أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية مقتل 22 مسلحا من طالبان في غارة نفذتها القوات الأفغانية في ولاية بغلان شمالي البلاد، في حين شهدت تخوم مدينة مزار شريف معارك محتدمة بين القوات الحكومية ومقاتلي الحركة بعد أن أعلنت الأخيرة سيطرتها على مدينة أيباك عاصمة ولاية سمنغان.
وفي حين تستعد الدوحة لاستضافة اجتماع الترويكا بشأن السلام في أفغانستان غدا الثلاثاء، قالت برلين إنه لا يمكن هزيمة حركة طالبان إلا بمهمة قتالية أخرى بينما قالت القيادة الوسطى الأميركية -للجزيرة- إن قواتها شنت غارات جوية في الأيام الماضية في أفغانستان دفاعا عن الشركاء الأفغان.
وفي حين أعلنت طالبان مهاجمة مدينة مزار شريف مركز ولاية بلخ من محاور عدة، نفت السلطات المحلية اقتحام مسلحي الحركة للمدينة.
وقال المتحدث باسم حاكم ولاية بلخ، منير فرهاد، إن اشتباكات وقعت بين القوات الأفغانية ومسلحي طالبان في مديرية دهدادي في الولاية. في حين قال مصدر بوزارة الدفاع الأفغانية -للجزيرة- إن قائد القوات الأفغانية في ولاية بلخ عاد إلى العاصمة كابل من دون ذكر سبب ذلك.
توسع مستمر
وفي وقت سابق اليوم، قال مراسل الجزيرة إن طالبان سيطرت على مدينة أيباك عاصمة ولاية سمنغان، لتنضم إلى عدة عواصم للولايات التي سيطرت عليها الحركة خلال الأيام الثلاثة الماضية.
وأعلن المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، على تويتر أن قوات الحركة سيطرت على منطقة حضرة السلطان ومقار حكومية في سمنغان الواقعة شمالي البلاد.
وأضاف أن الحركة تهاجم مدينة مزار شريف -عاصمة ولاية بلخ- من 4 جهات وأن القتال مستمر، موضحا أن آخر المعلومات تفيد بدخول مسلحي الحركة إلى المدينة من ناحية كوتا برق.
كما قال المتحدث باسم طالبان -في تغريدة على تويتر- إن مسلحي الحركة سيطروا على قاعدة عسكرية للقوات الأفغانية في منطقة رباط بولاية باكتيكا.
وكانت حركة طالبان قد أعلنت أمس الأحد سيطرتها على مراكز 3 ولايات ليرتفع العدد إلى 6 في غضون 24 ساعة، والمراكز الثلاثة هي مدينة قندوز عاصمة ولاية تحمل الاسم نفسه، ومدينة ساري بول (شمال) عاصمة ولاية تحمل الاسم نفسه، ومدينة طالقان عاصمة ولاية تخار (شمال) المحاذية لطاجيكستان.
وقال المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان -محمد نعيم- للجزيرة إن الحكومة الأفغانية من اختارت الحرب، إذ باشرت العمليات العسكرية ضد طالبان في اليوم الثاني من عيد الأضحى، معتبرا أن ما تقوم به طالبان هو رد فعل.
وأضاف أنه ليس هناك اتفاق على وقف لإطلاق النار، محذرا من أن أي تدخل خارجي سيُوتر الأوضاع ويزيد المشكلات، وفق قوله.
وتتعرض قندهار (جنوب) وهرات (غرب)، ثاني وثالث مدن البلاد، لهجمات طالبان منذ أيام عدة، على غرار ما يحدث في لشكركاه عاصمة ولاية هلمند (جنوب).
محاولات الاستعادة
في المقابل، قال مصدر حكومي أفغاني -للجزيرة- إن تفجيرا بعبوة ناسفة استهدف سيارة تابعة للقوات الحكومية في ولاية قندهار.
وقالت وزارة الداخلية الأفغانية إن القوات الحكومية شنّت عملية عسكرية لاستعادة مدينة قندوز، وإنها استعادت السيطرة على مناطق كثيرة فيها. وأضافت أن العمليات العسكرية ستتسع ضد مسلحي طالبان في ولايتي جوزجان وساري بول.
وسبق أن سيطرت طالبان على مدينة قندوز في عامي 2015 و2016، وهي مفترق طرق إستراتيجي بين كابل وطاجيكستان، وتشكل السيطرة عليها أكبر نجاح عسكري لطالبان منذ بدء المعارك الأخيرة التي اندلعت في مايو/أيار مع بدء انسحاب القوات الدولية.
كما أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية مقتل وإصابة 30 من عناصر حركة طالبان في قصف مدفعي على شيرزاد في ولاية ننغرهار، وذلك بالتزامن مع إعلان الوزارة استعادة السيطرة على مقر مديرية ورسج بولاية تخار شمالي البلاد.
مهمة جديدة
في سياق متصل قالت وزيرة الدفاع الألمانية أنيجريت كرامب كارنباور إنه لا يمكن هزيمة حركة طالبان في أفغانستان إلا بمهمة قتالية أخرى صعبة وطويلة للغاية.
وأضافت الوزيرة أن التقارير الواردة من قندوز ومن جميع أنحاء أفغانستان "مريرة ومؤلمة للغاية"، معربة عن اعتقادها بأن طالبان كانت ستضرب حتى لو كان الجيش الألماني لا يزال في البلاد.
وتساءلت الوزيرة الألمانية إن كان المجتمع والبرلمان مستعدين لإرسال الجيش الألماني إلى حرب، والبقاء هناك لجيل آخر على الأقل، مشيرة إلى أنه إذا لم تفعل ألمانيا ذلك فإن الانسحاب مع الشركاء هو القرار الصائب.
وكان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني، نوربرت روتغن، دعا إلى إرسال مهمة جديدة للجيش الألماني إلى أفغانستان.
إيران وباكستان
من جانبه، قال وزير الخارجية الباكستاني، شاه محمود قريشي، إن باكستان لن تتحمل أخطاء الآخرين في أفغانستان، سواء كانت أطرافا داخلية أو أجنبية.
وأضاف قريشي أن باكستان تقف على مسافة واحدة من كل الأطراف المتحاربة في أفغانستان، وأنها ترفض استمرار الوجود الأجنبي هناك، وتدعم الانسحاب الأميركي في موعده.
وكشف مؤخرا رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان عن أنه رفض طلبا للرئيس الأفغاني أشرف غني بتنفيذ عمل عسكري من جانب جيش باكستان ضد حركة طالبان.
ولم يكتف خان برفض التدخل العسكري المباشر ضد طالبان، بل رفض أيضا التورط الأمني في الأزمة.
وفي سياق متصل، اتهم وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف أطرافا خارجية لم يسمّها بأنها مسؤولة عن تعميق الأزمة في أفغانستان واصفا الأوضاع بأنها خطيرة جدا.
وخلال لقائه في طهران مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى أفغانستان، جان آرنو، أبدى ظريف استعداد بلاده لتسهيل الحوار بين الأطراف الأفغانية بوصفه الطريق الوحيد لحل الأزمة.
من جانبه أكد المبعوث الأممي أنه لن تنجح أي دولة أو مجموعة محدودة من الدول في حل الأزمة الأفغانية، وأن السبيل إلى ذلك هو التعاون الجماعي، وفق تعبيره.
اجتماع الدوحة
في سياق متصل، نقل مراسل الجزيرة في أفغانستان عن مصدر قريب من المفاوضات الأفغانية أن دولة قطر ستعقد اجتماعات في 10 و12 من الشهر الجاري لمجموعة من الدول، بهدف حشد الدعم والتوافق الإقليمي والدولي لتحقيق السلام والاستقرار في أفغانستان.
ومن ناحية أخرى، قال المبعوث الروسي الخاص إلى أفغانستان، زامير كابولوف، في تصريحات صحفية، إن توقعات بلاده جيدة بخصوص لقاء الترويكا بشأن أفغانستان المنعقد في الدوحة غدا، وهو اجتماع يضم دول الترويكا الأربع روسيا والولايات المتحدة والصين وباكستان.
وفي الوقت نفسه، أكد المسؤول الروسي أنه لا ينبغي توقع "أي تقدم ملموس في المفاوضات بين الأفغان" حتى الخريف.
ونقل مراسل الجزيرة في أفغانستان عن مصدر حكومي أن رئيس لجنة المصالحة الأفغانية عبد الله عبد الله سيشارك في الاجتماع غدا.
كما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times) عن مسؤول أميركي أن ما حققته طالبان ميدانيا على الأرض لم يدفع بايدن إلى إعادة تقييم قراره بإنهاء المهمات القتالية بنهاية الشهر الجاري.
وقالت الصحيفة إن الرد الأميركي الصامت على سيطرة طالبان على مدن أفغانية يظهر بشكل لا لبس فيه أن الحرب الأميركية في أفغانستان انتهت، وأن على القوات الأفغانية أن تدافع عن نفسها، وتتولى مهمة استعادة المدن من طالبان أو تركها تحت سيطرة الحركة.
كما قال مسؤول أميركي إنه مع بقاء 650 جنديا أميركيا فقط في أفغانستان، فمن غير المرجّح أن تؤدي الحملة الجوية المنسقة إلى إبطال التقدم الذي أحرزته طالبان.
وذكرت الصحيفة أن آراء مسؤولي الإدارة الأميركية ووزارة الدفاع تضاربت بشأن ما إذا كان ينبغي على واشنطن مواصلة غاراتها الجوية بعد اكتمال انسحاب قواتها بنهاية الشهر الجاري لتجنب سقوط المدن الأفغانية وحكومة أشرف غني.