اعتبرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية في افتتاحيتها اليوم الجمعة أنه كان لزاما على الرئيس دونالد ترامب حينما ارتفع عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد بما مجموعه 50 ألف حالة خلال أيام قليلة أن يبعث رسائل مهمة من البيت الأبيض.
وقالت إنه كان على ترامب أن يؤكد لجميع الأميركيين على ضرورة ارتداء الكمامات في الأماكن العامة، وأن يحثهم على الابتعاد عن احتفالات عيد الاستقلال غدا السبت، وأن يتعهد ببذل مجهود أكبر على المستوى الفدرالي لتوسيع اختبارات التشخيص، وهو شرط أساسي لعودة الحياة الطبيعية، وأنه كان بإمكانه أيضا تقديم الدعم لحكام الولايات من أجل فرض قيود جديدة لاحتواء الفيروس.
لكن بدلا من ذلك -تضيف الصحيفة- لم يحرك "السيد ترامب" ساكنا، بل بقي مصرا على حالة الإنكار رغم تفاقم الأزمة، معرضا كامل التراب الأميركي لمزيد من الفوضى والألم خلال الأشهر المقبلة.
وعلق ترامب أول أمس الأربعاء قائلا "أعتقد أنه في مرحلة ما سيختفي الوباء نوعا ما، آمل ذلك"، وأمس الخميس -خلال ظهور مقتضب أمام الصحفيين دون ارتداء كمامة أو قبول أسئلة من الحاضرين- قال "هناك بعض المناطق حيث نعمل على إطفاء اللهب أو الحريق، والأمور تسير هناك بشكل جيد".
وأكد أن الولايات المتحدة مثل أوروبا والصين "تسيطر على الموقف"، مضيفا "نحاول إخماد الحرائق من خلال إستراتيجية تهدف إلى دحر الفيروس والقضاء عليه نهائيا".
وترد الصحيفة على تصريحات ترامب مؤكدة أن الفيروس "ليس تحت السيطرة، بل هو المسيطر"، مستندة في ذلك إلى "المعدلات القياسية" التي تم تسجيلها الأربعاء في 6 ولايات أميركية، هي كاليفورنيا وجورجيا وتكساس وكارولينا الشمالية وأريزونا وألاسكا.
كما تم تسجيل ارتفاع ملحوظ في عدد الإصابات في 41 ولاية خلال الفترة الحالية مقارنة بأسبوعين، وباتت بؤر التفشي والفعاليات المساعدة على انتشار الوباء تزداد، ومنها القرار الأخير بفتح شواطئ "ميرتل بيتش" (Myrtle Beach) في ولاية كارولينا الجنوبية التي تحولت إلى بؤرة جديدة للوباء.
وفي 5 أشهر فقط -تقول الصحيفة- قتل الوباء ما يعادل 19 مرة تقريبا من عدد الأميركيين الذين قتلوا خلال حربي العراق وأفغانستان.
وتضيف أن "السيد ترامب -الذي كان رد فعله الأول على الجائحة مجرد أمنيات، ثم فشل في حشد الدعم اللوجستي لمواجهته وقرر بعد ذلك الانسحاب من المعركة وترك الأمر إلى حد كبير للولايات- واصل هذا الأسبوع تفكيره السحري، مشيرا إلى الوباء المستفحل على أنه بعض البؤر فقط".
وفي الواقع -تقول الصحيفة- فإن الولايات الأميركية التي قررت رفع إجراءات العزل قبل الأوان في مايو/أيار الماضي تدفع الآن الثمن، والرئيس ترامب يتحمل المسؤولية في تشجيع حكامها على تخفيف القيود مبكرا، لقد كان "خطأ سيئا في التقدير".
وتضيف أن حكام الولايات رغم أنهم يسعون جاهدين الآن وبسرعة للتراجع عن قرارات تخفيف العزل من خلال إغلاق بعض المحلات والمطاعم لكن بات من الصعب للغاية الانتقال مجددا من وضع إعادة الفتح إلى الإغلاق الكامل.
وقد لخص "السيد ترامب" هذه المعضلة أمس حين قال "إن قرار إعادة الفتح يرجع إليهم (الحكام) بشكل كبير".
وتؤكد الصحيفة أن ترامب خلال مداخلته كان مهتما فقط بتمجيد نفسه قائلا "قمنا بعمل تاريخي"، مضيفا أنه "أنقذ ملايين الأرواح"، وأنه يفتح الآن البلاد "أسرع بكثير مما كان يتخيله أي شخص، وبشكل أكثر نجاحا"، مشيرة إلى أن ما يقوله الرئيس "خديعة تاريخية" لها عواقب على حياة الملايين.