الانقلاب، إن القوات الفرنسية خرقت المجال الجوي للنيجر وأطلقت سراح إرهابيين، ما أسفر عن تعرض مواقع للحرس الوطني لهجمات "إرهابية".
من جهتها، كذبت باريس بشكل قاطع اتهامات القادة الحاليين للنيجر، وقالت إن الرحلة الجوية التي قامت بها هذا الصباح تم تنسيقها مع جيش النيجر، كما نفت أي إطلاق لسراح "إرهابيين"، وفق ما صرح به مصدر حكومي فرنسي لوكالة الصحافة الفرنسية.
في السياق ذاته، نقلت وسائل إعلام أميركية عن السفارة الأميركية في النيجر دعوتها رعاياها في النيجر إلى الاحتماء في أماكنهم.
وقال بيان للسفارة إنه مع استمرار إغلاق الحدود والمجال الجوي للبلاد، فإنها تنصح الرعايا الأميركيين بعدم عبور وسط المدينة ومنطقة القصر الرئاسي التي قد تشهد انتشارا عسكريا أوسع، بحسب البيان.
تحركات سياسية
في غضون ذلك قال مصدر بحكومة نيجيريا إن المجلس العسكري بالنيجر التقى بمبعوثين اثنين للرئيس النيجيري ورئيس المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) بولا تينوبو في عاصمة النيجر نيامي اليوم الأربعاء.
وتأتي هذه التطورات قبيل اجتماع للقمة الاستثنائية لمجموعة (إيكواس) غدا الخميس.
وأعلنت إيكواس رسميا إخفاق مهمة البعثة المشتركة بعد اتصال من السلطات العسكرية في النيجر أبدت فيه عدم استعدادها لاستقبال الوفد الثلاثي.
وشددت مجموعة إيكواس على أنها مستمرة في اتخاذ جميع التدابير من أجل استعادة النظام الدستوري في النيجر.
وأكد رئيس نيجيريا بولا أحمد تينوبو، الذي يتولى حاليا رئاسة إيكواس، مساء أمس الثلاثاء أن الدبلوماسية تبقى "أفضل سبيل" يمكن اتباعه، من دون استبعاد تدخل عسكري، وفق ما أفاد المتحدث باسمه أجوري نغيلالي، مشددا على أن المنظمة "لم تستبعد أي خيار".
وأدلى تينوبو بموقفه مساء الأحد الماضي مع انتهاء مهلة من 7 أيام حددتها المنظمة في 30 يوليو/تموز الماضي للانقلابيين في نيامي.
يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه نيجيريا فرض مزيد من العقوبات على النيجر.
وقال المتحدث باسم الرئاسة في نيجيريا إن العقوبات شملت أفرادا وكيانات مرتبطين بالمجلس العسكري في النيجر من خلال البنك المركزي النيجيري.
وتندرج هذه العقوبات النيجيرية في سياق رفض المجلس العسكري في النيجر السماح بدخول وفد مشترك من مجموعة "إيكواس" والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة.
"ظروف قاسية"
من جانبها، قالت الخارجية الأميركية إن الوزير أنتوني بلينكن أجرى محادثات هاتفية مع رئيس النيجر المحتجز محمد بازوم، بحث خلالها زيارة المبعوثة الأميركية لنيامي، وأكد دعم واشنطن المستمر لبازوم.
وكان بلينكن أكد، في منشور له، استمرار الجهود الأميركية لإيجاد حل سلمي للأزمة الدستورية في النيجر، وأضاف أن الولايات المتحدة تتابع اتصالاتها لإطلاق سراح الرئيس النيجري المحتجز وعائلته.
وفي وقت لاحق قالت الخارجية الأميركية إنها تدرس عددا من الخيارات المتعلقة بسياسات الولايات المتحدة تجاه النيجر، مشيرة إلى أن واشنطن تتواصل مع شركائها في المنطقة والحكومات الأخرى وغيرهم لمحاول التوصل إلى مسار مختلف يؤدي إلى عودة النظام الدستوري.
وقالت المبعوثة فيكتوريا نولاند الاثنين الماضي إنها زارت نيامي وأجرت محادثات "صريحة وصعبة" مع كبار مسؤولي المجلس العسكري.
وذكرت نولاند في إفادة للصحفيين أن مسؤولي المجلس العسكري لم يقبلوا الاقتراحات الأميركية لمحاولة استعادة النظام الديمقراطي، وأن طلبها لقاء بازوم قوبل بالرفض.
في السياق ذاته، قال حزب رئيس النيجر المعزول محمد بازوم اليوم الأربعاء إن بازوم وعائلته محتجزون في ظروف "قاسية" و"غير إنسانية" في مقر إقامتهم، حيث لا توجد مياه جارية ولا كهرباء ولا يمكنهم الحصول على سلع طازجة أو الوصول للأطباء.
ودعا حزب "النيجر من أجل الديمقراطية والاشتراكية" في بيان إلى تعبئة وطنية لإنقاذهم.
كما نقلت شبكة "سي إن إن" الأميركية عن رئيس النيجر المحتجز قوله إنه يعيش بدون كهرباء منذ أسبوع.
وفي سلسلة رسائل نصية لأحد أصدقائه اطلعت عليها الشبكة، قال بازوم إنه محروم من أي اتصال بشري منذ يوم الجمعة الماضي، وإن أحدا لم يمدّه بالطعام أو الدواء.
من جانبه، قال أليكسي زايتسيف نائب مدير قسم المعلومات والصحافة بالخارجية الروسية إنه من غير المرجح أن يسهم التدخل العسكري من قبل قوات إيكواس باستقرار الوضع في النيجر.
وأضاف أن موسكو ترى أنه من المهم الحيلولة دون تطور الأوضاع الراهنة، ومنع تصعيد التوتر.