بعض المراقبين اعتبر أن موقف ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من إيران الذي عبّر عنه في حواره مع برنامج «الثامنة»، أول من أمس، بمثابة تصعيد، وأشبه بإعلان حرب على طهران. وهو قال: «كيف تتفاهم مع نظام قائم على أيديولوجيا متطرفة منصوص عليها في دستوره، وفي وصية الخميني»، وأنه «يجب أن يسيطر على العالم الإسلامي، ونشر المذهب الجعفري الاثني عشري الخاص بهم في جميع أنحاء العالم الإسلامي حتى يظهر المهدي المنتظر، هذا كيف أقنعه»؟ وأضاف الأمير: «لن يغيّر رأيه في يوم وليلة وإلا انتهت شريعته داخل إيران، فما نقاط الالتقاء التي يمكن التفاهم فيها مع هذا النظام، تكاد تكون ليست موجودة».
وزاد: «تمّت تجربة هذا النظام في أكثر من مرحلة (...) هذا لن يحدث، هذا انتهى. المؤمن لا يُلدغ من جُحرٍ مرتين، لُدغنا مرة، ومرة ثانية لن نلدغ، ونعرف أننا هدف رئيسي للنظام الإيراني، الوصول إلى قبلة المسلمين هدف رئيس للنظام الإيراني، لن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية بل سنعمل لكي تكون المعركة لديهم في إيران وليس في السعودية».
الأمير محمد بن سلمان لم يقل أننا في حرب مع إيران. السؤال كان عن إمكان إجراء حوار مباشر مع النظام الإيراني، وهو شَرَحَ تجربة السعودية في حوارات سابقة مع الإيرانيين، وأوضح أن السياسة الإيرانية تستند إلى مفاهيم غيبية، لا مكان لها في عالم السياسة، وعلاقات الدول القائمة على المصالح. وأشار إلى أن طهران، من خلال تجربة السعودية معها، تشتري الوقت، تعلن شيئاً وتبطن نهجاً آخر مختلفاً عمّا يقال في جلسات الحوار. وهو قال بوضوح أن الرياض لن تسمح بأن «تصبح المعركة في السعودية، بل سنعمل لكي تكون المعركة لديهم في إيران».
لا شك في أن إعلان الحرب لا يحتاج إلى مواربة. الأمير محمد بن سلمان خاطب طهران بمنطقها، وقال أن الرياض سعت إلى التفاهم معها، ولم تنجح، والحوار المقبل لن يحدث إلا إذا غيّرت طهران سياستها القائمة على دعم الميليشيات الانفصالية في دول عربية، واعتماد مبدأ التوسُّع في المنطقة.
الأكيد أن الرياض حاولت خلال مرحلة الرئيسين محمد خاتمي وهاشمي رفسنجاني إقامة علاقات حسن جوار مع الجارة إيران، لكن الأيام أثبتت أن النظام الإيراني ينطبق عليه قول الإمام الشافعي: «لا تحاول أن تقنع من لا يريد أن يقتنع». ولهذا عبّر الأمير عن لغة الرياض الجديدة تجاه طهران.
*الحياة اللندنية