شهد جنوب اليمن خمسة أيام من الضجة والقتل والاعتقالات، مع تقاعس السلطات عن إخضاع احتجاجات واسعة النطاق على الرغم من إعلان حالة الطوارئ.
وقال موقع "ميدل إيست آي" إن مئات الأشخاص تدفقوا إلى شوارع المدن الجنوبية ليل الخميس وحتى صباح الجمعة، مطالبين بالخدمات الأساسية واستقرار الريال اليمني.
وأضاف الموقع -في تقرير ترجمه "الموقع بوست" إلى العربية- أن العملة اليمنية انهارت إلى أكثر من 1120 مقابل الدولار الأمريكي في المحافظات الجنوبية للبلاد، مما جعل أسعار المواد الغذائية باهظة التكلفة بالنسبة للكثيرين في بلد يعتمد 80 في المئة من السكان على المساعدات. يذكر أن الريال اليمني استقر عام 2015 عند 215 للدولار الواحد.
وتخضع مدينة عدن الساحلية لسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، وهو هيئة قاتلت في السابق وشنت حملات من أجل استقلال جنوب اليمن. وفي غضون ذلك، تخضع حضرموت وشبوة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا.
وتدعم كلتا الإدارتين الاضطرابات في أراضي كل منهما، وتصدران بيانات دعم على وسائل التواصل الاجتماعي للمتظاهرين الذين يواجهون منافسهم، وفقا للتقرير.
لقد أصبحت المظاهرات مميتة بالفعل. وقتلت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي محتجين اثنين في عدن أحدهما يوم الثلاثاء أثناء تفريق حشد والآخر أمس الأول الأربعاء.
في غضون ذلك، قتلت القوات الموالية للحكومة شخصين في حضرموت خلال الأسبوع الماضي، آخرها مساء الخميس بينما طالب محتجون في حي الشحر بالإفراج عن المعتقلين خلال الاحتجاجات.
وأعلنت القوات الأمنية في حضرموت، الخميس، فرض حظر للتجوال في محاولة لتهدئة التظاهرات التي تقام في الغالب ليلاً بسبب حرارة سبتمبر/ أيلول الشديدة، لكن الإجراء فشل في إبقاء المتظاهرين في الداخل في تلك الليلة.
ومع استمرار الاضطرابات، قالت سلطات حضرموت إن المدارس ستغلق طوال الأسبوع المقبل.
جوع وغضب
عمار ثابت مدرس في عدن يكافح لإطعام أسرته مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل يومي، ويشارك عمار الآن في الاحتجاجات المستعرة على انعدام الأمن الذي يجلبه ارتفاع العملة وراتبه الشهري البالغ 60 دولارًا.
"لا أحد يستطيع أن يمنعنا من المطالبة بحقوقنا". وأضاف: "السكان الآن في الشوارع والجوع هو الذي أجبرنا على القيام بذلك".
وتابع: "يقف كل من المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة وراء معاناتنا. إنهم يهتمون فقط بمصالحهم، تاركين الناس ليموتوا جوعاً، لم يجد أي منهم حلاً لهذه الكارثة الاقتصادية".
ورفض "ثابت" الاتهامات بأن قوى سياسية تقف وراء الاحتجاجات، مشيرًا إلى أنها موجودة في ظل إدارات متنافسة. وأكد أن الاحتجاجات ستستمر حتى تلبية مطالبهم.
واستطرد: "كلا الجانبين قتلة للمدنيين، نزلنا إلى الشوارع بسلام وقتلنا المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن بينما قتلت القوات الحكومية إخواننا في حضرموت.. نحن نطالب بحقوقنا وسوف ننتصر على النظام القمعي".
وأردف ثابت: "عدد الأشخاص الذين ينزلون إلى الشوارع يتزايد كل يوم لأن الناس ليس لديهم ما يخسرونه. لقد قرروا النزول إلى الشارع وحتى لو تعرضوا للقتل أو الاعتقال، فهم لا يبالون".
مثل حظر التجول إلى حد كبير، لم يثن المتظاهرين الاعتقالات وإطلاق النار. وأثارت الاضطرابات قلقا دوليا، حيث عقد سفراء السعودية والإمارات والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، الخميس، مؤتمرا صحفيا في الرياض، أعربوا عن قلقهم إزاء تدهور الوضع الاقتصادي.
ودعا السفراء إلى اتخاذ خطوات فورية لضمان الاستقرار الاقتصادي في اليمن، مضيفين أن عودة الحكومة اليمنية التي تتخذ من الرياض مقراً لها إلى عدن أمر حتمي.
استغلال سياسي
وعلى الرغم من تعرض كل من المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة للضغط، فقد انتهز الخصوم الاحتجاجات كفرصة لتسجيل النقاط ضد بعضهم البعض.
وأثار مختار الرحبي، مستشار وزير الإعلام، التوترات عبر الإنترنت من خلال انتقاد رد فعل المجلس الانتقالي الجنوبي. وكتب على تويتر يوم الجمعة: "نفذت مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي حملة خطف طالت عشرات الأشخاص من عدن المشاركين في انتفاضة عدن المباركة".
وتابع: "وخطف عشرات من الأطقم العسكرية التابعة لمليشيات الانتقالي التابعة لمحافظة الضالع ولحج عشرات النشطاء في كريتر والشيخ عثمان ودار سعد وأجزاء أخرى من محافظة عدن".
وكان مسؤولو المجلس الانتقالي الجنوبي يفعلون الشيء نفسه، حيث غردت سمر أحمد، ممثلة انفصاليي الجنوب، قائلة: "رغم القمع والإرهاب الذي تعرض له المتظاهرون في شبوة، خرجوا وطالبوا بطرد مليشيات الإخوان المسلمين المحتلة، وطالبوا بعودة قوات النخبة الشبوانية [المدعومة من الإمارات]".
وانضم عارف باعبيد، من سكان حضرموت، إلى الاحتجاجات في الشحر.
وقال لموقع ميدل ايست آي: "نحن لا ندعم أي جانب سياسي، لكن يمكنني أن أرى أن الأطراف السياسية تستغل الاحتجاجات لمصالحها الخاصة". وتابع: "نخرج إلى الشوارع ضدهما، ويستمران في استغلال كل شيء، حتى معاناتنا".
وأضاف "باعبيد" أن معظم الناس لا يفكرون في القضايا السياسية، فهم يهتمون فقط بالخدمات الأساسية والطعام. وتابع: "عمري الآن 54 عامًا ولم أشهد أزمة اقتصادية مثل هذه. لقد تحول الأغنياء إلى فقراء، يبحثون فقط عن الطعام. هذه ليست حضرموت التي أعرفها".
وحضرموت هي واحدة من أغنى المحافظات في اليمن الفقير، وفقا لتقارير اقتصادية، حيث تنتج النفط وسواحلها غنية بصناعة وتعليب الأسماك.
واستطرد باعبيد: "حتى من ليسوا فقراء ينزلون إلى الشوارع مطالبين بخدمات مثل الكهرباء وهم ضد الأسعار المرتفعة".
* يمكن الرجوع للمادة الأصل هنا
* ترجمة خاصة بالموقع بوست