[ قطاع النفط والغاز في اليمن يواجه مستقبلا محفوفا بالمخاطر مع تكثيف محادثات السلام ]
أفاد موقع متخصص في أسواق الطاقة والسلع العالمية أن إنتاج النفط والغاز اليمني قد تراجع إلى حد كبير خلال الأشهر الأخيرة عقب مهاجمة الحوثيين المدعومين من إيران لمحطات تصدير النفط لغرض قطع مصدر الإيرادات الحيوي للحكومة المدعومة من السعودية، برغم الآمال المتجددة في حل سلمي للحرب في البلاد التي استمرت ثماني سنوات.
وقال موقع "إس آند بي جلوبال كوميديتي إنسايتس" في تقرير ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن تراجع الإنتاج يأتي على الرغم من أن وتيرة العنف قد هدأت منذ بدء المفاوضات التاريخية في أبريل بين الرياض والحوثيين- الذين يسيطرون على جزء كبير من شمال اليمن.
ونقل الموقع عن محللين قولهم إن إنتاج النفط والاستثمار لن يزداد حتى يتم التوصل إلى اتفاق سلام شامل.
وأضاف "مع استبعاد الأطراف المختلفة من المحادثات، ومعاناة الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة من الاقتتال الداخلي والمشاعر الانفصالية، يقول الخبراء إن هذا الأمر لا يزال بعيد المنال".
كارول نخلة، المديرة التنفيذية لشركة كريستول إنيرجي، قالت: "ما زلت متشككة حتى يتحقق السلام حقا". وأضافت "الثقة في سياسات الحكومة، والاستقرار السياسي، وتوافر البنية التحتية وسلامتها وأمنها ليست سوى بعض العوامل التي ستشكل مستقبل الاستثمار في القطاع".
لم يكن اليمن منتجا رئيسيا على الإطلاق مقارنة بالسعودية والإمارات، لكن الدولة الشرق أوسطية، التي تقع على ممرات الشحن الدولية الرئيسية، تملك 3 مليارات برميل من النفط الخام و17 تريليون قدم مكعب من الغاز، طبقا لوكالة معلومات الطاقة الأمريكية.
وبحسب التقري ر فقد بلغ إنتاج النفط ذروته عند 450 ألف برميل في اليوم في العام 2001، لكنه انهار منذ ذلك الحين كنتيجة لنضوج الحقول ونقص الاستثمار والحرب، التي حرضت التحالف المدعوم من السعودية والإمارات ضد الحو_ثيين وخلفت مئات الآلاف من القتلى.
وقال المحللون إن البلاد تنتج اليوم ما بين 7000 برميل و 10 آلاف برميل من النفط يوميا، وكلها مكررة محليا. وأثر انخفاض الإنتاج ونقص الصادرات على المالية العامة للبلاد منذ أن ساهم النفط بنسبة 63٪ من عائدات الحكومة قبل الحرب، وفقا لصندوق النقد الدولي.
ووفقا للتقرير يتم إنتاج معظم النفط الخام اليمني من قبل المؤسسة العامة اليمنية للنفط والغاز والثروة المعدنية المملوكة للدولة وشركة بترومسيلة، في حين أن مجموعة من الشركات الأجنبية، بما في ذلك أو إم ڤي النمساوية و كالفالي الكندية و ميدكو إنيرجي الإندونيسية، لا تزال عالقة. وقالت شركة أو إم ڤي، التي وافقت في يناير على بيع كتلها النفطية اليمنية الثلاثة لشركة زينيث إنيرجي الكندية، قالت لشركة "إس آند بي" منشئة هذا التقرير، في بيان إنها أنتجت 600 ألف برميل في عام 2022، أو ما يقرب من 1644 برميلا في اليوم.
صادرات غير مكتملة
وتابع "في الآونة الأخيرة من العام 2014، كان اليمن ينتج 125000 برميل خام يوميا من أحواض المسيلة ومأرب وشبوة، لكن الصادرات توقفت تماما بمجرد بدء القتال في عام 2015، كما فعل مشروع اليمن للغاز الطبيعي المسال، والمعد مغير للعبة الاقتصادية حيث توتال إنيرجيز هي المساهم الرئيسي بنسبة 39.6٪. وتشمل درجات التصدير مسيلة الخفيف الحلو ومأرب الخفيف والخفيف للغاية.
وأردف "في عام 2017، استأنفت الحكومة إنتاج النفط، لكن الصادرات كانت متقطعة، وتتأرجح بشكل كبير من شهر لآخر بين 18000 برميل في اليوم إلى 81000 برميل في اليوم، طبقا لشركة إس آند بي. ومع ذلك، وعقب انتهاء الهدنة في أكتوبر، ضرب الحوثيون- الذين حاولوا مرارا وتكرارا الاستيلاء على حقول نفط مأرب- ضربوا محطتي التحميل في بير علي والشحر على خليج عدن، مما أدى إلى انخفاض الصادرات إلى الصفر".
ولفت إلى أن الأطراف المتحاربة وصلت إلى طريق مسدود منذ ذلك الحين، حيث طالب الحوثيون بنصيب الأسد من عائدات النفط المستقبلية لدفع رواتب القطاع العام والجيش، بحسب ما أخبر به رأفت الأكحلي، الزميل في مدرسة بلافاتنيك الحكومية بجامعة أكسفورد والوزير السابق للشباب والرياضة اليمني، موقع إس آند بي.
وذكر الموقع المتخصص بالطاقة أن جماعة الحوثي حذرت شركات النفط الأجنبية من توقيع صفقات مع الحكومة المعترف بها دوليا وتبيع منتجات مكررة مستوردة، لمزيد من الضغط على الإيرادات الحكومية.
وقالت شركة أو إم ڤي: "نحن لا نعلق على الأوضاع السياسية". ولم ترد شركة توتال إنيرجيز على طلب للتعليق، لكنها قالت سابقا إنها "تأمل بوضوح أنه سيكون من الممكن في المستقبل استئناف إنتاج الغاز الطبيعي المسال". ويقول الخبراء إن القيام بذلك يتطلب اتفاقية أمنية مع كيان حاكم واحد.
وقال نخل: "قد تكون شركة توتال إنيرجيز من بين أوائل الذين عادوا إلى اليمن، حيث استثمروا رأس المال والوقت والجهد في البلاد، لذلك سيكونون حريصين على استرداد بعض استثماراتهم الأولية على الأقل".
وأضاف "قد يكون الاستثمار الجديد حذرا، لكن إذا عادت شركة كبرى مثل توتال بنجاح إلى البلاد، فسيشجع ذلك الشركات الأخرى على أن تحذو حذوها".
اتفاق سلام
يقول التقرير إن آمال السلام نمت أخيرا في مارس عندما وافقت الرياض على تطبيع العلاقات مع إيران، ثم أجرت مفاوضات رسمية مع الحوثيين. ولم يستأنف القتال على نطاق واسع، برغم انتهاء وقف إطلاق النار.
وأكد "إس آند بي" أن الطريق إلى السلام مليء بالعقبات، فيما تتساءل بعض الأطراف كيف للسعودية أن تكون لاعبا ووسيطا في آن واحد. وفي ذات الوقت، فإن المملكة- التي استهدفت طائرات الحوثي بدون طيار بنيتها التحتية النفطية في السنوات الأخيرة- لم تشمل بعد الحكومة اليمنية، بما في ذلك مجلس القيادة الرئاسي القوي، الذي يعاني من الاقتتال الداخلي، لم تشمله في المفاوضات.
وأشار إلى أن نائب رئيس المجلس، عيدروس الزبيدي، المدعوم من الإمارات، يضغط من أجل انفصال الجنوب رسميا عن الشمال الذي يسيطر عليه الحوثيون.
وقال الأكحلي إن السيناريو الأكثر احتمالا هو أن تظل البلاد مقسمة إلى عدة مناطق تسيطر عليها أحزاب مختلفة. في الوقت الحالي، لا الحوثيون ولا الحكومة اليمنية على استعداد لتقديم أي تنازلات.
وطبقا للأكحلي فإن "أفضل سيناريو هو أن نوقع اتفاقية، لكنني أشك بشدة في أنها ستظل قائمة". واختتم "لا توجد منطقة لاتفاق مستدام محتمل في هذا الوقت".
يمكن الرجوع للمادة الأصل : هنا
*ترجمة خاصة بالموقع بوست