[ رئيس وزراء باكستان عمران خان ]
أعرب رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان عن قلقه إزاء تفاقم الأزمة مع الهند، وقال في مقال نشرته صحيفة ذي نيويورك تايمز الأميركية إنه لا يمكن للعالم أن يتجاهل كشمير، محذرا من اندلاع حرب عالمية جديدة بأسلحة نووية.
ويضيف أنه إذا لم يفعل العالم شيئا لوقف الهجوم الهندي على كشمير وشعبها، فإن دولتين نوويتين ستقتربان من المواجهة العسكرية المباشرة.
ويقول خان -في مقاله- إنه بعد انتخابه رئيسا لوزراء باكستان في أغسطس/آب العام الماضي، فقد كانت إحدى أهم أولوياته هي العمل من أجل سلام دائم وعادل في جنوب آسيا.
ويؤكد أن الهند وباكستان تواجهان تحديات مماثلة من الفقر والبطالة وتغير المناخ، وخاصة خطر ذوبان الأنهار الجليدية وندرة المياه لمئات الملايين من مواطنيهما، وذلك على الرغم من تاريخهما الصعب.
نزاع كشمير
وينوه خان بأنه كان يرغب في تطبيع العلاقات مع الهند من خلال التجارة وتسوية نزاع كشمير الذي يمثل العائق الأول أمام تطبيع العلاقات فيما بين البلدين.
ويشير إلى أنه ذكر في أول خطاب تلفزيوني له للشعب الباكستاني بعد فوزه في الانتخابات أن بلاده تريد السلام مع الهند، وأنه تم ترتيب اجتماع بين وزيري خارجية البلدين على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 2018، لكن الهند ألغت الاجتماع.
ويضيف أنه كتب في الشهر ذاته رسالته الأولى من أصل ثلاث رسائل إلى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يدعوه فيها إلى الحوار والسلام، غير أن الهند رفضت كل جهوده لبدء أي حوار من أجل السلام.
ويرى أن مواقف مودي المتشددة بشكل متزايد بما فيها خطابه ضد باكستان كانت تهدف إلى إثارة النعرة القومية بين الناخبين الهنود مع التركيز على الانتخابات الهندية في شهر مايو/أيار الماضي.
هجوم انتحاري
ويشير خان إلى أن في 14 فبراير/شباط -أي قبل أشهر قليلة من تلك الانتخابات- قام شاب كشميري بتنفيذ هجوم انتحاري ضد القوات الهندية في كشمير التي تحتلها الهند، غير أن الحكومة الهندية ألقت باللوم على باكستان التي بدورها طلبت أدلة لكن مودي أرسل طائرات مقاتلة تابعة للقوات الجوية الهندية عبر الحدود إلى باكستان.
ويضيف أن باكستان أسقطت مقاتلة هندية وأسرت طيارها غير أنها أعادته إلى بلاده دون شروط مسبقة لإظهار أنه ليس لديها نية لجعل الصراع يتفاقم بين دولتين مسلحتين بالأسلحة النووية.
ويلفت إلى أنه في 23 مايو/أيار الماضي قام بتهنئة مودي بعد إعادة انتخابه وأنه أعرب عن تمنياته للبدء بالعمل من أجل السلام والتقدم في جنوب آسيا.
ويؤكد رئيس الوزراء الباكستاني أنه في يونيو/حزيران بعث برسالة أخرى إلى مودي يعرض فيها الحوار للعمل من أجل السلام، غير أن الهند اختارت عدم الرد.
لائحة الإرهاب
ويقول إنه اكتشف أنه بينما كانت بلاده تقوم بمبادرات سلام مع الهند، كانت الأخيرة تضغط من أجل إدراج باكستان على قائمة الدول الراعية للإرهاب.
ويضيف خان أنه يبدو من الواضح أن مودي قد أخطأ في تفسير رغبة باكستان في السلام واعتبرها شكلا من أشكال الاسترضاء.
ويشدد على أن بلاده لا تواجه ببساطة حكومة هندية معادية، ولكنها تواجه الهند الجديدة التي يقودها قادة وحزب يمثلان نتاج المنظمة القومية الهندوسية "راشتريا سواياميسفاك سانغ"، التي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها المنظمة الأم لحزب بهاراتيا جاناتا الذي يتزعمه مودي.
ويقول إن رئيس الوزراء الهندي والعديد من وزراء حكومته لا يزالون أعضاء في هذه المنظمة القومية التي كان يعرب آباؤها المؤسسون عن إعجابهم بكل من بينيتو موسوليني وأدولف هتلر.
مذبحة 2002
وقال خان إنه كان يأمل أن يؤدي انتخاب مودي رئيسا للوزراء في الهند إلى التخلي عن طرقه القديمة عندما كان رئيس حكومة ولاية كوجرات، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة رفضت منحه تأشيرة زيارة لمسؤوليته عن مذبحة 2002 ضد المسلمين المحليين.
ويلفت إلى أن ولاية مودي رئيسا للوزراء تميزت بالإعدام ضد المسلمين والمسيحيين والداليت على أيدي الغوغاء الهندوس المتطرفين، إضافة إلى العنف المتزايد في كشمير المحتلة.
ويقول خان، إن أكثر خطوات الهند وقاحة وفظاعة ما تمثل في تغيير حكومة مودي وضع كشمير التي تحتلها الهند من خلال إلغاء المادتين 370 و"35 أيه" من الدستور الهندي.
ويضيف أن هذه الخطوة تعتبر غير قانونية بموجب دستور الهند نفسه وأنها تشكل انتهاكا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن كشمير واتفاق شيملا بين الهند وباكستان.
حرب عالمية
ويؤكد رئيس الوزراء الباكستاني -في مقاله- أن حكومة مودي تفرض حظر تجول عسكري في كشمير وتقوم باعتقال سكانها من منازلهم وبقطع هواتفهم وحرمانهم من شبكة الإنترنت والتلفزيون، محذرا من حدوث حمام دم في كشمير عندما يرفع حظر التجول.
ويرى خان أنه إذا لم يفعل العالم شيئا لوقف الهجوم الهندي على كشمير وشعبها، فستكون هناك عواقب على العالم بأسره حيث تقترب دولتان مسلحتان بالأسلحة النووية من مواجهة عسكرية مباشرة، وسط تهديدات متبادلة.
ويشير إلى أن وزير الدفاع الهندي راجناث سينغ قال إن بلاده تحتفظ لنفسها بحق تغيير سياستها بخصوص "الضربة الأولى" الخاصة باستخدام الأسلحة النووية، وإن مستقبل تلك السياسة مرهون بالظروف.
ويؤكد خان أنه من خلال الحوار والمفاوضات، يمكن التوصل إلى حل ناجع لإنهاء عقود من معاناة الشعب الكشميري والتحرك نحو سلام مستقر وعادل في المنطقة، لكن الحوار لا يمكن أن يبدأ إلا عندما تتراجع الهند عن ضمها غير الشرعي لكشمير، وتنهي حظر التجول والإغلاقات، وتسحب قواتها إلى الثكنات.
ويقول رئيس الوزراء الباكستاني، "من الضروري أن يفكر المجتمع الدولي فيما وراء مزايا التجارة والأعمال"، مشددا على أن الحرب العالمية الثانية اندلعت بسبب التهدئة في ميونيخ، وأن تهديدا عالميا مماثلا يلوح في الأفق مرة أخرى، لكن هذه المرة في ظل الأسلحة النووية.