[ فيسبوك ]
كاسبر كلينج".. تذكروا هذا الاسم جيدا، فهو اسم أول سفير تكنولوجي في التاريخ، عينته دولة حقيقية هي الدانمارك لدى الجمهوريات الافتراضية التي تمثلها شركات التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي، وأكبرها على الإطلاق سيدة العالم الأزرق فيسبوك التي أصبح عدد سكانها ملياري إنسان نهاية يونيو/حزيران الفائت.
في تصريحه لموقع "Govinsider" يؤكد كلينج الذي عمل سفيرا لبلاده سابقا لدى إندونيسيا أن التأثير المتنامي لشركات التكنولوجيا على حياة البشر دعا بلاده إلى تعيين سفير متفرغ لمهمة التواصل معها.
السفير الذي وصف نفسه بأنه "تكنوبلوماسي" وسيكون مقر سفارته في وادي السيليكون الذي يحتضن كبريات شركات التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي في العالم أكد أن تأثير هذه الشركات لم يعد ينحصر في مجالات التقنية، بل إنها باتت فاعلة ومؤثرة في كافة أنواع السياسات، ومنها السياسة الخارجية للدول مما حدا ببلاده إلى تعيين سفير للتواصل معها.
وبحسب الموقع، فإن الوظيفة الجديدة ستكون لها أربعة أدوار رئيسية تتلخص في بناء الشراكات، وتشكيل آراء شركات التكنولوجيا، واكتشاف الاتجاهات الجديدة، وإصلاح وزارة الخارجية نفسها.
ويقول كلينج إن دوره سيكون البحث عن الاستشارات لصالح حكومته فيما يتعلق بالأمن الرقمي، ومناقشة القضايا الأخلاقية في هذا المجال، وسبل حماية البيانات واستخدامها.
السفير الأول من نوعه لا يخفي تأكيده أنه سيسعى لإيجاد سبل لإصلاح ما سماها "الدبلوماسية الرقمية في الدانمارك"، ويشير إلى أنه يخطط لقيادة ما سماه "التحول التكنولوجي الرقمي لوزارة الخارجية الدانماركية"، وأنه سيبني في سبيل ذلك علاقات مع شركات التكنولوجيا.
أكبر الدول من ناحية عدد السكان أصبحت افتراضية مثل فيسبوك، التي يسكنها ملياري نسمة، فاتجهت بعض الدول لتعيين سفراء لهذه الدول الافتراضية.
وفي هذا الإطار، كتب الخبير في مجال تقنية المعلومات سامي الحصين "أكبر الدول من ناحية عدد السكان أصبحت افتراضية مثل فيسبوك التي يسكنها مليارا نسمة، فاتجهت بعض الدول لتعيين سفراء لهذه الدول الافتراضية".
كما كتب الناشط سالم تعليقا على ما نشره موقع "Govinsider" بشأن تعيين سفير الدانمارك "هل حان الوقت لتعيين سفير تقني مختص بالتواصل مع الشركات الكبرى؟ الدانمارك تعين سفيرا تقنيا".
كاسبر كلينج أول سفير تكنولوجي للدانمارك في وادي السيليكون بحسب موقع "govinsider" (مواقع التواصل الاجتماعي)
ورغم أن تعيين سفير لدولة في وادي السيليكون يعتبر الأول من نوعه فإن دولا عديدة كانت أقامت علاقات أشبه بـ"الدبلوماسية" مع إدارات الشركات التي تدير المنصات التي تحتضن التفاعل الأوسع عالميا، فإسرائيل أعلنت نهاية العام الماضي أنها اتفقت مع إدارة شركة فيسبوك على أن يقوم فريق من الشركة بمراجعة شكاواها الدورية مما تسميها "صفحات التحريض على العنف والإرهاب" التي يقوم بإنشائها فلسطينيون يحرضون على مقاومتها.
وجاء هذا الاتفاق بين تل أبيب وجمهورية العالم الأزرق بعد أن وجهت إسرائيل انتقادات لاذعة لعدم تجاوب فيسبوك مع شكاواها المستمرة مما تسميه "التحريض الفلسطيني ضدها"، ونجحت إسرائيل فعلا بحجب العديد من الصفحات الفلسطينية التي تنشر أخبار مقاومة الاحتلال على صفحاتها.
والحرص على إقامة العلاقات مع فيسبوك بات سياسة للعديد من الدول، ولا سيما أن الشركة أعلنت أن ملياري إنسان لديهم حسابات فاعلة يدخلون إليها مرة واحدة على الأقل شهريا حول العالم، وذلك من أصل عدد سكان العالم اليوم والبالغ نحو 7.5 مليارات نسمة.
وبعد أن كانت الولايات المتحدة تتربع على عرش الدول الأعلى من حيث السكان لدى فيسبوك بنحو 240 مليون أميركي أزاحت الهند أميركا عن المركز الأول بعد أن تجاوزتها بمليون حساب قبل نحو شهرين.
وجاءت إندونيسيا ثالثة فالبرازيل، ثم المكسيك، ثم الفلبين، ثم فيتنام، ثم تايلند، ثم تركيا، ثم بريطانيا، وذات الأمر ينطبق على منصات أخرى، مثل تويتر الذي يوجد فيه نحو 327 مليون حساب فاعل، ويتعرض الموقع للحجب في العديد من الدول بين الفينة والأخرى، أو تطالب دول بمراقبته، أو مراقبة أو حذف حسابات تنشط فيه بحجج الأمن ومكافحة الإرهاب، وأسباب أخرى عديدة.
وتفسر هذه الأرقام حجم الاهتمام لدول عديدة باتت تعمل على إنشاء إدارات خاصة للتواصل مع هذه الشركات الكبرى التي تحاول الموازنة بين قواعد سرية معلومات عملائها، وبين مطالب الدول المستمرة لها إما بفرض القيود أو مراقبة الحسابات.
ومؤخرا تعرضت منصة التدوين المرئي القصير سناب شات لضغوط من المملكة العربية السعودية أثمرت عن قيام المنصة بحجب قناة الجزيرة على الديسكوفر العربي حديث العهد عن المنصة الشهيرة بلونها الأصفر.
وجاء رضوخ سناب شات للضغوط السعودية كون المملكة تمتلك الجمهور الأكبر الناطق بالعربية على المنصة، فمن بين 12 مليون عربي ينشطون على المنصة يوجد نحو سبعة ملايين سعودي أو مقيم في السعودية، وهو رقم يفوق حتى عدد السعوديين على تويتر -المنصة المفضلة لديهم- والبالغ 5.6 ملايين، وهو ما يعكس مدى تأثير هذه المنصات على تشكيل رأي عام يخالف توجهات حكومات هذه الدول.
كما يعكس -برأي خبراء- مدى استعداد هذه المنصات لتقبل الضغوط لأسباب تجارية محضة، لكن هذا النجاح مع منصة مثل سناب شات قد لا ينجح مع منصات كبرى، كفيسبوك وتويتر وغوغل.
ولجأت دول عديدة إلى صرف ميزانيات باهظة لتشكيل ما بات تعرف بـ"الجيوش الإلكترونية"، وذلك لأسباب تتعلق بالمساهمة في تشكيل رأي عام يتوافق مع سياسات الحكومات، خاصة في العالم الثالث، أو بهدف مراقبة النشطاء وتتبعهم ومعرفة الهوية الحقيقية للكثيرين منهم على مواقع التواصل المختلفة، أو إغراق النقاش الجاد بنقاشات وقضايا جانبية، وغيرها من أساليب حرف البوصلة عن تشكيل أي رأي عام يضغط بأي اتجاه إيجابي يؤثر على الحكومات ودورها.