كيف لقاتل ضياء تعز أن ينفّذ جريمته بهذه السهولة ويفر دون أن يلحظه ويتتبعه أحد؟!!
لا أتحدّث هنا عن مواطن بسيط ولا عن شخصية انعزالية لا يعرفها ولا يعلم بها أحد.. أتحدث عن ضياء المعلم، ضياء المقاوم، ضياء الإنسان، ضياء الشخصية الاجتماعية الكبيرة بحجم مدينته التي أحبها كثيرا وتفانى في خدمتها وخدمة أبنائها.
كلمات الرثى لن تفيد شيئا إلا أنها ستورّث تاريخا للأجيال لتدارسه، فقط.
قرأنا كتابات يقول أصحابها إن الأستاذ -الشهيد بإذن الله- ضياء الحق لم يكن له عداء مع أحد، وهذا صحيح من جهة الأستاذ الشهيد -بإذن الله- لكن كان هناك أصوات لم تهدأ يوما ولم تكف عن تحميل الأستاذ الإنسان ضياء مسؤولية جريمة اغتيال القائد عدنان الحمادي، يجب أخذ الحيطة والحذر وعدم التساهل معها.
وصلت تلك الأصوات بدعواتها حد المطالبة بالانتقام من الأستاذ ضياء شخصيا، وإلا لن يهدأ لها بال، وهذا ما رأيناه وقرأناه بالفعل في عدد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي.
يقول الخبراء إن تصفية شخصية ما تسبقها حملة تشويه وتحريض تمهد لها.
وقد سبق وأن حُرِّض في مدينة عدن والعديد من المحافظات الجنوبية ضد الإصلاح وأعضائه، وقوبلت تلك الدعوات بالتجاهل التام وعدم الجدية في التعاطي معها من قبل الحزب.
وبالفعل، استهدفت تلك القيادات والناشطون ووثق المجرم بالصوت والصورة تلك العمليات، مع أن الشارع الجنوبي أكد أن تلك الشخصيات لم تكن على عداء مع أحد، بل كانت خدومة ومحبة للناس، ولا تحمل ضغينة لأحد.
لم يتعلم الإصلاح من الدروس القاسية التي تلقاها في هذه الحقبة بالذات، ونراه يكرر تلك الأخطاء، وهي بالفعل أخطاء قاتلة، تستهدف شخصيات قلَّ أن تجد مثلها خاصة في هذا الوقت الحساس من عمر اليمن الكبير، وفي ظل هذه الأوضاع العصيبة.
ومما أراه واستشفه بأن هذه الجريمة ممهدة لتصفيات قادمة إن لم يتم التعامل بحذر وحنكة ودراية، وستستغل الأطراف الممولة لمثل هذه الجريمة حالة الحزن والقهر التي أصابت الشارع اليمني ككل وحالة الشارع التعزي بوجه بخاص لتنفيذ مزيدٍ من الجرائم حتى تُنسي جريمة بجريمة أخرى، وتُشتت الجهود التي تبحث عن القاتل المجرم.
إطلاق التهم حزافا في مثل هكذا حوادث لن يفيد في معرفة الجهة التي تقف وراء هذه الجرائم، بل تحقق هدفها، وهو: ضرب القوى بعضها ببعض، والتخلص من أكبر قدر من القادة المؤثرين..
الخلاصة: يقول الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم- [وإذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ۗ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَىٰ أَن تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ ۖ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا] (102)
الحذر، ثم الحذر، وعدم ترك الشخصيات المؤثرة فريسة سهلة للضباع المنفلتة والدويلة المتربصة.