[ الحرب تسببت بشلل الكثير من المستشفيات ]
عندما ولد كنان قبل أربعة أشهر، لم يكن هناك أطباء في مستشفى الصداقة لرعايته، لذا حاولت إحدى جداته إنقاذه، وتم وضع الرضيع في حاضنه لكنها كانت مكسورة، أعادوا المحاولة مرة أخرى لكنها لم تعمل.
24 ساعة كانت قد مرت منذ زيارة آخر طبيب للمستشفى، وقبل ذلك بيوم، تعرض أحد الأطباء للضرب خلال مشادة مع أحد رجال الميليشيات الذين كان من المفترض أنهم يقومون بحراسة المستشفى، وأضرب الأطباء احتجاجًا على ذلك.
أصابت الحرب الأهلية المستشفى بالشلل، والذي يعد أكبر مستشفى مدني عام في جنوب اليمن، أما الآن فقد أصبح مشلولا تماما، ما يوضح هشاشة النظام الصحي الذي كسرته الحرب وأصبح عاجزا تماما عن رعاية ضحايا ما تسميه الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
تم قصف المستشفيات والعيادات، وانتشر نقص الأدوية الأساسية واللقاحات والمعدات الطبية، في معظم المرافق الصحية الحكومية، في حين لم يتم دفع رواتب الموظفين منذ حوالي العام.
وقالت أم صلاح حسين، إحدى جداته، "لقد أحضرناه إلى الثالثة" وتشير إلى الحاضنة، وهذا هو المكان الذي مات فيه، لم يكن هناك أكسجين ولم يكن هناك أي مساعدة، تقول أم محمد زيد، جدته الأخرى، وهي تحدق في جثة الطفل الملفوفة بقطعة قماش حمراء داخل الحاضنة.
كان شقيق التوأم الطفل توفي قبل يوم واحد، واستيقظت الأم لتعلم أن ولدها الثاني قد فارق الحياة.
رعاية أكثر يأسا
أحدث النزاع في المستشفى مأساة لنظام الرعاية الصحية الذي تآكل بشكل مستمر بسبب صراع بين المتمردين الشماليين ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.
في الاضطرابات التي أعقبت انتفاضة الربيع العربي عام 2011، أجبر المتمردون الشيعة، المعروفون بالحوثيين، الحكومة على الخروج من العاصمة صنعاء.
دخل تحالف إقليمي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وبدعم من الولايات المتحدة الحرب لاستعادة الحكومة، وكان الهدف هو منع الحكومة الدينية الشيعية الإيرانية، -التي يعتقد على نطاق واسع أنها تدعم الحوثيين-، من توسيع نفوذها في نطاق تهيمن عليه الدول الإسلامية السنية.
عمقت الحرب أزمة إنسانية وضعت أكثر من 22 مليون شخص - 75 في المئة من السكان - في حاجة إلى المساعدة، وأكثر من ثلثهم عرضة لخطر المجاعة، وفقا للأمم المتحدة، مات الآلاف من الأمراض القابلة للعلاج مثل الكوليرا والتهاب السحايا والخناق، وأكثر من 3 ملايين فروا من منازلهم.
يعتبر المستشفى واحد من أفضل مستشفيات القطاع العام تمويلا، ويجتذب الصدقة أفقر المرضى وأكثرهم بؤساً، ويستقبل المستشفى يوميا من 500 إلى 800 مريض.
عمل المستشفى في ظل صعوبات لا يمكن تصورها، وخلال السنوات الثلاث الماضية ، كانت المليشيات المحلية هي التي تحرس المستشفى، وهي واحدة من العديد من الجماعات المسلحة التي تسعى إلى فرض نفوذها في عدن.
تقوم الميليشيات بشكل روتيني بمضايقة الأطباء والممرضات، ونهب المعدات، واضطر المستشفى إلى دفع رواتب قدرها 15 دولارًا شهريًا لكل فرد من أفراد المليشيا، ولم يكن بالإمكان طرد أي منها.
يقول مدير المستشفى جمال عبد الحميد "إما أن ندفع أو سيقتل أحد"، تعب الموظفون من الإساءة، والآن، ومع إضراب أكثر من 70 طبيبًا وطبيبًا متدربًا، توقف المرفق عن قبول الوافدين الجدد، ومن المحتمل أن يهدد حياة آلاف المرضى الذين لا يستطيعون تحمل نفقات مستشفى خاص.
حياة هشة
في يوم حار في جناح الأطفال بمستشفى الصدقة، كان هناك 15 طفلاً يعانون من سوء التغذية الحاد، لكن أسوأ الحالات كانت عائشة أحمد البالغة من العمر ثلاث سنوات، كانت ساقي عائشة رقيقة كالأغصان، ومع كل نفس كانت أضلاعها تبرز من خلال بطنها، وتمتد إلى خارج جلدها الرقيق والجاف.
كان والدا عائشة قد اقترضا 40 دولارًا مقابل السيارة لنقلهما من قريتهما، على بعد 200 ميل، و 75 دولارًا إضافيًا لشراء الأدوية لابنتهما، وصلت العائلة إلى المستشفى قبل يوم من النزاع، وساعدهم الأطباء، وانتهى إسهال عائشة وتوقفت عن التقيؤ، وكانت أيضا تشرب الحليب المدعم.
ومع استمرار تأزم حالتها كان والداها يفكران في نقلها الى مشفى آخر، وتقول نزيهة مهيوب والدة عائشة "سيكون ذلك تحديًا ماليًا حيث إنه لم يتبقّ لنا سوى 10 دولارات "لكن" سنحاول اقتراض المال من أي مكان".
ولد منذر مبكرا لأوانه وكان بحجم كرة مفرغة من الهواء، كان وجهه الصغير مرتبطًا بأنبوب متصل إلى زجاجة الأكسجين، لكن جسده لم يكن يتحرك، لقد توقف الأكسجين منذ عشر دقائق، ”تقول والدته، فكرية سايل، 39 سنة، التي يظهر عليها القلق من صوتها، "لا فقاعات تخرج"، هرعت ممرضة إلى الجهاز الذي ينظم تدفق الأوكسجين، كان شقيقه التوأم، نادر، قد توفي قبل تسعة أيام، فجأة، ظهرت فقاعات في الزجاجة، تحرك القفص الصدري في نادر قليلا، وشكرت أخته الله.
لكن بعد ثلاثة أيام، اكتشف الموظفون أن المنذر لدية نزيف في الأمعاء، تقول الممرضات، قامت طبيبة بالتسلل إلى المستشفى، وغطت وجهها بحجاب أسود لتجنب رجال الميليشيات في الخارج، تلك الطبيبة كانت تدير عملية نقل الدم ثم غادرت، وتصفها الممرضات بأنها بطلة.
تدفق الدم إلى أوردة المنذر وفتحت عيونه نجا لمدة 29 يوما في وحدة العناية المركزة، ترقد طيف البالغة من العمر خمسة أشهر، والتي كانت تعاني من اضطراب في القلب، كانت طيف بحاجة ماسة إلى نقل الدم وجراحة القلب.
حاول والداها نقلها إلى مستشفى خاص في اليوم السابق، لكن بعضها كان مكلفًا للغاية، ورفض آخرون قبولها في مثل هذه الحالة الخطيرة، وعرضت جمعية خيرية ماليزية إجراء عملية جراحية مجانية لكنها قالت إن طيف بحاجة إلى أن تزن 15 كيلوجراما على الأقل، كانت تزن ستة فقط.
تساءل والدا طيف كيف يمكن لابنتهما أن تكتسب وزنا في الوقت الذي لا يوجد فيه أطباء لمساعدتها؟ "تركونا بدون دواء، ولم يكن أحد يتابع حالتها" ، قالت أمها بمرارة في وقت لاحق.
بعد يوم واحد ، توفيت طيف تقريبًا، وقالت والدتها فاطمة جلال إنها كانت تتقيأ، وكانت في حاجة ماسة للدم، وتوقف قلبها، عندما جاءت الممرضة ورأتها، حاولوا إحيائها، قالت "عاد نبضات قلبها ببطء".
ملخص
أنهى الأطباء إضرابهم بعد أن استولت قوة مسلحة مرتبطة بالتحالف الذي تقوده السعودية والإمارات على أمن المستشفى.
عادت عائشة إلى مستشفى الصداقة بعد انتهاء الاحتجاج وبدأت صحتها تتحسن.
ازدادت حالة طيف سوءا وماتت بالرغم من أنها تلقت نقل الدم الذي كانت في حاجة ماسة إليه.
توفي المنذر في اليوم الذي انتهى فيه الإضراب.
*لقراءة المادة الأصل على الرابط هنا
*ترجمة خاصة بالموقع بوست.