فيما يستعد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، للإقدام على المغامرة التاريخية بلقاء الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ–أون، تعم حالة من الفوضى وزارة الخارجية الأميركية بعد الإقالة المفاجئة لوزيرها ريكس تيلرسون.
وتأتي مغادرة تيلرسون منصبه لتضيف منصباً شاغراً آخر إلى مجموعة المناصب العليا الشاغرة في وزارة الخارجية، في الوقت الذي تستعد فيه واشنطن للقمة في غياب دبلوماسيين كبار، ولكن بالطبع فإن ترامب لا يهمه ذلك كله.
فرأيه حول كيفية التعامل مع تهديد ترسانة كوريا الشمالية النووية لا ينسجم مع رأي الدبلوماسيين؛ بل ينسجم بشكل كبير مع رأي مرشحه لخلافة تيلرسون؛ ألا وهو مايك بومبيو مدير وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه).
ما هي خطة ترامب في التعامل مع كيم في غياب تيلرسون؟
خطة تيلرسون للتعامل مع كوريا الشمالية، كانت تتبع استراتيجية كلاسيكية تقوم على بناء العلاقات والثقة من خلال اتصالات مبكرة، وتحديد المعايير للتفاوض، وصياغة مسودة اتفاق بين كبار المسؤولين، ومن ثم عقد قمة بين الزعيمين.
وصرح تيلرسون للصحفيين على متن الطائرة في أثناء رحلته الأخيرة كوزير للخارجية:"لدي الكثير من الثقة بقدرتي على خلق الظروف لمفاوضات ناجحة بين طرفين مختلفين تماماً".
إلا أن ترامب -الذي قال لتيلرسون في تغريدة العام الماضي (2017) إنه "يضيع وقته" في استخدام قنوات خلفية للاتصال ببيونغ يانغ- له رأي مختلف. ويبدو أن بومبيو يشاركه هذا الرأي.
فالرجلان يعتقدان أنه يجب أن تُظهر الولايات المتحدة لكيم أنها مستعدة لاستخدام عقوبات تشلّها، وحتى القوة العسكرية إذا رفضت التخلي عن أسلحتها النووية، وبعد ذلك إحضاره إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق.
في يناير/كانون الثاني 2018، ظهر بومبيو أمام مؤسسة "إيه إي إي" الفكرية في واشنطن وطرح هذه الخطة لإقناع كيم -الذي ربما كان يخطئ فهم المؤشرات الدبلوماسية- بأن واشنطن جادة.
استراتيجية طموحة
قال بومبيو الذي التقى ترامب مراراً بوصفه مديراً للـ"سي آي إيه": "نحن نتخذ خطوات تستند إلى الواقع، نعتقد أنها ستوضح لكيم جونغ–أون دون أي غموض عزمنا على إزالة الأسلحة النووية".
وأضاف: "نحن نراهن على حقيقة أنه سيرى ذلك. ونحن واثقون بأنه سيفعل. وبعد ذلك، سنواصل إجراء محادثات حول كيفية التوصل إلى إزالة الأسلحة النووية".
إذن، يبدو الآن أن فريقاً بدأ يتشكل لدى ترامب يؤمن بخطته بشكل أفضل، ولكن لا شك في أن أميركا مقْدمة على استراتيجية طموحة ولكنها تفتقر إلى الأشخاص المؤهلين لتنفيذها.
لم يكن تيلرسون في المكتب البيضاوي، الأسبوع الماضي، عندما قرر ترامب فجأة قبول دعوة كيم التي سلمها له وفد كوريا الجنوبية، لإجراء محادثات بشأن إزالة الأسلحة النووية.
وبينما كان تيلرسون يجوب العواصم الإفريقية، كان يمثِّله في غيابه نائبه جون سوليفان.
ولكن مع غياب تيلرسون، لن يكون سوليفان قادراً على تخصيص كل وقته لملف كوريا الشمالية، فهو وزير للخارجية بالإنابة بانتظار موافقة مجلس الشيوخ على تعيين بومبيو قبل أبريل/نيسان 2018.
مكاتب فارغة
وأعلن الرجل الثالث في وزارة الخارجية توم شانون تقاعده، وينتظر ترشيح خلف له لكي يتوقف عن العمل.
أما نائبة مساعد وزير الخارجية لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ سوزان ثورنتون، فتنتظر تحديد مجلس الشيوخ موعداً؛ لكي تتمكن من الاحتفاظ بمنصبها بشكل دائم.
وبالنسبة للممثل الأميركي السابق الخاص لسياسة كوريا الشمالية جوزيف يون، فقد تقاعد قبل أسبوعين ولم يتم استبداله بعد.
وأقر ترامب بهذه المسألة، الأربعاء 14 مارس/آذار 2018، في تغريدة ألقى فيها اللوم على أعضاء الكونغرس المعارضين الذين رفضوا ترشيحاته.
وكتب يقول: "المئات من الأشخاص الجيدين، ومن بينهم سفراء وقضاة مهمون جداً، يتم رفضهم أو تأخير تعيينهم من قِبل الديمقراطيين في مجلس الشيوخ".
وأضاف: "العديد من الوظائف المهمة في الحكومة شاغرة؛ بسبب هذه الإعاقة الأسوأ في التاريخ".
ولكن في وزارة الخارجية نفسها، يبدو أنه من الصعب إلقاء اللوم على مجلس الشيوخ في وقف التعيينات؛ إذ إنه لا توجد ترشيحات لـ58 منصباً، من بينها سفير واشنطن لدى كوريا الجنوبية.