[ جندي أفغاني في نقطة تفتيش بالعاصمة كابل (غيتي) ]
تمر الذكرى 18 على الغزو الأميركي لأفغانستان ثقيلة على الشعب الأفغاني؛ فالعاصمة كابل كئيبة مهمومة، لم تتغير ملامحها العمرانية والبنية التحتية رغم وعود الغزاة بمستقبل وتطور أفضل.
فقبل 18 عامًا أزاحت القوات الغازية حركة طالبان من المشهد السياسي في أفغانستان بدعم من طائرات "بي 52" الأميركية، لكن طالبان لم تغب يومًا عن الصراع العسكري.
المتحدث باسم حركة طالبان سهيل شاهين وصف في تغريدة يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2001 باليوم الأسود، وقال "أتذكر عندما اتصل بي صحفي قائلاً إن الولايات المتحدة هاجمت للتو أفغانستان، ما ردك؟ يرد شاهين "ارتكبت واشنطن خطأ كبيرًا؛ أفغانستان مستنقع كلما تحركوا تعثروا، سنقاتل وسيعيد التاريخ نفسه، أفضّل لو أنهم نهجوا طريقًا سليمًا لحلها، أذكرهم مرة أخرى".
توصيف جديد
لم يقتصر الأمر على طالبان، فقد عمدت قيادات حكومية أفغانية إلى وصف القوات الأميركية بأنها قوات محتلة، وهو توصيف جديد لم يستخدمه الساسة الأفغان من قبل، ويكتفون عادة بوصفه غزوا أو التواجد الأميركي وحسب.
يقول عبد الكريم خرم -وهو مدير مكتب الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي- إن الصراع في أفغانستان، وإن كان عسكريًّا بين القوات الأميركية وحركة طالبان، فإنه سياسي بأبعاد أمنية بين الحكومات المتعاقبة في كابل وواشنطن.
وأضاف في مقابلة مع الجزيرة "رفض كرزاي توقيع الاتفاقية الأمنية مع واشنطن لأنها لا تتضمن المصالحة مع حركة طالبان"، و"خشينا أن يبقى الأميركان في قواعدهم سالمين، وتكون الأرياف والقرى الأفغانية غارقة في نيران الحروب بين طالبان والقوات الأفغانية، وختم حديثه بالقول "وهذا للأسف ما يحدث الآن".
لكن الرئيس الأفغاني الحالي أشرف غني وقع الاتفاقية الأمنية مع واشنطن فور تسلمه السلطة عام 2014.
أغلب الأفغان مع وقف الحرب الدائرة منذ نحو عقدين، ويدعون مع سياسييهم لمصالحة أفغانية أفغانية تنهي الصراع المسلح، بل يذهب البعض إلى أن سبب الاقتتال الداخلي هو الوجود الأميركي في البلاد.
وحسب تقارير دولية، بدأ غزو القوات الأميركية لأفغانستان بـ2500 جندي عقب أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، وتزايدت أعداد الجنود حتى وصلت عام 2010 إلى مئة ألف، لكن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وبعد مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، خفض العدد تدريجيّا، حتى وصل إلى 8400 فرد، التزاما بوعود قطعها على نفسه إبان حملته الانتخابية، ليعود الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى زيادتها لتصل الآن إلى نحو 14 ألفا.
انسحابات متأرجحة
ويقول مسؤولون أميركيون إن واشنطن استعدت لسحب نحو خمسة آلاف جندي من أفغانستان بعد توقيع واشنطن وطالبان اتفاقية سلام لم تتم، بسبب إلغاء الرئيس ترامب بشكل مفاجئ المفاوضات بين واشنطن والحركة بعد تسع جولات حوار بينهما في العاصمة القطرية الدوحة، بدعوى مقتل جندي أميركي بيد طالبان أمام مبنى المخابرات الأفغانية في سبتمبر/أيلول الماضي.
تؤكد التقارير الأمنية الأميركية مقتل 2400 جندي أميركي، وإصابة نحو عشرين ألفا منذ الغزو الأميركي لأفغانستان، في حين تشير المعلومات ذاتها إلى مقتل 19 أميركيّا في العام الحالي.
ووصف عضو البرلمان الأفغاني السابق إسحق جيلاني عقلية القوات الأميركية وطريقة أدائها في أفغانستان بأنها "لا تعرف طبيعة الشعب الأفغاني، وأضاف في لقاء مع الجزيرة "شعبنا عانى من أداء القوات الأميركية في المداهمات الليلية وكسر الأبواب عند التفتيش، واصفًا التعامل الأميركي بالمهين، وهو ما دفع الناس -حسب قوله- "لمقاومة الأميركيين، ليصل الأمر إلى ما نحن عليه الآن".
ويخشى الأفغان بعد 18 عاما من الغزو من انسحاب القوات الأميركية من دون تنسيق وقبل أي اتفاق لواشنطن مع حركة طالبان.
يذكر أن تسليح الجيش الأفغاني ضعيف للغاية؛ فالجانب الأميركي لم يقدم منذ نحو عقدين أي أسلحة ثقيلة للجيش الأفغاني.