[ شعبية ترامب شبه ثابتة رغم حديث المحاسبة (الفرنسية) ]
تبدأ اليوم الثلاثاء السنة الرابعة من حكم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الرئيس 45 للولايات المتحدة، الذي تعهد لمواطنيه قبل ثلاث سنوات ببدء عهد جديد "لا يشبه ما عرفوه من قبل".
كانت سنوات حكمه الثلاث الأولى فريدة، وحافلة بالأزمات والصدمات التي وجهت له أو وجهها هو للآخرين، أبرزها -على الصعيد الداخلي- هزيمة حزبه الجمهوري في انتخابات الكونغرس في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، وانتقال الأغلبية للديمقراطيين في مجلس النواب.
ومن دون هذه الهزيمة ما كان يتعرض ترامب لإدانة مجلس النواب، التي أعقبها بدء محاكمته، التي تهدف إلى العزل أمام مجلس الشيوخ؛ ومن ثم يبدأ عامه الرابع والأخير في فترته الرئاسية على وقع محاكمة تاريخية، هي الثالثة في التاريخ الأميركي.
معارك
استهل ترامب توليه مهام منصبه في مثل هذا اليوم عام 2017 بهجوم حاد على وسائل الإعلام الأميركية على خلفية خلاف حول تقديرات أعداد من حضر ومن شاهد حفل تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة، ومقارنة ذلك بأعداد من حضروا حفل تنصيب سلفه باراك أوباما.
ومن يومها، لم تتوقف معارك ترامب؛ وأبرزها ما ارتبطت بالتحقيقات حول التدخل الروسي في الانتخابات التي أوصلته إلى البيت الأبيض، فبعدما برّأه تقرير المحقق المستقل روبرت موللر من تهمة التواطؤ مع روسيا، بدأت معركة "أوكرانيا جيت".
وأدان مجلس النواب ترامب بتهمتي استغلال المنصب للحصول على مكاسب سياسية وشخصية، إضافة إلى تهمة عرقلة عمل الكونغرس، وأصبح الرئيس الثالث في التاريخ الأميركي الذي يتعرض لمحاكمة أمام مجلس الشيوخ، وقد تفضي نظريا لإقالته.
الشعبية
أظهر استطلاع للرأي أجراه موقع "بيزنيس ديلي" خلال الفترة بين 3 و11 من الشهر الجاري، وشمل 846 ناخبا؛ دعم 46% لإعادة انتخاب الرئيس ترامب لفترة ثانية، ولم تختلف هذه النسب كثيرا طوال سنوات حكمه، بغض النظر عما يواجهه من أزمات.
وتقف وراء ثبات نسب دعم ترامب كتلة تصويتية يمينية محافظة يمنحها ترامب ما تريد، إضافة إلى ثبات أداء الاقتصاد الأميركي القوي خلال السنوات الماضية.
وإرضاء لليمينيين المحافظين، عيّن ترامب قاضيين جديدين للمحكمة الدستورية العليا، هما: نيل جورستش وبريت كافانو، بعد خوض معركة بارزة في الحالتين. وبتعيينهما أصبحت كفة المحكمة العليا -المكونة من تسعة قضاة- تميل لصالح القوى المحافظة، وهو ما قد يهدد قوانين أميركية أخرى مثل حق الإجهاض وحمل السلاح.
من الناحية الاقتصادية، وصل مؤشر داو جونز في 17 يناير/كانون الثاني الجاري إلى 29348 نقطة، بعد أن كان 18332 نقطة يوم وصول ترامب للرئاسة، مسجلا زيادة تتخطى 60%. في حين حافظت سياساته الاقتصادية على نسبة بطالة منخفضة شبه ثابتة عند 3.5%، وهي من أقل النسب في التاريخ الأميركي.
وارتبط الاقتصاد أيضا بخوض ترامب حربا تجارية ضد الصين وغيرها من الاقتصادات العالمية روج لها ترامب كحروب ضرورية لحماية العامل والمُصنّع والمستهلك الأميركي.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته جامعة "كوينبياك " خلال الفترة من 8 إلى 12 من الشهر الجاري، وشمل 1562 ناخبا أميركيا؛ أن نسبة الموافقين على سياسات ترامب الاقتصادية بلغت 57%، في حين رفض 38% من المستطلعين سياساته الاقتصادية.
ملاذ التغريد
اختار ترامب التغريد على تويتر للتواصل مع العالم من حوله، ورغم مقابلاته التلفزيونية وأحاديثه الصحفية في مناسبات مختلفة؛ ظل تويتر أداته الإعلامية المفضلة التي تجنبه الإعلام التقليدي، ووصل عدد متابعيه على تويتر إلى 71.2 مليون شخص.
وأحصت مجلة "تايم" الأميركية 12 ألف تغريدة لترامب حتى نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وبلغ عدد كلمات التغريدات أكثر من 266 ألف كلمة، وهو ما يماثل كلمات كتاب ضخم تتخطى صفحاته 780 صفحة، وحظيت التغريدات بـ933 مليون إعجاب. و231 مليون إعادة تغريد.
هذا الحالة دفعت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إلى القول إن ترامب "يُدمن استخدام موقع تويتر، واستخدمه كأداة من أدوات حكمه، بما يشبه المدفع في يده يطلق منه النيران على خصومه وقتما يشاء.
وتطرقت تغريدات ترامب إلى قضايا مختلفة؛ مثل: التحقيق في التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، ومحاولة عزله ومحاكمته، والهجوم على الكثير من مشاهير الفنانين ورجال الأعمال، والتهجم على أعضاء في الكونغرس، ومهاجمة قادة دول أجانب، والإعلان عن مبادرات وسياسات شديدة الأهمية.
ولم تقتصر تغريدات ترامب على اللغة الإنجليزية، حيث كتب تغريدتين باللغة الفارسية عقب مظاهرات الاحتجاج في إيران: "إلى الشعب الإيراني الشجاع الذي عانى طويلا، وقفت معكم منذ بداية رئاستي، ستواصل حكومتي الوقوف معكم. نحن نتابع احتجاجاتكم عن كثب، وشجاعتكم مصدر إلهام لنا".
المصير
فى خطابه الرسمي الأول خلال مراسم تنصيبه رئيسا قبل ثلاث سنوات، قال ترامب "لاحتفال اليوم معنى خاص جدا، لأننا اليوم لا نقوم بمجرد نقل للسلطة من إدارة إلى أخرى، أو من طرف إلى آخر، لكننا ننقل السلطة من واشنطن، ونعطيها إليكم مرة أخرى، نعطيها للشعب".
واليوم وبعد ثلاث سنوات، يقف الرئيس الأميركي متهما أمام مجلس الشيوخ، ورغم ضمانه البقاء بعد انتهاء المحاكمة، لا أحد يعلم ما يخبئه الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني القادم لترامب ولأميركا وللعالم.