جسدت أنغيلا ميركل بشخصها البرنامج الانتخابي لحزبها. إنها تقود البلاد نحو المستقبل بنهج براغماتي وبقوة الابتكار في المجتمع ويشمل ذلك حتى قضايا العولمة. لكنها كانت تحت ضغط أزمة اللاجئين في عام 2015 ونجحت في الخروج منها.
لا توجد رغبة في تجربة جديدة. فبنتائج الانتخابات البرلمانية لعام 2017؛ والتي جرت الأحد (24 سبتمبر/ أيلول) تبقى ألمانيا كما هي، منطقة هادئة: سياسياً واجتماعياً واقتصادياً. أما التوترات فتوجد في مناطق أخرى: في تركيا أردوغان، وأميركا ترامب، وروسيا بوتين، وفي بريطانيا العظمى، التي اختارت الانفصال عن الاتحاد الأوروبي. إنها أوقات تخيف الكثيرين، فالمخاوف من الإرهاب ومن الشعبوية تحاول فرض نفسها. لكن في ألمانيا يهيمن الهدوء إلى حد بعيد. وبهذا تبدو الانتخابات البرلمانية الألمانية وكأنها اختبار للصحة النفسية (للناخب الألماني).
وتقف ميركل زعيمة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، البالغة من العمرالـ63عاماً في قلب كل حدث لحزبها. ولاتزال ميركل قوية، كما كانت في عامي 2013 و 2009، وأقوى مما كانت عليه عام 2005. قضية أزمة اللاجئين
ويجسد مكتب المستشارية مركز السلطة في ألمانيا. ولهذا تظهر ميركل أحيانا في صورة رئيسة ألمانيا. وتتناول سياسة ميركل كافة المواضيع، ومن بينها الأمن ودورألمانيا في العالم، ودمج المواطنين الجدد. وتصب هذه المواضيع عموماً حول توفيرعامل الشعور بالراحة والأمان لدى الألمان في بلدهم. ولا تتطرق ميركل لمعالجة قضية "اللاجئين" دائما، وإنما أحياناً، ومن المنظور الأوروبي. ولهذا كان عام 2015، الذي اتخذت فيه ميركل قرارالسماح بدخول مئات الآلاف من اللاجئين مشابهاً لحد ما لتحد مصيري
وراهنت المستشارة في حملتها الانتخابية على مواضيع المعارضة، تماما كما نجحت منذ عام 2005 بتجاوز كل الموضوعات المختلفة ومن مشارب عديدة. وتعد ميركل من خلال رحلاتها العديدة والمجهدة جسديا كبيرة الدبلوماسيين. كما يخولها هذا أيضا شغل منصب أمين عام لدى الأمم المتحدة.
في عام 2015 أضيفت الكلمة الجديدة "ميركلن" وهي كلمة مأخوذة من اسم ميركل والتي اعتبرت واحدة من الكلمات المفضلة من "كلمة الشباب السنوية" وتعني تحليل كل الأدلة بعناية في حالة معينة قبل اتخاذ قرار. إلا أن القرارالضخم الذي اتخذته ميركل من خلال الترحيب باللاجئين، أنهى أمر كلمة "ميركلن". وذلك لأن اسمها ارتبط بنوع من الحنان السياسي في القضايا الاجتماعية المثيرة للجدل مثل إلغاء التجنيد والانسحاب النووي، وأخيراً القرار البرلماني بشأن السماح بالزواج للجميع. وقالت ميركل إنها أخذت هذا الانطباع بأن هذا "ساهم بالأحرى في تهدئة النقاش المجتمعي".
"التحالف الكبير"
و من خلال إلقاء نظرة على الحزب يتبين أنه ظل وفياً لـ "القيم الأساسية لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي "، لأن هذه القيم تمثل الجذور التي تتغذى منها سياستنا ". وهذا يتناسب مع رؤية ميركل حول ما يعرف بـ"التحالف الكبير"، وهو التحالف بين المعسكرين الكبيرين في المجتمع، المعسكر المحافظ والمعسكر الاشتراكي والذي يعرف في ألمانيا بالتحالف الكبير.
ومنذ ذلك الحين تم التسويق بشكل مختلف لصورة "ميركلن"، إذ أجرت المستشارة الألمانية مقابلة عام 2015 ومقابلة ثانية عام 2017 مع نجوم يوتيوب شباب. وتعد اللقاءات مع ثقافة الشباب أمر لا بد منه. وقام حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي والذي يبلغ عمره بشكل معدل 60 عاماً، بتقديم نفسه وبرنامجه الانتخابي في وسط برلين من خلال "برنامج متنقل" على إحدى المنصات. ميركل، التي لا تقطن بعيدا من هناك، قد مرت عدة مرات من هناك لإلقاء نظرة.
مع التقدم بالعمر تكتسب ميركل صورة جديدة تماماً وأكثر جدية لدى المراهقين. إذ تحث المستشارة المراهقين على البحث و الابتكار. وتخاطب ميركل المراهقين بلطافة قائلة" الآن تعتقدون أن الجدة ستتحدث مجدداً عن الحرب". ولكن ما يميز العالمة والباحثة الفيزيائية السابقة هي مواقفها الشخصية وشغفها في الوساطات.
كانت ميركل تطمح للوصول إلى منصب المستشارة للولاية الرابعة، وها هو حزبها يفوز بالانتخابات، ليأمن لها الطريق أمام ذلك الطموح. إنها زعيمة حزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي منذ عام 2000، والمستشارة منذ عام 2005، وقالت في مقابلة قبيل الانتخابات "نحن نعيش في عصر مليء بالتحولات ".
والآن قرر الناخبون ما إذا كانت ألمانيا ستكون جيدة خلال الـ 20 عاماً المقبلة. "أريد أن أشكل هذه المرحلة من خلال كل خبرتي حتى تتمكن بلادنا من تحديد المسار الصحيح"، تقول ميركل.