أدت التحذيرات من هجوم محتمل، على محطة زابوريجيا النووية، التي تسيطر عليها القوات الروسية، جنوب شرق أوكرانيا، إلى فرار العديد من السكان إلى مناطق مجاورة، وسط مخاوف من تكرار كارثة مفاعل تشيرنوبل.
وتعد زابوريجيا أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا، وتسيطر القوات الروسية عليها منذ آذار/ مارس، وكانت المحطة هدفا لقصف تتبادل موسكو وكييف الاتهام بتنفيذه، منذ نهاية تموز/ يوليو.
ومع سيطرة روسيا على المحطة، فقد أدت معركة شرسة بالأسلحة النارية مع القوات الأوكرانية إلى اندلاع حريق بالمحطة، ما أثار قلقا دوليا بشأن تسرب إشعاعي "كارثي".
وظهرت مخاوف جديدة من إمكانية "وقوع كارثة نووية محتملة"، بعدما تبادلت روسيا وأوكرانيا "التحذيرات من إمكانية شن الطرف الآخر هجوما زائفا على المحطة"، بهدف تحميل الطرف الثاني "مسؤولية الهجوم" أمام المجتمع الدولي وفقا لتقارير غربية.
وتمتلك أوكرانيا 15 مفاعلا نوويا عاملا، وزودت تلك المفاعلات البلاد بـ51 في المائة من احتياجاتها من الكهرباء عام 2020، وفقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وتقع محطة زابوريجيا على حافة مدينة إنرهودار بجنوب شرق أوكرانيا، وتضم المحطة ستة من المفاعلات الموجودة في أوكرانيا.
وبدأت مفاعلات المحطة العمل في الفترة بين عامي 1984 و1995، ويمكنها مجتمعة بكامل طاقتها إنتاج 5700 ميغاواط من الكهرباء.
ومنذ استولت القوات الروسية على المحطة في آذار/ مارس، ظهرت مخاوف من وقوع كارثة نووية قائمة، بعد اندلاع النيران في جزء من المجمع النووي.
ووقتها تم إخماد الحريق، ولم يسجل المراقبون الدوليون "إطلاق مادة مشعة"، لكنها كانت المرة الأولى التي ينشب فيها القتال حول محطة طاقة نووية نشطة، ما يغذي القلق في جميع أنحاء العالم.
وفي سياق متصل، كشف تقرير لصحيفة "إندبندنت" عن عمليات تعذيب واختفاء وعمل قسري، في سجن "يختفي فيه الأسرى"، وهو سجن أقامته القوات الروسية في أوكرانيا، ويسمى "أولينيفكا".
وذكر التقرير روايات عن أشخاص أوكرانيين كانوا مسجونين في أولينيفكا.
وقال التقرير إن "الجنود الانفصاليين، قاموا بتسليم ثلاثة أسرى أوكرانيين مجرفة وأمروهم بحفر قبورهم وتم توقيف الرجال الثلاثة - وجميعهم من المدنيين المتطوعين في المجال الإنساني - عند نقطة تفتيش أثناء محاولتهم إنقاذ أفراد عائلاتهم من مدينة ماريوبول المحاصرة".
وأضاف: "أخذ الجنود الانفصاليون، وهم من جمهورية دونيتسك الشعبية المدعومة من روسيا، الأسرى الثلاثة معصوبي الأعين إلى السجن"، ونقلت عن شخص سمي "أركادي"، وهو متسلق محترف يبلغ من العمر 31 عاما: "أخبرونا أن الرجال المدفونين هناك قالوا أيضا إنهم متطوعون، لكن عندما تم فحص هواتفهم المحمولة، كانوا عسكريين". وسجن أركادي لأكثر من 100 يوم في أولينيفكا.
وتم اعتقال أركادي بعد أسابيع قليلة من الغزو الروسي لأوكرانيا. ويقول أركادي، وهو من ماريوبول، إنه كان واثنين من أصدقائه يحاولون للمرة الثانية زيارة المدينة الساحلية الاستراتيجية لإنقاذ أقاربهم.
وأوقفهم الجنود، وتم اقتيادهم إلى منزل مهجور حيث تعرضوا للضرب، وأجبروا على النوم في حفرة بالخارج في درجات حرارة دون الصفر، وجوعوا، وأجبروا لمدة يومين على حفر قبورهم بأنفسهم.
وقال أركادي "ظلوا يهددون بقتلنا، لم نكن نعرف ما إذا كانوا سينفذون ذلك... لقد واصلنا الحفر".
أخيرا، نجا الرجال من الإعدام وبدلا من ذلك تمت تغطية وجوههم وتقييد أيديهم وضربهم ونقلهم بين عدة مراكز احتجاز مزدحمة وبائسة. وفي النهاية تم اعتقالهم في أولينيفكا، جنوبي مدينة دونيتسك المحتلة، وفقا للصحيفة.
ومن بين آلاف السجناء من الذكور والإناث المحتجزين في أولينيفكا، كان هناك الجنود الأوكرانيون الذين استسلموا في مايو لروسيا (كتيبة آزوف) بعد مواجهة في مصنع آزوفستال للصلب في ماريوبول، بما في ذلك، كما يقول الشهود، المواطن البريطاني جون هاردينغ.
وتقول الصحيفة "كانت المنشأة المتهدمة المترامية الأطراف (أولينيفكا) غير معروفة دوليا حتى صباح 29 يوليو، عندما أدى انفجار إلى مقتل ما لا يقل عن 50 أسير حرب أوكراني، وألقت روسيا وأوكرانيا باللوم على بعضهما في الهجوم".
ويقول المعتقلون المدنيون إنهم بمجرد أسرهم لم يكن لديهم اتصال مباشر بالعالم الخارجي.
وقال أركادي، الذي أطلق سراحه قبل بضعة أسابيع: "لم تكن والدتي تعرف أي شيء منذ ما يقرب من الشهر. اكتشفت ذلك فقط من خلال شخص آخر أطلق سراحه".
ونفت روسيا بشدة وبشكل متكرر أن تكون قواتها، أو القوات الانفصالية التي تدعمها، قد انتهكت القانون الدولي في أوكرانيا. وبدلا من ذلك، فإنها اتهمت كييف بتعمد ارتكاب جرائم حرب لتشويه سمعة موسكو وكسب الدعم الغربي.
*عربي21