يزور نائب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مايك بنس، الشرق الأوسط هذا الأسبوع، في أول زيارة له عقب اعتراف ترامب بالقدس "عاصمة لإسرائيل" الذي أشعل احتجاجات واسعة في الأراضي الفلسطينية ودول عربية وإسلامية.
وسيؤكد بنس على الشراكة الأميركية مع إسرائيل خلال جولته المقبلة، وسيسعى لتعزيز العلاقات الأميركية مع العالم العربي بعد قرار الرئيس الأميركي، بحسب وكالة رويترز.
وسيقضي بنس وهو مؤيد قوي لقرار ترامب، ثلاثة أيام يزور خلالها مصر وإسرائيل، وهو أول مسؤول أميركي كبير يزور الشرق الأوسط بعد أن غير ترامب السياسة الأميركية المستمرة منذ عقود وأعلن أن الولايات المتحدة ستبدأ في عملية نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس.
ويمثل وضع القدس، التي تضم مواقع دينية للمسلمين واليهود والمسيحيين، إحدى أكثر العقبات الشائكة أمام التوصل لاتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين الذين أغضبهم تحرك ترامب ورفضوا مقابلة بنس.
وتعتبر إسرائيل القدس عاصمتها الأبدية، ويريد الفلسطينيون أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقلة في المستقبل.
وكانت إسرائيل قد احتلت إسرائيل القدس الشرقية في حرب عام 1967 وضمتها بعد ذلك في خطوة لم يعترف بها دولياً.
رفض للقاء بنس
وتأتي هذه الزيارة وسط حالة غضب واحتجاجات شهدتها معظم المدن الفلسطينية، ودول عربية وإسلامية للجمعة الثانية على التوالي، وشهدت تنديدات واسعة بقرار ترامب حول القدس.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال، أمس الجمعة، إن بلاده ستبدأ مبادرات بالأمم المتحدة لإسقاط قرار ترامب الاعتراف بالقدس "عاصمةً لإسرائيل"، وأوضح أن تركيا ستسعى أولاً لإبطال الخطوة بمجلس الأمن، مشيراً إلى أنه في حال فشلت فستحاول هذا في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وبنس الرجل المسيحي الإنجيلي، يخطط لتسليط الضوء على محنة الأقليات المسيحية خلال جولته، لكنه لن يجتمع مع مسيحيين فلسطينيين أو مسؤولين من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية التي رفضت مقابلته رداً على الخطوة الأميركية.
وقال مسؤولون إن "بنس سيناقش رغم ذلك اضطهاد المسيحيين وكذلك القرار بشأن القدس والتصدي لإيران وهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية ومكافحة الفكر المتطرف".
وتأثرت مواعيد جولة بنس بسبب التصويت على مشروع قانون الضرائب الأميركي واحتمال الحاجة لصوته لترجيح كفة التصويت في مجلس الشيوخ.
ومن المقرر أن يغادر بنس واشنطن يوم الثلاثاء المقبل ليصل إلى القاهرة يوم الأربعاء للاجتماع مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
ويتوجه في وقت لاحق يوم الأربعاء إلى إسرائيل ويجتمع مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس ريئوفين ريفلين، ويلقي خطاباً أمام البرلمان الإسرائيلي ويزور الحائط الغربي في القدس.
وقال أحد مسؤولي الإدارة الأميركية للصحفيين في مؤتمر عبر الهاتف "لا يمكننا أن نتصور سيناريو لا يكون بموجبه الحائط الغربي جزءاً من إسرائيل".
مقاطعة لخطاب بنس
وستهيمن على جولة بنس تداعيات إعلان ترامب، حيث قال مسؤول آخر بالإدارة الأميركية: "كانت الأسابيع الأخيرة في المنطقة رد فعل على قرار القدس. هذه الجولة جزء من إنهاء هذا الفصل وبداية ما أقول أنه الفصل التالي"، على حد تعبيره.
وربما لا يتفق الزعماء العرب مع تلك الرؤية. وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن الولايات المتحدة تخلت عن مسؤوليتها كوسيط في عملية السلام.
وقال مسؤول إن بنس لا يعتزم تشجيع مصر للضغط على الفلسطينيين للعودة إلى مائدة المفاوضات. وأضاف: "نعتقد أن من المناسب للفلسطينيين أن يستوعبوا ما حدث. وبمجرد قيامهم بمراجعة تصريحات الرئيس بوضوح سيدركون أن شيئاً لم يتغير من حيث القدرة على التوصل لاتفاق سلام تاريخي".
من جانبهم، قال النواب العرب إنهم سيقاطعون خطاب بنس أمام الكنيست، وسبق ذلك رفض كل من محمود عباس، وشيخ الأزهر أحمد الطيب، والبابا تواضروس لقاء بنس.
ويتوقع أن تستفز هذه الزيارة المنطقة، لا سيما وأن الإدارة الأميركية تُصر على تطبيق قرارها بشأن القدس ونقل سفارتها إلى هناك، رغم كل التحذيرات التي تلقتها وتأثير قرارها على عملية السلام، ودورها كوسيط في المباحثات بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وفي مصر، ستتاح لحكومة السيسي فرصة لمناقشة قرار اتخذته الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة لتعليق بعض المساعدات العسكرية لمصر بسبب مخاوف واشنطن بشأن الحريات المدنية.
وتعد مصر شريكاً استراتيجياً للولايات المتحدة بسبب تحكمها في قناة السويس، في حين يقدم السيسي نفسه كحصن ضد المتشددين في المنطقة.
ويغادر بنس إسرائيل يوم الجمعة ويتوجه إلى ألمانيا حيث سيزور القوات الأميركية وهو في طريق عودته إلى واشنطن.
الرجل الوفي لإسرائيل
وبنس هو أحد أبرز المؤيدين داخل إدارة ترامب لإعلان القدس "عاصمةً لإسرائيل" ونقل السفارة الأميركية إليها.
وغلبت حُجَّته حُجج كلٍ من وزير الخارجية ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس، اللذين كانا معارضين للفكرة، وذلك وفقاً لأشخاص مُطَّلعين على النقاش الداخلي داخل الإدارة الأميركية، وفقاً لما ذكرته وكالة "بلومبيرغ"، أمس الجمعة 15 ديسمبر/ كانون الأول 2017.
وكان نائب الرئيس يقف راسخاً خلف كتف ترامب اليمنى، فيما كان الأخير يصدر إعلانه المتلفز في إشارةٍ لا لبس فيها لأنصار الرئيس الإنجيليين.
وقد وصف بنس نفسه بأنَّه "مسيحي، ومُحافظ، وجمهوري، بهذا الترتيب"، وكان صريحاً حيال تفانيه العميق لإسرائيل كجزءٍ من معتقداته الدينية قبل فترةٍ طويلة من دخول دونالد ترامب إلى عالم السياسة.
لكنَّ تأييده لقرار ترامب حول القدس اتخذ جانباً سياسياً في خضم التكهُّنات حول أهداف الإدارة النهائية في المنطقة، وطموحات بنس نفسه الرئاسية.
وفي تصريحاتٍ أدلى بها في مايو/أيار احتفالاً بذكرى استقلال إسرائيل، قال بنس إنَّ "إيماني المسيحي يجبرني على الاعتزاز بإسرائيل وكذلك بتحالفنا العميق وعلاقاتنا التاريخية، وإنَّ "أغنيات الأرض والشعب الإسرائيلي كانت هي ترنيماتي في شبابي بينما كنتُ أكبُر".
وبحسب وكالة "بلومبيرغ" نشأ بنس كاثوليكياً وأصبح مسيحياً إنجيلياً في وقتٍ لاحق.
وفي يوليو/تموز الماضي، قال بنس أمام مؤتمر لمنظمة "Christians United for Israel" أو "مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل" بواشنطن: "أعدكم أن يحين اليوم الذي ينقل فيه دونالد ترامب السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس".
وفيما سيُقابل بنس بلقاءات فاترة خلال زيارته للمنطقة، قال توني بيركنز، رئيس "مجلس أبحاث العائلة" المحافِظ، إنَّه من المهم له (بنس) الذهاب في جولته. وأضاف: "كانت رحلته مجدولة قبل اتخاذ أي قرار بشأن السفارة. وكانت الرحلة تهدف بوضوحٍ لإظهار تحالفنا القوي مع إسرائيل، ولبناء علاقاتٍ جديدة كذلك".