لطالما اتسمت العلاقة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وروسيا الاتحادية بالمتانة والقوة. فقد كانت روسيا الداعم الأبرز لإيران في محادثات الملف النووي الإيراني، ولولا تعاون الطرفين في سوريا، لسقط بشار الأسد منذ أمد بعيد.
وعلى الأرجح ستمد روسيا إيران بأسلحة متقدمة عما قريب، حتى تحدّث طهران ترسانة أسلحتها العتيقة. فهل هو زواج كاثوليكي مؤقت قائم على تقاطع المصالح أم سيحدث تطور جذري سيكون له تأثير على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة؟ هذا ما سيجيب عنه هذا التقرير المنقول عن موقع ناشونال إنترست.
ليس من الواضح ما إذا كانت الشراكة الاستراتيجية بين طهران وموسكو ستتواصل، يقول التقرير، ولكن مع وصول ترامب إلى سدة الحكم في أمريكا، وتعبيره صراحة عن الإعجاب بشخص بوتين ورغبته القوية في توطيد العلاقات مع موسكو، فإن العلاقة بين موسكو وطهران القائمة على تحدي مصالح واشنطن في المنطقة قد تضعف.
كان لإيران دور محوري في الحرب السورية، إذ أنها قدمت آلاف المقاتلين من جيشها للقتال نيابة عن الأسد، وحشدت الآلاف من الشيعة من مختلف البلدان الإسلامية للقتال بجوارها، وأغدقت على نظام الأسد المليارات من الدولارات. لكن كل ذلك ما كان لينجح لولا التدخل الجوي الروسي الذي كان هو العنصر الحاسم في هزيمة المتمردين في شرق حلب. وليس من المرجح أن تلعب طهران أي دور محوري في مرحلة المفاوضات.
يقول التقرير إن سماح طهران للطائرات الحربية الروسية باستخدام قاعدة همدان الجوية قد سبب جدلاً كبيرًا في البلاد، حيث إن الدستور الإيراني يحظر استخدام دول أجنبية للقواعد العسكرية الإيرانية. إلا أن ضعف قدرات القوات الجوية الإيرانية قد يؤدي إلى عودة الطائرات الحربية الروسية إلى القاعدة لاستكمال مهمتها في سوريا.
وما يزيد أكثر من احتمالية اعتماد إيران على التواجد العسكري الروسي في المنطقة هو أن مجلس الأمن قد فرض حظرًا على بيع السلاح إلى طهران بموجب الاتفاق النووي، وهذا الحظر سينتهي في 2020، وعليه –يقول التقرير– سيتعين على إيران الانتظار حتى ذلك الحين لتنفيذ اتفاقية شراح سلاح متطور من روسيا تقدر بعشر مليارات دولار.
كان الرئيس الأمريكي المنتخب حديثًا قد عبر عن عدم رضاه عن الاتفاق النووي وهدد بتمزيقه. ورغم أن هذا مستبعد، أخذًا في الاعتبار دعم روسيا القوي للاتفاق، إلا أن ترامب قد عبر صراحة عن عزمه فرض عقوبات جديدة على طهران بسبب أنشطتها في المنطقة وملف حقوق الإنسان الخاص بها.
إن العلاقة بين روسيا وإيران ليست قائمة على إعجاب متبادل. فثمة عداء تاريخي بين الإمبراطوريتين، ولولا أن إيران تمر بضعف اقتصادي وعسكري وتعاني من عزلة دولية، لما فكرت في التحالف مع موسكو. كما أن موسكو تكره رؤية صعود دولة إسلامية كقوة إقليمية على حدودها الجنوبية. ومع ذلك، فقد أثبت التحالف بين الدولتين نجاحًا كبيرًا في الأزمة السورية، وهو ما قد نراه يتكرر في أماكن أخرى.
يختتم المقال بالقول إن على طهران أن تتوجس خيفة من احتمالية التقارب بين موسكو وواشنطن، إلا أنه ليس من المرجح أن تتخلى روسيا عن إيران بشكل كامل، على الرغم من أن ترامب قد يتعاون مباشرة مع روسيا في الحرب ضد الدولة الإسلامية، وحينها لا حاجة لموسكو في التحالف مع طهران، وليس من المنتظر أن يتوقف التنافس بين روسيا والولايات المتحدة حتى لو تحسنت العلاقات بينهما. وستحتفظ روسيا بشراكتها مع إيران تحسبًا لتوتر العلاقات مع أمريكا. وعلى الرغم من الدور الإيراني الحاسم في سوريا، إلا أنه يبدو أن روسيا هي الممسك بخيوط اللعبة.