قالت صحيفة الإندبندنت البريطانية إن مئات الآلاف من الأطفال على وشك الموت بسبب الجوع في اليمن الذي يشهد حربا منذ ست سنوات.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" أن اليمنيين بالنسبة لهم يعد فيروس كورونا مجرد واحد من مخاوف كثيرة، فهم فقط يريدون إطعام أطفالهم.
ووصفت الصحيفة المجاعة في اليمن بالمأساة، لكنها أورد تساؤلا: هل تعلم ما هي المأساة الأخرى؟ كيف يمكن منع كل هذا؟
وذكرت أنه منذ بدء قصف اليمن بقيادة السعودية في مارس 2015، رخصت المملكة المتحدة بيع أسلحة للرياض يعادل ثمنها ما لا يقل عن 5.3 مليارات جنيه إسترليني.
وقالت الإندبندنت "تحتاج حكومتنا إلى أخذ درس من المنظمات غير الحكومية مثل إغاثة سوريا وإرسال الغذاء لليمن وليس الأسلحة".
وتابع التقرير -الذي أعده آدم كيلويك وهو عامل إغاثة في منظمة إغاثة سوريا غير الحكومية خلال رحلته إلى اليمن- لقد انهار نظام الرعاية الصحية في اليمن بسبب الوباء هذا الوباء ليس كورونا إنما هو مجاعة الأطفال.
وبحسب كيلويك "في كل مكان أذهب إليه وكل أسرة أتحدث إليها، همهم ليس الأقنعة أو التباعد الاجتماعي أو غسل أيديهم. همهم يتمثل في "أنا بحاجة إلى طعام وإلا سيموت أطفالي جوعاً".
وقال "أزور اليمن كل عام منذ عام 2000، عندما اكتشفت أن جذوري يمنية، بدأت المجيء إلى هنا لأنها جزء مني. ومع ذلك، فقد توقفت منذ فترة طويلة عن الذهاب إلى اليمن وأقوم الآن بزيارتها كعامل إغاثة لأنه في كل مرة أذهب يكون الوضع الإنساني أسوأ. إنه الآن أسوأ ما رأيته في حياتي، إنه يكسر قلبي".
وأضاف كيلويك "أعمل حاليًا مع المنظمة غير الحكومية (إغاثة سوريا)، وهي عملية مساعدات إنسانية في سوريا التي مزقتها الحرب ولديها خبرة في تقديم المساعدات المنقذة للحياة في منطقة حرب وهو أمر ضروري أيضًا هنا في اليمن.
وأشار إلى أن هناك العديد من الاختلافات بين الوضع هنا في اليمن والوضع في سوريا. في حين أن الفقر ارتفع في سوريا منذ اندلاع الصراع إلا أنه كان بلدًا متوسط الدخل قبل بدايته. دمر الفقر اليمن قبل فترة طويلة من الحرب الأهلية.
وأضاف: "في هذه الزيارة، كنت في البلاد لمدة ساعات عندما رأيت أول حالة من حالات كثيرة لسوء تغذية الأطفال. كنت في مدينة الضالع، وهي حاليًا محافظة على خط المواجهة حيث تشتبك قوات الحوثي بانتظام مع المقاتلين الانفصاليين الجنوبيين".
وأردف: "أخبرني زميلي عبد القادر محمد من الهلال الأحمر اليمني عن أم وطفل أُدخلوا المستشفى يوم الثلاثاء. وأوضح عبدالقادر أن السبب في معاناة الكثير من الأطفال من سوء التغذية هو أن أمهاتهم يتضورن جوعاً ولا يستطعن تحمل تكاليف أي طعام وأجسادهن ضعيفة لدرجة أنهن لا يستطعن إنتاج الحليب لإرضاع أطفالهن".
يضيف "بدأت الغريزة الإنسانية بداخلي، أردت أن أقابل هذه الأم وطفلها. لقد أردت أن أساعدها. انطلقنا وأثناء القيادة هناك، تلقى عبد القادر مكالمة من مستشفى محلي آخر".
قال: "لقد قدموا للتو طلبًا طارئًا للحصول على مئة كيس من أكياس الجثث وأكفان الدفن، وسألت عن سبب هذا العدد الكبير، قيل لي إن ذلك يرجع إلى مزيج من الجوع والقتال وبعض حالات الإصابة بفيروس كورونا.. انفطر قلبي من هذا الخبر".
وتابع: "تأكد هذا الشعور عندما زرت مدرسة سابقة تعرضت للقصف في غارة جوية وتضم الآن 55 عائلة نازحة. عندما سألت جابر، الذي كان ممثلاً للعائلات النازحة، لماذا لم يرتدِ أحد قناعًا، أجاب: لماذا يجب أن ننزعج بشأن فيروس كورونا عندما لا يكون لدينا أي طعام نأكله ولا ماء لنشرب؟".
في مدينة الحديدة الساحلية التي تضررت بشدة، قال كيوليك: "رأيت مشاهد مؤلمة أكثر. كان الناس هناك في حالة فقر قبل فترة طويلة من تصاعد الصراع قبل خمس سنوات لكن الوضع الآن أسوأ مما كان عليه في أي وقت مضى. بالنسبة لأولئك الذين لم يغادروا منازلهم وفروا إلى جزء مختلف من اليمن هناك أمل ضئيل في أي رعاية صحية مناسبة ومعظم الناس لا يعرفون من أين تأتي وجبتهم التالية".
وتابع: "كانت المشاهد في مستشفى السبعين للنساء والأطفال في صنعاء مروعة. تقريباً كل سرير وكل جناح كان يشغلها طفل يعاني من سوء التغذية. هياكل عظمية صغيرة يمكن رؤيتها من خلال جلدهم. سوف تطاردني إلى الأبد".
واستدرك "إلى جانب صافرات وحدات العناية المركزة، أوضحت لي الدكتورة نجلاء السنبولي، خريجة كلية ليفربول للطب، أن تمويل علاج هؤلاء الأطفال كان صعبًا للغاية حيث توقف قدر كبير من الدعم من المنظمات الدولية.
وأوضحت أنه في الوقت الحالي تتم تغطية الكثير من العلاج والنقل من وإلى المستشفى للموظفين من قبل مجموعة من السيدات في ليفربول تعرفهن، من اللائي يقمن ببيع الكعك والحرف اليدوية بانتظام وجمع التبرعات المحلية.
على الرغم من الظروف المروعة في مستشفى السبعين، كانت هذه العائلات محظوظة لأنها حصلت على بعض الرعاية الصحية. ما يقرب من نصف المراكز الصحية في اليمن مغلقة حاليًا والبقية تعاني من نقص شديد في التجهيز.
ولفت إلى أنه من أكثر الحالات التي أثرت عليّ هي حالة غصون، البالغة من العمر 19 عامًا والمصابة بسرطان الرحم.
وقال: "قابلناها ووالدها عندما كنا نوزع طعامًا للحالات الطارئة في مدينة الحديدة. دعانا والدها إلى منزلهما الذي لم يكن أكثر من كوخ مصنوع من العصي. أخبرتنا غصون أن عائلتها كانت تعيش في منزل جميل وأنهم كانوا عائلة من الصيادين وكانوا يعيشون حياة مريحة. عندما وصل النزاع إلى المنطقة، اضطروا إلى الفرار. قالت والدموع في عينيها: ليس لدينا أي نقود لعلاج السرطان الذي أعاني منه. لم يكن لدينا سوى ما يكفي لإجراء الفحص والتشخيص. أريد فقط أن تتوقف الحرب حتى أتمكن من العودة إلى منزلنا".
واختتم كيوليك تقريره بالقول: "هذا هو شعور كل من قابلتهم هنا تقريبًا، فهم لا يهتمون بالسياسة، إنهم يريدون فقط إنهاء الصراع. اليمن يتضور جوعًا والمواطنون يريدون فقط أن يكونوا قادرين على وضع الطعام على الطاولة".
* يمكن الرجوع للمادة الأصل هنا
* ترجمة خاصة بالموقع بوست