قبل أيام أصدر الملك سلمان بن عبدالعزيز تعميماً للجهات الحكومية السعودية يتضمّن عدم مطالبة المرأة بالحصول على موافقة ولي أمرها حال تقديم الخدمات إليها، ما لم يكن هناك سند نظامي. وطالب الأمر الملكي الجهات الرسمية بضرورة مراجعة الإجراءات الخاصة بالتعامل مع الخدمات المقدّمة للمرأة، وحصر كل الحالات التي تتطلب الحصول على موافقة ولي الأمر، وبيان أساسها النظامي، والرفع عنها في مدة لا تتجاوز 3 أشهر من تاريخ صدور الأمر.
الأمر الملكي الأخير جاء لمراجعة حال التعامل مع المرأة في القوانين والأنظمة الحكومية، وتفعيل قرارات سابقة اتخذتها السعودية، تتضمن إعفاء المرأة من نظام الولاية عليها في قضايا مثل حق التعليم والعمل وإصدار الوثائق الرسمية والتقاضي وإجراء العقود الخاصة والحكومية... وغيرها. القرارات السابقة صدرت على فترات، ومن جهات محددة، ولحالات خاصة، لذلك أصبح تنفيذها مرهوناً بمرونة بعض الجهات وتشدّدها، فضلاً عن أن بعض المؤسسات الرسمية، مثل المحاكم، تختلف في ما بينها في تنفيذ بعض هذه القرارات، ناهيك عن المؤسسات المعنية بإصدار وثائق الهوية... بل وصل الأمر إلى أن بعض شركات الاتصالات لا توافق على إصدار رقم هاتف باسم المرأة حتى تأتي بإذن من والدها أو زوجها أو ولي أمرها، على رغم عدم وجود نظام تستند إليه شركات الاتصالات يمنع حصول المرأة على هاتف باسمها. وهذه الحال تنطبق على جهات أخرى، رسمية وخاصة، ظلت تتعامل مع المرأة بأعراف وتقاليد اجتماعية، وتنظر إليها باعتبارها غير مؤهلة لاتخاذ قرارات تخصها. وتصاب بالحيرة حين تجد أن أستاذة الجامعة، ومربية الأجيال لا تستطيع أن تحصل على جواز سفر، أو تسافر إلا بإذن ابنها إذا كان زوجها متوفّى، ناهيك عن أن الزوج أو الأب أو الابن هو مَن يوافق على إجراء عملية جراحية لها، كأنها كائن لا إرادة له.
لا شك في أن الأمر الملكي الجديد ليس نهاية المطاف، وهو أشار بوضوح إلى ضرورة حصر كل الشروط التي تتضمن طلب الحصول على موافقة ولي أمر المرأة، وتوضيح النظام الذي تستند إليه، ورفعها إلى الملك. وهو حدّد مدة لا تتجاوز 3 أشهر، وصولاً إلى إصدار قانون يطوي صفحة الاجتهادات في هذا الشأن.
الأكيد أن وضع المرأة في السعودية لا يسرّ، ومن يتأمّل طريقة التعامل معها سيجد أن تقاليد المجتمع القديمة تدخلت إلى حدّ بعيد في تشكيل الأنظمة غير الحضارية التي تواجهها المرأة السعودية في حياتها. لكن الأمر الملكي الجديد سيفتح صفحة طال انتظارها في حياة المرأة السعودية.
* نقلا عن "الحياة"