أكّد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران علي شمخاني الاثنين، 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، ما أوردته وسائل إعلام إيرانية بشأن اغتيال العالم النووي محسن فخري زادة بأسلحة "آلية" يجري التحكم بها عن بعد، قائلاً إن العملية كانت "معقدةً" وتمّت بأسلوب "جديد بالكامل"، متّهماً إسرائيل ومنظمة "مجاهدي خلق" بالوقوف وراءها.
وأوضح شمخاني أن الاغتيال كان عبارةً عن "عملية معقّدة استُخدمت فيها أجهزة إلكترونية، ولم يكن ثمة أي شخص في المكان"، مضيفاً "استخدم العدو أسلوباً (...) جديداً بالكامل، واحترافياً".
وعلى هامش مراسم تشييع فخري زادة، قال شمخاني إن العملية "تورّط فيها (...) المنافقون"، وهي عبارة يستخدمها المسؤولون الإيرانيون عادةً للإشارة إلى "مجاهدي خالق" التي تصنّفها طهران "منظمةً إرهابيةً"، الا أن "العنصر الإجرامي في كل هذا هو النظام الصهيوني والموساد"، في إشارة إلى جهاز الاستخبارات الخارجية لإسرائيل.
ونشرت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية شبه الرسمية، الأحد، تفاصيل جديدة لاغتيال العالم النووي في طهران. وذكرت أنها حصلت على تفاصيل العملية بعد يوم واحد من اغتياله.
وبحسب تقرير الوكالة، فإن الهجوم، الذي استمر لمدة ثلاث دقائق، وقع يوم الجمعة عندما كان فخري زادة مسافراً مع زوجته، في سيارة واقية من الرصاص إلى جانب ثلاث سيارات لأفراد الأمن، من مدينة رستمكلاي في محافظة مازندران إلى مدينة آب سرد في مقاطعة دماوند.
وأضاف التقرير أن "السيارة الرائدة لفريق الحماية انفصلت عن الموكب على بعد بضعة كيلومترات من موقع الحادث، بهدف التحقق ورصد أي حركة مشبوهة في المكان المحدد في مدينة آب سرد".
وتابع بالقول، إنه في تلك اللحظة تسبب صوت بضع رصاصات استهدفت السيارة في لفت انتباه فخري زادة وإيقاف السيارة، مضيفة أن الأخير خرج من مركبته معتقداً أن الصوت ناتج من اصطدام بعائق خارجي أو مشكلة في محرك السيارة.
مدفع آلي رشاش
وأشار إلى أنه في هذه اللحظة قام مدفع آلي رشاش يجري التحكم به عن بعد منصوب على سيارة نيسان (شاحنة صغيرة) كانت متوقفة على بعد 150 متراً من سيارة فخري زادة، بإطلاق وابل من الرصاص، مبينة أن رصاصتين أصابته في خاصرته وواحدة في ظهره. وأصيب كذلك، حارس شخصي كان يحاول حمايته من الرصاص.
وبعد إطلاق النار، انفجرت السيارة التي كانت تحمل المدفع الآلي الرشاش.
وبحسب وكالة فارس فإن العملية التي استغرقت ثلاث دقائق لم يشارك فيها العامل البشري، ولم يتم إطلاق النار إلا بأسلحة آلية ولم يصب أي أحد جراء الحادث سوى حماية فخري زادة.
كذلك ذكر تلفزيون برس الإيراني الناطق بالإنجليزية اليوم الاثنين، أن السلاح المستخدم في اغتيال فخري زادة صنع في إسرائيل.
وقال مصدر طلب عدم نشر اسمه لتلفزيون برس "السلاح الذي انتشل من موقع العمل الإرهابي (حيث اغتيل فخري زادة) يحمل شعار ومواصفات الصناعة العسكرية الإسرائيلية".
تناقض الروايات
وتتناقض رواية وكالة فارس التابعة للحرس الثوري مع تصريحات رئيس لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني عباس دواني الذي أكد أن الهجوم بدأ بإطلاق نار صوب موكب محسن فخري زادة لتتوقف سيارته في القرب من سيارة مفخخة وضعت إلى جانب الطريق.
وقال دواني في تصريحات أوردتها وسائل الإعلام الإيرانية إن فخري زادة ترجّل من سيارته بعد إطلاق النار، وحاول أحد أفراد حمايته إبعاده عن مسرح الهجوم، لكنه قتل على إثر إطلاق نار المهاجمين، واستهدف أعضاء فريق الاغتيال العالم النووي بعدها.
طبيعة الرد على الاغتيال
وشهدت إيران الأحد نقاشاً سياسياً في طبيعة الرد على عملية اغتيال فخري زادة التي اتهمت إسرائيل بالوقوف خلفها.
ووقّع أعضاء مجلس الشورى بالإجماع بعد جلسة مغلقة الأحد، بياناً يدعون عبره للرد على الاغتيال، ومنع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من دخول منشآت البلاد، بينما رأى أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي أنه "لا يوجد أي سبب" لئلا تعيد إيران النظر في التزامها معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.
وأعلنت إيران الجمعة مقتل فخري زادة، رئيس منظمة الأبحاث والإبداع في وزارة الدفاع، متأثراً بجروحه بعيد استهدافه من قبل عناصر أطلقوا الرصاص على سيارته في مدينة آب سرد في مقاطعة دماوند شرق طهران.
مراسم تشييع
وأقيمت، صباح الاثنين، 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، في طهران مراسم تشييع فخري زادة، بحسب ما عرض التلفزيون الرسمي، وحضر المراسم عدد من المسؤولين العسكريين والمدنيين.
وكان من بين الحاضرين وزير الدفاع أمير حاتمي، وقائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي، وقائد فيلق القدس في الحرس العميد إسماعيل قاآني، ورئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي.
وكانت وزارة الدفاع أشارت في وقت سابق إلى أن الحضور في المراسم سيقتصر على عائلة الراحل وبعض القادة العسكريين، في ظل إجراءات الوقاية من كوفيد-19، وأقيمت لفخري زادة مراسم تكريم اعتباراً من مساء السبت.
وأدرجت وزارة الخارجية الأميركية فخري زادة على لائحة العقوبات عام 2008 على خلفية "نشاطات وعمليات أسهمت في تطوير برنامج إيران النووي"، بينما اتهمته إسرائيل سابقاً عبر رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، بالوقوف خلف برنامج نووي "عسكري" تنفي طهران وجوده.