نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا عن حالة الدهشة التي اعترت العالم عندما أعلن الرئيس دونالد ترامب عن فوزه واتهم الناخبين بالتزوير.
وفي تقرير أعدته إيفا دو وروبين ديكسون جاء أن وزير الدفاع الألماني اعتبر إعلان النصر “وضعا متفجرا” وتحدث عن إمكانية بروز “أزمة دستورية”.
واقترحت مواقع الإنترنت الإخبارية في أوروبا أن أمريكا تقف على حافة الانهيار. وسخر الإعلام الصيني من انتخابات أمريكا ووصفها بأنها لا تختلف عن انتخابات “دولة نامية” في وقت عبرت فيه بكين عن أملها بعودة الهدوء للعلاقات لو فاز بايدن. وتميزت الأسواق المالية الآسيوية بالتقلب في ظل السباق الرئاسي المتقارب بحيث أثار الكثير من الغموض بشأن مستقبل السياسة الخارجية الأمريكية. وأعلن التلفزيون الروسي أن جوزيف بايدن “لا أمل له بالفوز”، رغم إجماع كل الصحف والمؤسسات الإعلامية على صعوبة التكهن بالفائز في هذه المرحلة.
ومع حلول منتصف النهار في آسيا بدون نتيجة واضحة بدت الأسواق متقلبة وبدأ الناس يتكهنون عن الخطوة المقبلة. وزاد من المخاوف إعلان ترامب عن فوزه. فالمتنافسان على قيادة أكبر اقتصاد في العالم وأكبر قوة عسكرية قدما رؤية مختلفة حول دور الولايات المتحدة في العالم. فقد تبنى ترامب نهجا يتجنب التحالفات الدولية التقليدية ويقوم على التحركات من طرف واحد. أما بايدن فقد وعد بالعودة إلى لعب الدور التقليدي على المستوى الدولي، وهو أمر لا يريده الكثير من أعداء وأصدقاء أمريكا.
وانعكست المواقف الخائفة على مصير الديمقراطية الأمريكية في عناوين الصحف الأوروبية مثل “البايس” الإسبانية التي تابعت مثل غيرها الانتخابات الأمريكية عن قرب واختارت لصفحتها الأولى عنوانا بالأحمر: “أمريكا تنظر إلى الهاوية بدقة وتهديد لترامب باللجوء للمحكمة العليا”. وجاء في عنوان الصحيفة الألمانية “دير شبيغل”: “ترامب يريد اللجوء للمحكمة العليا بدون تقديم مبرر”. وعلقت صحيفة “لوموند” الفرنسية بمقال رأي: “المشهد المقلق لن يكون إشكاليا إن لم تكن في قلب المدخل الذي يدفع للتطرف، هي الديمقراطية”.
وعلقت نيكولا ستيرجن، الوزيرة الأولى في إسكتلندا، أن الساعات والأيام المقبلة حيوية للحفاظ على “نزاهة الديمقراطية الأمريكية”. وجاء في تغريدة لها: “تمني حظ سعيد في الليلة الماضية لأمريكا يبدو العكس هذا الصباح”. ووصف رئيس الوزراء الفنلندي السابق ألكسندر ستاب الانتخابات الأمريكية بأنها “الأكثر إجهادا” للديمقراطية الأمريكية.
وجاء في تغريدته: “ما زلت راغبا بالاعتقاد بتصميم مؤسساتها الديمقراطية لكنني قلق من الخطاب الذي سمعناه من دونالد ترامب”. وكتب وزير الظل للشؤون الخارجية في أستراليا أن هناك ضرورة لإحصاء كل الأصوات لأن “من مصلحة أستراليا بقاء أمريكا ديمقراطية ذات مصداقية”. ودعا رئيس الوزراء الأسترالي السابق مالكوم تيرنبل: “أحصوا كل صوت”. إلا أن وزير الخارجية البريطاني دومينك راب تجنب سؤالا من “بي بي سي” حول تصريحات ترامب: “نحن واثقون أن لدى النظام الأمريكي الضوابط والموازنة لكي يعطينا نتيجة قاطعة ولهذا علينا الانتظار”. ولدى ترامب أنصاره في أوروبا مثل رئيسي وزراء هنغاريا وسلوفينيا. وكتب جانيز جانسا، رئيس الوزراء السلوفيني، مؤكدا “انتخاب الشعب الأمريكي دونالد ترامب- بنس لأربع سنوات” أخرى. ومن يتابع التلفزيون الروسي يخرج بانطباع فوز ترامب حتى في الولايات التي لم يعلن عنها. وقال معلق في قناة 24 إن بايدن يبدو متقدما “لكن لا حظ له بالفوز”.
وعلى صعيد الأسواق بدأت هذا الأسبوع بقوة بناء على توقعات فوز بايدن وفتح الديمقراطيين الطريق لحزمة التحفيز الاقتصادي إلا أن مؤشر لأس أند بي 500 هبط بشكل حاد عندما أعلن ترامب بشكل متعجل عن فوزه وهدد بنقل المنافسة إلى المحكمة العليا. وهو ما زاد من منظور استمرار حالة الغموض بشأن نتائج الانتخابات، لكن الهبوط لم يستمر حيث عادت الأسهم بالارتفاع من جديد. وفي لندن لم يتغير مؤشر فوتسي-100 بعد بداية ضعيفة أما في ألمانيا فقد هبط مؤشر داكس بنسبة 0.8%.
وبدأت مخاوف المستثمرين بالمراوحة بين مخاوف انتصار مختلف عليه وفوز لترامب ينفع الأسواق. ونقلت وكالة أنباء “رويترز” عن بوب شيا، المدير التنفيذي لترايم تابس أسيت مانجمنت في نيويورك، أن الناس بدأوا بالعودة لفكرة أن ترامب جيد للأسواق و”لماذا لا تشتري الآن وتتوقف عن المطاردة”.
وكانت الأسواق الآسيوية متقلبة يوم الأربعاء حيث توقع المستثمرون فوزا لبايدن وهو ما قاد المستثمرين للبحث عن ملاجئ في السندات والدولار الأمريكي. ولم يخل تأخر الإعلان عن الفائز في انتخابات أمريكا من سخرية أعداء أمريكا.
وقال المتحدث باسم الدوما الروسي فيتشسلاف فولودين إن الانتخابات الأمريكية لم تعد المثال الذي يحتذى و”لن يوافق أحد هنا على هذا النهج”. وعلقت الصحيفة الصينية الشعبية “غلوبال تايمز” ساخرة أن الانتخابات تبدو مثل انتخابات دولة نامية. وقال محرر الشؤون الأجنبية في وكالة الأنباء “جينهو نيوز” إن الولايات المتحدة “بدون أمل”.
وجاء في افتتاحية “غلوبال تايمز”: “من الواضح أن الولايات المتحدة تعاني مشكلة مع المنافسة الوطنية والقدرة على الحكم وهي بحاجة لإصلاح داخلي عميق”. ولكن الاهتمام ظل مرتفعا بالانتخابات الأمريكية خاصة على منصات التواصل الاجتماعي حيث شاهد هاشتاغ الانتخابات الأمريكية 3.4 ملايين شخص على المنبر الصيني ويبو.
ورغم توقعات فوز بايدن وأثرها على العلاقات مع الصين إلا أن هناك حسا قاتما بإمكانية فوز ترامب. وهذا بخلاف الناشطين في هونغ كونغ الذي عبروا عن مواقف مؤيدة لترامب وولاية ثانية، فهم يرونه منقذا لهم ضد سياسات بكين.
وقام عدد من الناشطين بإعداد شريط فيديو قالوا فيه إن ترامب هو الشخص الوحيد القادر على مقاومة الحزب الشيوعي الصيني وإن جوزيف بايدن وكاميلا هاريس سيساعدان بكين. وبعد إعلان ترامب عن فوزه قال الناشطون إنهم شعروا بالهدوء ورددوا ما قاله الرئيس. وفي الهند وجد ترامب أصدقاء في حزب ناريندرا مودي الهندوسي رغم جذور هاريس الهندية. وقامت جماعة هامشية اسمها “الجيش الهندوسي” بتنظيم صلاة لتعزيز حظوظ ترامب بالفوز. وقال فيشنو غوبتا زعيم المجموعة هذه إن “ترامب هو منقذ الإنسانية”. وعند افتتاح صناديق الاقتراع يوم الثلاثاء توقف ترامب قليلا لشكر مجموعة “نظمت مسيرة لي في نيجيريا”. وفي إيران التي كانت أكبر بلد تضرر من سياسات ترامب أعلن الرئيس حسن روحاني أن بلاده لن تغير موقفها مهما كان الرئيس وأن على الولايات المتحدة احترام المعاهدات الدولية.