[ هجمات باريس لقت استنكار كل شعوب العالم ]
ساق تنظيم الدولة الإسلامية في إعلانه المسؤولية عن هجمات باريس عددا من الأسباب التي دفعته لتنفيذها، ومن قبله فعل تنظيم القاعدة في اليمن الأمر نفسه لدى تبنيه الهجوم مطلع العام الحالي على مجلة تشارلي إيبدو عقب نشرها الرسوم المسيئة لنبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم.
ويشير التنظيمان، في كثير من أدبياتهما وإصداراتهما، إلى أن فرنسا شكلت رأس الحربة في الحرب عليهما في أماكن وجودهما، إما بالمشاركة العسكرية على الأرض أو من خلال التحريض عليها بكل ما تملكه من وسائل.
ومنذ تدخلها في الحرب ضد الإسلاميين في مالي بدايات العام 2013، وضعت باريس نفسها في مواجهة على الخطوط الأمامية مع عدة تنظيمات إسلامية ما فتئت تصدر بيانات تتوعد فيها فرنسا، وتهددها بهجمات ضد مصالحها داخليا وخارجيا.
ومن ذلك، ما جاء في بيان تنظيم الدولة الذي تبنى فيه هجمات باريس، وقال فيه إن "مجموعة من جند الخلافة توجهت إلى عاصمة العهر والرذيلة نصرة لدين النبي صلى الله عليه وسلم" معللا ذلك بأن "باريس تصدرت ركب الحملة الصليبية وضربت المسلمين في أرض الخلافة".
أما بيان تنظيم القاعدة في اليمن الذي تبنى فيه الهجوم على تشارلي إيبدو، فقد دعا الفرنسيين إلى الكف عن محاربة المسلمين "إذا أرادوا أن ينعموا بالأمان".
شكلت الرسوم المسيئة للنبي الكريم محمد عليه الصلاة والسلام -والتي بدأت شرارتها في الدانمارك ثم بادرت صحف فرنسا إلى إعادة نشرها ونشر المزيد منها- استفزازا صارخا لمشاعر المسلمين الذين شعروا في كل مكان أنهم مستهدفون بدوافع الكراهية والعنصرية.
وبادر تنظيما الدولة والقاعدة لاعتبار الرسوم المسيئة للنبي سببا كافيا يبرر لهما توجيه ضربات لفرنسا التي تولت كِبر الأمر بحجة حرية التعبير، وما يدلل على ذلك ما ورد في بياني التنظيمين أن هجماتهما كانت انتصارا للرسول صلى الله عليه وسلم ممن تجرؤوا على الإساءة إليه.
ويقول مفتي تنظيم القاعدة سابقا أبو حفص الموريتاني في تصريحات للجزيرة -فيما وصفه بأنه تفسير للهجمات وليس تبريرا لها- إن الجماعات الجهادية شكلت إطارا يعبر فيه الشباب عن رفضه للظلم والاستبداد والإساءة لرموزه ومعتقداته الدينية.
وهو ما يفسر -وفق رأيه- نجاح هذه التنظيمات، وخصوصا تنظيم الدولة، باستقطاب أعداد كبيرة من الشباب على اختلاف بلدانهم وثقافتهم رأوا فيه ملاذا لحمايتهم.
وتحت عنوان "لا تلوموا مسلمي فرنسا على إراقة الدماء" علقت صحيفة غارديان غداة الهجوم على تشارلي إيبدو بأنه لا ينبغي إلقاء ملامة هذه المجزرة على مسلمي فرنسا، الذين "روّعهم هؤلاء المجرمون (منفذو الهجوم) ووجدوا أنفسهم يواجهون رد فعل عنيف".
وأشارت الصحيفة إلى أن خطاب الكراهية ضد الدين ساد في فرنسا الحديثة، ويتم التلاعب به لأغراض سياسية من قبل اليمينيين واليساريين، موضحة أن سياسة الهجرة تشكل جزءا أساسيا لكل هذا الخطاب.
كما عزت سبب الهجوم وقتها إلى رواسب تاريخية، وأنه لا يزال هناك شعور قوي بالاستياء بين المجتمعات المغتربة التي تسكن ضواحي باريس، وكثير منهم مسلمون ويشكون من أن التمييز ضدهم يمتد إلى كل ميادين الحياة، من السكن والعمل إلى حق التعبير الديني.
وعقب تلك الحادثة، دعت شخصيات وهيئات محلية فرنسية إلى تفادي الخلط بين الهجوم والدين الإسلامي، مشيرة إلى وجود أطراف فرنسية وشرق أوسطية ودولية تسعى إلى إجراء ذلك الخلط خدمة لمآرب سياسية.
وفي خطوة للاستدراك وردم الهوة، دعت صحيفة ديلي تلغراف إلى عدم الوقوع في حالة من الاستقطاب، وأن نقاشا حقيقيا يجب أن يبدأ الآن للوصول إلى توافق معقول، وللبدء في "البحث عن إجابات عما يسبب هذا التباعد بيننا وبين جيراننا المسلمين، لأنه لا يمكن النكوص مرة أخرى إلى حجة أن الإسلام دين بني على الكراهية".