[ علاقة ترامب مع محمد بن سلمان ستنتهي بشكل كارثي ]
ينتقد الكاتب جون دافنبورت علاقة واشنطن في عهد الرئيس ترامب مع الرياض في عهد محمد بن سلمان، ويقول إنها ستنتهي بشكل سيئ تماما كما انتهت علاقة واشنطن مع شاه إيران محمد رضا بهلوي قبل عقود.
ويقول في مقال نشرته صحيفة ذي إندبندنت البريطانية إنه لفهم علاقة ترامب المسيئة مع السعودية فلا بد من فهم علاقة سلفه الرئيس ريتشارد نيكسون مع إيران، مضيفا أن العقلاء يتعظون من دروس الماضي ويعتبرون من التاريخ، لكن يبدو أن واشنطن لم تفعل.
ويصف الكاتب ترامب بأنه رئيس مثير للجدل، ويضيف أن السعودية تعتبر أكبر مورد للنفط بالنسبة للولايات المتحدة، كما أنها أكبر عميل يشتري الأسلحة الأميركية أيضا.
ويوضح أن هذه العلاقة الأميركية الأحادية الراهنة مع السعودية الغنية بالنفط هي التي تملي بشكل كامل تقريبا السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط.
ويشير إلى أن هذه العلاقة غير الطبيعية بين واشنطن والرياض الآن هي أشبه ما تكون بالعلاقة بين الولايات المتحدة وشاه إيران في سبعينيات القرن الماضي.
علاقة كارثية
ويقول الكاتب إن الولايات المتحدة تبدو كأنها مفتونة بتشكيل علاقات غير صحية مع أنظمة في الشرق الأوسط تنتهي بالدموع وبالتغريدات المترنحة وبكارثة في السياسة الخارجية.
ويضيف أن الولايات المتحدة أصبحت وقتئذ معتمدة بشكل كبير على النفط من منطقة الشرق الأوسط لتغذية النمو المستمر الذي بنت عليه الهيمنة الأميركية.
غير أن حليف واشنطن الشاه الإيراني محمد رضا بهلوي المفلس لم يكن بمقدوره الحفاظ على السلام في المنطقة أو ضمان استمرار إمداد النفط بالسعر الرخيص، مما أدى إلى ظهور مشكلة إستراتيجية.
ويعود الكاتب إلى ستينيات القرن الماضي ليشير إلى بدء تفكك الإمبراطورية البريطانية وإلى عدم قدرتها على الحفاظ على وجود عسكري دائم في الخليج.
نفط وحماية
ويشير الكاتب إلى أن التحالف الأميركي مع إيران نشأ على أرض الواقع إبان عهد الرئيس الأميركي الأسبق هاري ترومان بعد الحرب العالمية الثانية، وأن ذلك التحالف كان على أساس أن تضمن الولايات المتحدة أمن إيران مقابل النفط، ثم سرعان ما تحولت طهران إلى أكبر مشتر للأسلحة الأميركية بحلول ستينيات القرن الماضي.
ويوضح أن شاه إيران استخدم أسلوب الحديث الناعم والماكر في علاقته مع الولايات المتحدة، وأن واشنطن كانت تدرك الطبيعة غير الديمقراطية والنهج الوحشي لنظام الشاه.
غير أن الشاه كان يغري الأميركيين بالنفط، ويخيفهم بالتهديد القومي السوفياتي والعربي على حكمه، وبالتالي على إمدادات النفط.
ويضيف أن الشاه كان يسير في طريق مظلم، وأنه صنع أعداء من التسلسل الهرمي الإسلامي ومن اليسار الاشتراكي ومن القوميين، مما يعني أنه لم يكن قادرا على النجاة أمام هذه المجموعات حتى مع دعم الولايات المتحدة له.
سقوط وأعداء
ويقول الكاتب إن سقوط نظام الشاه "غير المحبوب" لم يكن مهما بشكل كبير للأميركيين، لكن الأهم هو أن حليفته الولايات المتحدة أصبحت في الواجهة مع جميع أعدائه.
ويضيف أن الولايات المتحدة اكتسبت عداوة الجميع في المنطقة تقريبا بسبب تفانيها في خدمة الشاه، وأنه بسماحها لنفوذه ونفوذ نفطه وجدت نفسها حبيسة سياسة خارجية لا معنى لها ولا تخدم مصالحها.
وكانت الكارثة هائلة لدرجة أنها تسببت في أزمة الرهائن وفي حرب وحشية بين إيران والعراق وفي أربعة عقود من العداء بين إيران والولايات المتحدة، وبالتالي في أبشع تفكك يمكن تصوره.
وصارت الولايات المتحدة بحاجة إلى صديق جديد لديه الكثير من النفط ويحتاج إلى حماية، فكانت السعودية هذا الصديق.
ذل وتنازل
ومثلما فعلت مع الشاه، فإن الولايات المتحدة الآن تذل نفسها وتتنازل عن كبريائها تماما من أجل هذه العلاقة مع السعودية.
ويوضح أن الولايات المتحدة تتجاهل التجاوزات الجسيمة لحقوق الإنسان، وتدير ظهرها للحكومات الإسلامية المعتدلة، وتسمح للجناح الأكثر تطرفا في الإسلام السني بالانتشار.
بل إن الأمة الأميركية تجاهلت حقيقة أن المال السعودي ربما هو الذي يدعم هجمات حركة طالبان في أفغانستان، والذي كان وراء هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على الولايات المتحدة نفسها والتي تنفي الرياض بدورها علاقتها بها.
ويشير الكاتب إلى أن ترامب أعلن رسميا أنه حتى لو أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كان وراء إصدار الأمر بقتل الصحفي جمال خاشقجي، فإن هذا لا يهم كثيرا.
ويختتم بأن هذه العلاقة الأميركية الترامبية السعودية الراهنة تعتبر علاقة أخرى غير صحية، وأن من المؤكد أنها ستنتهي بشكل سيئ.