تسارعت وتيرة إجراءات نقل السلطة في الولايات المتحدة إلى إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن مع تلقي وزارة الدفاع (البنتاغون) إشعارا رسميا من الحكومة الفدرالية بعد صدور ضوء أخضر من الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب إثر فشله في قلب نتيجة الانتخابات، في حين تحدثت نائبة بايدن عن تحديات غير مسبوقة ورثتها الإدارة الجديدة.
فقد قالت وزارة الدفاع الليلة الماضية (بتوقيت واشنطن وفجر اليوم الأربعاء بتوقيت مكة المكرمة) إنها تلقت إشعارا من إدارة الخدمات العامة -وهي مستقلة لكنها جزء من الحكومة الفدرالية- بشأن شروع هذه الإدارة الحكومية في إجراءات نقل السلطة، وذلك تمهيدا لتولي بايدن منصبه يوم 20 يناير/كانون الثاني المقبل.
وأضافت الوزارة أنه تم الاتصال بها من قبل فريق بايدن الانتقالي، وأنها ستبدأ على الفور في تنفيذ خطتها لتقديم الدعم وفقا للوائح المنظمة لذلك.
وتابعت أن مجموعة العمل الانتقالية في الوزارة سترتب وتنسق بين جميع جهات الاتصال بالبنتاغون وبين فريق بايدن الانتقالي، مبدية استعدادها لتقديم خدمات ودعم ما بعد الانتخابات بشكل مهني ومنظم وفعال يتناسب مع التزامها بالأمن القومي.
ويأتي هذا التطور بعيد إعلان إدارة الخدمات أنها أبلغت بايدن في رسالة أن بإمكانه بدء عملية نقل السلطة رسميا، وقد تسلم كبير موظفي البيت الأبيض مارك ميدوز نسخة من الرسالة، وفقا لشبكة "سي إن إن" (CNN).
ورحب فريق الانتقال للرئيس المنتخب جو بايدن ونائبته كامالا هاريس بالقرار، وعدّه إجراء إداريا حاسما لبدء عملية الانتقال رسميا.
خيارات معدومة
ووافق ترامب على بدء إجراءات نقل السلطة رسميا بعدما استنفد جل خياراته القانونية لقلب نتائج الانتخابات لصالحه، حيث خسرت حملته جل الدعاوى التي رفعتها في محاكم بولايات كان لها دور كبير في حسم الاقتراع لفائدة بايدن، مثل بنسلفانيا وجورجيا وميشيغان وويسكونسن وأريزونا.
واضطر الرئيس المنتهية ولايته للتراجع عن موقفه المتصلب بشأن السماح بنقل السلطة بعيد التصديق على النتائج في ولاية ميشيغان، والتي فاز بايدن بأصواتها الـ16 في المجمع الانتخابي المؤلف من 538 عضوا، والذي سينتخب الرئيس المقبل خلال جلسة تعقد منتصف الشهر المقبل.
وكانت أحدث النتائج أظهرت حصول بايدن على 306 من أصوات المجمع الانتخابي مقابل 232 صوتا لترامب، وتقدمه في التصويت الشعبي بفارق 6 ملايين صوت تقريبا (80 مليونا مقابل 74 مليونا).
ورغم إعطائه الضوء الأخضر لبدء إجراءات تسليم السلطة فإن ترامب لا يزال مصرا على مواصلة معاركه القضائية على أمل قلب النتائج في بعض الولايات.
وفي تغريدة نشرها أمس، كتب ترامب أنه رغم إيمانه بالنصر فإنه من أجل مصلحة الولايات المتحدة أوصى مديرة الخدمات العامة إميلي ميرفي وفريقها بالقيام بما يلزم فيما يتعلق بالبروتوكولات الأولية، في إشارة إلى إقراره بالهزيمة في الانتخابات، والبدء بإجراءات نقل السلطة للرئيس المنتخب، قائلا إنه أبلغ فريقه أن يقوم بالشيء ذاته.
لكن ميرفي قالت إن البدء في الانتقال الرئاسي إلى جو بايدن قرارها هي وحدها، نافية تعرضها لأي ضغوط بشأن القرار أو توقيته.
وواجه الرئيس المنتهية ولايته في الأيام القليلة الماضية ضغوطا من مشرعين ومسؤولين جمهوريين طالبوه بالإقرار بالهزيمة، والبدء في نقل السلطة.
وبلغت انتقادات الجمهوريين لسلوك ترامب حد قول الحاكم الجمهوري لولاية ميريلاند لاري هوجان في تصريح لشبكة "سي إن إن" إن ترامب يجعل البلاد تبدو كـ"جمهورية موز".
وفي الجانب الآخر، حذر رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأميركي الديمقراطي آدم شيف من التداعيات السلبية على الأمن القومي لبلاده لعدم إقرار إدارة الخدمات المشرفة على نقل السلطة بفوز بايدن.
إرث ثقيل
في الأثناء، قالت كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي المنتخب إن الإدارة الجديدة سترث تحديات غير مسبوقة.
ووصفت المرشحين لمنصبيْ الخارجية ومجلس الأمن القومي أنتوني بلينكن وجيك سوليفان بأنهما يتمتعان بخبرات ومعارف تسمح بحماية أميركا واستعادة زعامتها في العالم، وفق تعبيرها.
وقبل الإعلان الرسمي المنتظر اليوم، كشف الرئيس المنتخب عن مجموعة من أسماء أعضاء فريقه، وقال في تغريدة له أمس "آن الأوان لإعادة ترميم القيادة الأميركية، وأنا واثق في الفريق الذي اخترته لتحقيق ذلك".
وأعلن بايدن عن بعض الأسماء قبل الموعد المحدد، في خطوة تعكس سعيه لتهدئة الصخب السياسي في واشنطن، واستعادة البلاد دورها القيادي على الساحة الدولية، وفق تعبير وكالة الصحافة الفرنسية.
واختار بايدن أمس الاثنين السياسي المخضرم أنتوني بلينكن وزيرا للخارجية، كما قرر إسناد إدارة الاستخبارات الوطنية إلى أفريل هاينز (51 عاما)، وذلك للمرة الأولى في تاريخ البلاد، وعين وزير الخارجية الأسبق جون كيري موفدا رئاسيا خاصا لشؤون المناخ، متعهدا باعتماد نهج يقوم على الخبرات بعد سنوات الاضطراب التي طغت على عهد الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب.
وعلى رأس وزارة الأمن الداخلي سمى بايدن للمرة الأولى الإسباني الأصل أليخاندرو مايوركاس (60 عاما) المولود في هافانا، والذي سيشرف على قضايا الهجرة.
وستكون الأميركية من أصل أفريقي ليندا توماس غرينفيلد (68 عاما) -التي شغلت منصب مساعدة وزير الخارجية لشؤون أفريقيا- سفيرة لدى الأمم المتحدة، كما سمى أيضا مستشارا مقربا هو جيك سوليفان (43 عاما) ليكون مستشاره للأمن القومي.
ويعتزم جو بايدن تسمية الرئيسة السابقة للاحتياطي الفدرالي جانيت يلين وزيرة للخزانة، وفق ما نقلت وسائل إعلام أميركية عن مصدر قريب من فريق الرئيس الأميركي المنتخب.
وعمد بايدن إلى اختيار سياسيين متمرسين على عكس النهج الذي اعتمده ترامب الذي اختار غالبا شخصيات غير متمرسة في السياسة تبين لاحقا أنها غير مناسبة للمنصب وخرجت فجأة من الإدارة، كما تقول وكالة الصحافة الفرنسية.