للخطاب السياسي الصادر عن السلطة السياسية أهميته باعتبار صدوره عن مركز صناعة القرار و قيامه في إيضاح مبررات القرار أو الموقف المعلن ، فهو يموضع نفسه بحيث يجبر الخطابات الأخرى الصادرة عن مختلف القوى السياسية عبر الوسيط الإعلامي تأخذ موقف معين من مقولاته المعلنة في إطار الفعل ورد الفعل. مما جعل من الطبيعي تعدد في مستويات الخطاب الاعلامي وتجليات أساليب توظيف القوى الفاعلة والأطر المرجعية ومسارات برهنة المتعلقة بالأحداث والقضايا المختلفة، وخصوصا الأحداث الخلافية منها. وكون أن الشأن السياسي هو الأكثر حضوراً و جدلاً في الساحة ، ويشكل مادة جذابة ومثيرة للإعلامي , مما جعل هناك تأثيراً للخطاب السياسي على الخطاب الاعلامي ، انعكس بشكل سلبي عليه كونه اتسم بطابع الإساءة السياسية و الاثارة الصحفية ، و أداء دور سلبي أكثر منه ايجابي .
و لاعتبارات كثيرة تتعلق بالدعم المالي سواء كان بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق الإعلانات ، و غياب أو تغييب المهنية وقيم العمل الصحفي "الدقة والإنصاف والأمانة والموضوعية" ، ودخلاء المهنة الذين جاؤا عبر المشاريع الخاصة أو الولاءات ، وكذلك ضعف أو إضعاف دور نقابة الصحفيين ، وغياب المؤسسية ، وتضييق هامش الحريات ، وغياب منظمات المجتمع المدني المقومة للأداء المهني , وأخيراً نظرة السياسيين إلى الإعلاميين هذه النظرة السلبية على أنهم أدوات توظف لخدمة أهدافهم ، تكبر عندما تتعلق المسالة بموضوع الحريات أو الحقوق الاقتصادية والمعيشية ، فضلاً عن عدم امتلاك الوسائط الإعلامية أجندة واضحة ومحددة ومتوازنة نحو قضايا المجتمع وهو ما جعل السياسيين هم من يحددون أجندة عمل الوسائط الإعلامية بسبب " قوة نفوذ السياسي ، و الولاءات الفكرية و الحزبية " .
ما هي المعالجات من أجل تخفيف سلطة و تأثير الخطاب السياسي على الخطاب الاعلامي؟
إن المعالجة الأساسية المطلوبة للخطاب الإعلامي تتمثل في إصلاح النظام الإعلامي بمجمل مكوناته وعناصره , والإصلاح بمفهومه الواسع الذي يتضمن الكثير والعديد من الإجراءات تبدأ بإجراءات تشريعية وقانونية تمس قانون الصحافة وغيره ، و بالاعتماد على المهنية في العمل الصحفي وتوسيع الحريات الصحفية ، ولاسيما فيما يتعلق بحرية امتلاك وسائل الإعلام بأنواعها وحرية إصدار الصحف , و تقوية دور نقابة الصحفيين اليمنيين , وكذلك عمل ميثاق شرف إعلامي مهني , وأخيرا تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي للصحفيين.