[ بايدن والملك سلمان ]
تساءلت مجلة "تايم" الأمريكية بشأن زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المملكة العربية السعودية وهل بإمكانه أن يستخدم تلك الرحلة للدفع من أجل إنهاء الحرب في اليمن؟!
وذكرت المجلة في مقال للكاتبة اليمنية ريمان الحمداني وترجمه للعربية "الموقع بوست" أن بايدن قد يرغب في الضغط بقوة من أجل سلام دائم في اليمن خلال رحلته الرسمية الأولى كرئيس للولايات المتحدة إلى السعودية هذا الأسبوع- لكنه على الأرجح لن يفعل ذلك.
وأضافت الحمداني هذه فرصة ضائعة للرئيس المحاصر، بالنظر إلى أن الرياض تنظر بشكل متزايد إلى الحرب التي تقودها السعودية- والتي بدأت في عام 2015 وشهدت مقتل مئات الآلاف من الأشخاص وإيقاع الملايين في المجاعة- باعتبارها مستنقعًا ترغب فيه تخليص نفسها منه.
وتابعت "لسوء الحظ، لا يبدو أن اليمن يحتل مكانة عالية في أجندة بايدن وسط خلفية ارتفاع أسعار النفط والتوترات الأمريكية السعودية المستمرة بشأن مقتل الكاتب الصحفي في واشنطن بوست جمال خاشقجي في 2018 (تعهد بايدن سابقًا بجعل المملكة "منبوذة" على المسرح العالمي بسبب وفاة خاشقجي، وهو ما خلصت إليه وكالة المخابرات المركزية أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قد أمر بذلك). ومع ذلك، فقد أخبر مسؤولون سعوديون صحيفة وول ستريت جورنال قبل زيارة بايدن أنه من غير المرجح أن تقدم المملكة أي تنازلات في مجال حقوق الإنسان. وتعني الطاقة الاحتياطية المحدودة لإنتاج النفط أن السعودية قد لا تكون قادرة على مساعدة بايدن في كبح جماح أسعار النفط المرتفعة بالقدر الذي يريده الرئيس الأمريكي- بافتراض أن المملكة تريد ذلك. وتؤكد هذه الحقائق سبب قيام بايدن بعمل أفضل لوضع اليمن في المقدمة والوسط خلال رحلته إلى الرياض".
وأكدت الحمداني -وهي محللة وباحثة يمنية في مجموعة آيه آر كيه ومركز سياسة اليمن- أن قضية إعطاء بايدن الأولوية لليمن تعززها التطورات الأخيرة.
وأدت المحادثات التي توسطت فيها الأمم المتحدة في أبريل/ نيسان إلى أول هدنة بين السعودية والحوثيين المتحالفين مع إيران منذ عام 2016. وقال المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانز جروندبرج إن الهدنة صمدت إلى حد كبير في اليمن وأسفرت عن تحسن ملحوظ في الظروف الإنسانية في البلاد. وتم تمديد الهدنة لمدة شهرين آخرين في يونيو، ومن المقرر أن تنتهي في 2 أغسطس.
وقالت "يجب على بايدن استخدام الرحلة لتسهيل مزيد من الحوار بين الطرفين المتحاربين للمساعدة في تحقيق تسوية دائمة، أو على الأقل تمديد الهدنة. وسيكون هذا أكثر فاعلية من الفصيل ذي الميول اليسارية لجهود الحزب الديمقراطي للمضي قدمًا في حل جديد لسلطات حرب اليمن من الحزبين لإنهاء أي مشاركة أمريكية في حملة السعودية. ويمكن لمثل هذا الإجراء أن يعرقل رحلة بايدن، مما يزيد من تعقيد العلاقات الأمريكية السعودية والهدنة الدقيقة التي تم التوصل إليها بالفعل".
وأردفت "يمكن لبايدن أن يضع الأساس لحل أكثر استدامة من خلال محاولة توسيع القنوات الخلفية الدبلوماسية والوساطة وتقليل عزلة الحوثيين من خلال الضغط من أجل نوع من الاعتراف بهم كسلطة رسمية في اليمن- مقابل تنازلات معينة مثل تخفيف الحوثيين من حصار تعز. ويشكل الحصار المستمر للمدينة الواقعة جنوب غرب اليمن أحد أكبر المخاطر على الهدنة الهشة. ومن جانب السعوديين، يمكن أن يعمل بايدن على تأمين المزيد من التنازلات منهم، بما في ذلك تخفيف أو رفع الحصار عن شمال اليمن، مما سيسمح أيضًا بمزيد من الغذاء والدواء وتخفيف الأزمة الإنسانية".
واستدرك الكاتبة اليمنية "مهما كان ما سيحدث بعد ذلك، يمكن لبايدن أن يفعل المزيد لمعالجة التصور الخاطئ بأن إدارته لم تشارك بنشاط في اليمن". وقال بايدن شخصيًا إن إنهاء الحرب يمثل أولوية قصوى أثناء توليه منصبه.
واستطردت "بالفعل، يمكن أن يشير بايدن إلى عدد من النجاحات في اليمن استنادًا إلى تحويل سياسة الولايات المتحدة بعيدًا عن دعم الحرب التي تقودها السعودية وأكثر نحو دور الوسيط في حل الصراع من خلال الحوار. وعلى عكس الرئيسين الأمريكيين السابقين باراك أوباما ودونالد ترامب، اللذين لم يعط أي منهما الأولوية لليمن، أعلن بايدن في وقت مبكر من ولايته عن ثلاثة تغييرات رئيسية في السياسة الأمريكية مهدت الطريق للهدنة الأخيرة. الأول هو عدم دعم أي عمليات عسكرية هجومية سعودية كبيرة ومشتريات الأسلحة المرتبطة بها (وهو ما تفكر الإدارة في التراجع عنه)؛ دعم جهود الأمم المتحدة لحل الحرب، وتعيين تيم ليندركينغ، الدبلوماسي المخضرم في المنطقة، مبعوثًا خاصًا لليمن في عام 2021. بالنسبة لبايدن والعديد من المراقبين اليمنيين، أشار ليندركينغ إلى عودة الدبلوماسية الأمريكية إلى المنطقة بعد عهد ترامب. لقد كان دورًا رئيسيًا في ضوء جهوده في لقاء الوفود اليمنية وتعزيز محادثات القناة الخلفية مع الحو_ثيين في عمان وأماكن أخرى".
وطبقا للحمداني، كان دور الولايات المتحدة في اليمن تحت حكم بايدن متماسكًا بشكل منعش، لكن السكان المحليين لا يدركون إلى حد كبير هذه الجهود- على حساب حل أكثر ديمومة. ويحتاج اليمنيون العاديون إلى رؤية ما فعلته الولايات المتحدة، سواء في السياسة أو في المساعدات، للمساعدة في مواجهة الخطاب المعادي للغرب السائد في البلاد. وضغطت الولايات المتحدة بشدة على الأحزاب التي لديها نفوذ أكبر عليها، مثل حكومة رشاد العليمي المعترف بها دوليًا والمدعومة من السعودية، ومقرها العاصمة المؤقتة عدن. لكن في شمال اليمن في المناطق الخاضعة لسيطرة الحو_ثيين، لا يزال الخطاب المعادي لأمريكا ركيزة أيديولوجية، ويبدو أن الولايات المتحدة لا تفعل شيئًا يذكر لمواجهة الادعاءات الكاذبة أو الدفاع عنها.
واختتمت الحمداني أن رحلة بايدن القادمة هي فرصة له لتغيير هذه الرواية، وتحقيق مزيد من التقدم في المفاوضات، والوفاء بوعوده الانتخابية التي يمكن أن تنتج سلامًا دائمًا في اليمن.
*يمكن الرجوع للمادة الأصل: هنا
*ترجمة خاصة بالموقع بوست