[ مقاتل يمني انفصالي يوجّه بندقيته في موقع مظاهرة مناهضة للحكومة في عدن ]
قال الكاتب صموئيل راماني، إن روسيا تسعى إلى توسيع نفوذها في منطقة البحر الأحمر، وتأمل بأن يساهم التوسط في النزاعات الداخلية في اليمن، في جعل المنطقة أكثر أماناً.
وأشار صموئيل راماني في مقال نشره "المونيتور" وترجمه "الموقع بوست" إلى أن تحدث المبعوثة الروسية لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبنزيا في 24 أكتوبر عن الحاجة لنقل المساعدات الإنسانية إلى جنوب اليمن وضمان بقاء جميع مراكز النقل الرئيسية في اليمن مفتوحة للمساعدة، والترحيب بتعليقات نيبنزيا في جنوب اليمن، بعد أسابيع فقط من وصف السفير الروسي في اليمن، فلاديمير ديدوشكين، اليمن الجنوبي كمنطقة مهمة لحل النزاع، يسمح لروسيا أن تكون لاعبا في جنوب اليمن.
وقال إن "قلق روسيا من جنوب اليمن، كما هو واضح في هذه التصريحات الرسمية ومجموعة واسعة من مبادرات الوساطة غير الرسمية التي ترعاها روسيا في المنطقة، يمكن تفسيرها من خلال ارتباط موسكو التاريخي بالمنطقة وطموحاتها على البحر الأحمر".
وأضاف: "خلال الحرب الباردة، كانت ولاية جنوب اليمن السابقة هي أقوى حليف للاتحاد السوفييتي في العالم العربي وموقع المنشآت العسكرية السوفياتية الرئيسية في عدن وسقطرى".
وتابع الكاتب صموئيل راماني أن "تركة التبادلات الثقافية في حقبة الحرب الباردة بين الروس واليمنيين الجنوبيين، والتي يعززها وجود الباحثين السوفييت في سقطرى والموظفين المدنيين اليمنيين الجنوبيين في المؤسسات التعليمية السوفيتية، قد أدامت اهتمام موسكو بالمنطقة".
وقال: "من وجهة النظر الإستراتيجية، فإن رغبة روسيا في إدخال نفسها كشركة مساهمة في جنوب اليمن ترتبط ارتباطًا وثيقًا برغبتها في الانضمام إلى المنافسة بين الدول للوصول إلى البحر الأحمر".
وذكر أن روسيا أجرت في الأشهر الأخيرة، مفاوضات مع كبار صانعي السياسات في القرن الأفريقي لتعزيز وجودها الاقتصادي والعسكري في المنطقة. وقد أسفرت هذه المبادرات الدبلوماسية عن مناقشات جادة حول إنشاء قاعدة بحرية روسية في أرض الصومال واتفاق في 1 سبتمبر لإنشاء مركز لوجستي في إريتريا.
يقول الكاتب: "إذا أقامت روسيا هذه التسهيلات، فإن منشأة عسكرية في جنوب اليمن ستكون رصيداً إستراتيجياً مرغوباً، لأنها ستربط وجود موسكو في القرن الأفريقي بشبه الجزيرة العربية"، وفق تعبيره.
وأوضح أنه تم تحديد القيمة المحتملة لهذا التركيب بالنسبة لروسيا من قبل القائد السابق للقوات البحرية الروسية فيليكس جروموف، الذي دعا إلى إنشاء قاعدة بحرية بالقرب من طرق التجارة في خليج عدن في أغسطس 2017، في حين أن هذه المشاريع ذات الأهداف طويلة الأجل تلعب دورا حاسما في تحقيق الاستقرار في جنوب اليمن، إعطاء موسكو القوة التفاوضية التي تحتاجها لتأمين قاعدة للبحر الأحمر.
لتعزيز الاستقرار في جنوب اليمن، يقول صموئيل راماني: لعبت روسيا دوراً فعالاً في مكافحة التهديدات لاقتصاد اليمن الجنوبي وضمان أمن ممرات الشحن الخاصة به. مشيرا إلى أنه منذ شهر سبتمبر 2017، سهلت روسيا نقل العملة الصعبة من البنك المركزي اليمني إلى جنوب اليمن لضمان حصول الموظفين الحكوميين والعسكريين اليمنيين الذين يؤيدون الحكومة على أجور كافية.
يمضي الكاتب بالقول "كما قامت روسيا بدور الحكم غير الرسمي بين المؤيدين المعتدلين لحكم جنوب اليمن الذاتي وحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، وانخرطت الحكومة الروسية في حوار مع زعيم الحزب الاشتراكي اليمني عبدالرحمن السقاف، وهو شريك متحالف مع هادي، ورئيس الوزراء السابق في اليمن الجنوبي، حيدر أبو بكر العطاس، لتشجيع السياسيين على مواصلة الضغط من أجل توسيع التمثيل اليمني الجنوبي ضمن الأطر القانونية".
وبحسب الكاتب "كانت هذه الإستراتيجية فعالة بسبب وجود صدع بين حزب اليسار اليمني والمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يعارض تحالف حزب اليسار الديمقراطي مع هادي، والعلاقات الودية بين السياسيين اليمنيين والدبلوماسيين الروس الذين ظهروا خلال الحرب الباردة"، لافتا إلى أن المسؤولين الروس حاولوا تشجيع المعتدلين داخل الحركة الجنوبية على إلقاء أسلحتهم والدفاع عن حقوق اليمنيين الجنوبيين من خلال تسوية سلمية متعددة الأطراف داخل اليمن.
وقال إن روسيا تواجه عقبات كبيرة في سعيها لترسيخ نفسها كشركة مساهمة لا غنى عنها في جنوب اليمن.
وقال خبراء من مكتب المجلس الانتقالي الجنوبي في العاصمة واشنطن لموقع "المونيتور" إن موسكو قد تنظر إلى جنوب اليمن على أنه فراغ السلطة على الطراز السوري الذي أصبح جاهزًا للنفوذ الروسي.
ومن وجهة نظر المجلس الانتقالي الجنوبي -حسب الكاتب - فإن هذا التقييم منفصل عن الواقع على الأرض، حيث تحتفظ دولة الإمارات العربية المتحدة بالسيطرة على الموانئ الرئيسية في جنوب اليمن ولديها وجود بري أساسي في المنطقة لا يمكن لروسيا أن تزيحه بشكل واقعي.
يشير الكاتب إلى أن هيمنة الإمارات، بالإضافة إلى عدم قدرة اليمن الجنوبية الحالية على توفير حوافز مادية لروسيا، تجعل خبراء المجلس الانتقالي الجنوبي ينظرون إلى روسيا كشريك ودود يساعد المنظمة على توسيع حضورها الدولي، بدلاً من أن يكون صاحب مصلحة حاسم.
وخلص الكتاب في مقاله إلى أنه من الضروري النظر في القيود التي تفرضها القوة الروسية في جنوب اليمن، وقال "لا ينبغي أن تُخفَض زراعة موسكو للشراكات داخل الحزب اليمني والحركة الجنوبية. مع استمرار الحركة الجنوبية في العمل كحائط صد ضد التوسع الحوثي، تستمر احتمالية تمثيل المجلس الانتقالي الجنوبي في تسوية سلمية يمنية، كما أن وجود روسيا المتنامي في جنوب اليمن يمكن أن يعزز نفوذها في حل الصراع في اليمن".
-----------------------------
*الكاتب: صموئيل راماني هو طالب دكتوراه في العلاقات الدولية في كلية سانت أنتوني بجامعة أكسفورد. وهو أيضا صحفي يساهم بشكل منتظم في صحيفة واشنطن بوست وهافينغتون بوست.
*يمكن الرجوع لمصدر المادة هنا
*ترجمة خاصة بالموقع بوست