نشرت صحيفة "ميديابار" الفرنسية تقريرا، تطرقت من خلاله إلى تواصل احتجاز الأمير السعودي، الوليد بن طلال، الأمر الذي أثار قلق قصر الإليزيه في باريس. ويعزى ذلك إلى حقيقة أن الوليد بن طلال يمتلك استثمارات كبيرة في فرنسا، فضلا عن أن مستشاره كان من المساندين لحملة الرئيس إيمانويل ماكرون.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن أبواب فندق "ريتز كارلتون" أغلقت في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بعد دخول السيارة التي تقل الأمير الوليد بن طلال. ومنذ ذلك التاريخ، لا يزال بن طلال، الذي يمتلك فندق جورج الخامس في باريس، والذي صنفته مجلة فوربس في المرتبة 45 ضمن قائمة أثرياء العالم، قيد الاحتجاز؛ بتهمة التورط في الفساد، إلى جانب نحو 300 شخص آخر، من بينهم 11 أميرا، و38 وزيرا، ونائب وزير، ورجال أعمال، وموظفين كبار.
وأوضحت الصحيفة أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تفاعل بشكل مباشر مع حملة الاعتقالات الواسعة، التي كانت تشبه في سرعتها الانقلاب، حيث توجه في التاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر إلى الرياض، والتقى لمدة ساعتين ولي العهد محمد بن سلمان. وقد انتهى ذلك اللقاء بخطابات دبلوماسية، حيث أشاد الرئيس الفرنسي بولي العهد الشاب، معتبرا أنه شخص منفتح، إلا أنه لم يفوت الفرصة لمطالبته بالإفراج عن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، الذي كان حينها محتجزا في إقامته في الرياض.
وأكدت الصحيفة أن قصر الإليزيه لم يكتف بهذه الخطوة، حيث كان مصرا أيضا على الإفراج عن الأمير الوليد بن طلال، البالغ من العمر 62 سنة، نجل طلال بن عبد العزيز آل سعود. وتعود علاقة إيمانويل ماكرون بالوليد بن طلال إلى سنة 2014، حيث التقيا في إطار مفاوضات لإنشاء صندوق استثمار فرنسي سعودي، المشروع الذي رأى النور في سنة 2016.
وأوردت الصحيفة أن ماكرون قد استقبل الوليد بن طلال في أيلول/ سبتمبر الماضي، ضمن لقاء غير رسمي. وحسب التسريبات، بادر أحد مستشاري الأمير بمساندة الحملة الرئاسية لإيمانويل ماكرون. من جهة أخرى، كأن الأمير السعودي يعتزم شراء حصة تبلغ 16.2 في المئة في بنك القرض الزراعي الفرنسي، عن طريق البنك السعودي الفرنسي في الرياض، وذلك قبيل اعتقاله.
وأضافت الصحيفة أنه من ذلك الحين، يقبع مدير البنك السعودي الفرنسي، باتريس كوفين، في سجنه بالرياض. ولدى سؤالها حول هذه القضية، اكتفت السلطات الفرنسية بالقول إن هذه "شؤون داخلية سعودية، وتتعلق بمعاملات مالية خاصة".
والجدير بالذكر أن الوليد بن طلال يملك استثمارات أخرى متنوعة في العديد من الدول، حيث يحظى بأسهم في شركة "تويتر"، وسلسلة فنادق "فور سيزونز"، وشركة "يورو ديزني"، ومجموعة "سيتي غروب"، وشركة الطيران "طيران ناس".
وأكدت الصحيفة أن السلطات الفرنسية كانت قد قررت، منذ حزيران/ يونيو سنة 2014، الدخول في شراكة واسعة النطاق مع الوليد بن طلال، لإنشاء صندوق استثمار فرنسي سعودي. ومن المثير للاهتمام أن هذا الأمير حصل على وسام الشرف، من قبل الرئيسين السابقين جاك شيراك ونيكولا ساركوزي. فضلا عن ذلك، لم يتوان ابن طلال عن تمويل بناء قاعات للفن الإسلامي في متحف اللوفر، بمبلغ يصل إلى 20 مليون يورو.
ونقلت الصحيفة عن مصدر في الإليزيه، تصريحاته في هذا الصدد، الذي أكد أنه "من المنطقي أن يكون لإيمانويل ماكرون دور في تلك الاتفاقيات المالية، باعتبار أنه كان حينها وزيرا للاقتصاد. لكن وزير الشؤون الخارجية الفرنسي كان يعدّ المشرف الأول على تلك الملفات، المتعلقة بالتعاون المالي مع الأمير".
وأوضح المصدر ذاته أنه في حزيران/ يونيو سنة 2015، كان مشروع الصندوق الاستثماري الفرنسي السعودي قد تبلور، عن طريق استثمار كل من مجموعة المملكة القابضة السعودية، والصندوق الفرنسي للودائع والأمانات، مبلغ 50 مليون دولار، مع رسم هدف يتمثل في جمع 400 مليون دولار من الاستثمارات من مصادر أخرى في الخليج.
وأشارت الصحيفة إلى أن قصر الإليزيه أقر بوجود اتصالات دائمة مع الوليد بن طلال، إلا أنه وصفها بأنها غير استثنائية، بل هي مثل كل اللقاءات التي تعقد مع أي طرف في المجال الاقتصادي بهذا الحجم. في المقابل، لم يكن لقاء ماكرون وبن طلال، الذي تم في أيلول/ سبتمبر الماضي، مدرجا ضمن الأجندة الرئاسية. وقد كان الرئيس الفرنسي مهتما بهذا اللقاء كثيرا، وتحدث خلاله عن الإصلاحات التي تشهدها المملكة العربية السعودية.
وفي الختام، ذكرت الصحيفة أن كاسي غرين، مستشار الأمير الوليد بن طلال، الذي ظهر إلى جانبه في هذا اللقاء، والذي عمل سابقا مع مؤسسة "بوسيفال" المالية، ويعد مهندس الصندوق الفرنسي السعودي، لم يخف ارتياحه للقاء الذي جمع الرئيس الفرنسي والأمير وفوز ماكرون في السباق الانتخابي، بعد بمساندته خلال السباق الانتخابي.