وفاة علي عبد الله صالح تُظهر أن المملكة العربية السعودية تدفع ثمن خيانة الربيع العربي في اليمن في عام 2011.
وكان الرئيس اليمني السابق صالح قد قتل يوم الاثنين على يد المليشيا الحوثية التي كانت حليفة له في السابق.
كان هذا الرجل زعيما عربياً فاسدا زائفا، و كان من الممكن إزالته خلال الربيع العربي، بعد مشاهدة الحلفاء يقعون في مصر وليبيا وتونس، وضع الملك السعودي الراحل عبد الله موقفاً متشدداً ضد أي تحركات مماثلة في شبه الجزيرة العربية.
في حالة اليمن، تصرفت الرياض بشكل استباقي، أدت المخاوف من عدم الاستقرار على الحدود الجنوبية السعودية إلى تنظيم تغيير القيادة في البلاد، وقام مجلس التعاون الخليجي الذي يهيمن عليه السعوديون بصياغة اتفاق مع صالح للتنحي عن السلطة مقابل الحصانة الممنوحة له.
وظل لاعباً سياسياً رئيسياً في اليمن، على الرغم أنه طاغية فاسد قتل شعبه، وفي عام 2012، انتخب نائب الرئيس صالح، عبد ربه منصور هادي رئيساً، وكان من المفترض أن يكون قائداً انتقالياً، يقود اليمن إلى أول انتخابات برلمانية كاملة وحرة، وكان الملك عبد الله ثم الملك سلمان قد عملا مع الرئيس السابق باراك أوباما لضمان الجدول الزمني الانتقالي المنصوص عليه في "مبادرة الخليج" المؤسفة والمعقدة التي تلقت دعماً من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.
لكن الملك عبد الله لم يفعل ذلك، وتأخرت أحلام الانتخابات الحرة مراراً وتكراراً، وفي نهاية المطاف، كان هذا "الربيع العربي" من أعلى إلى أسفل خطأ استراتيجيا للرياض، وهو أن بلدي لم يفق إلا بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من الحرب في اليمن.
وقد أدى تحالف صالح مع الحوثيين المدعومين من إيران، والذين يعتبرهم السعوديون تهديدا استراتيجيا، إلى تدمير علاقته بالرياض، أصبح صالح، جنباً إلى جنب مع جيشه وأسلحته، عنصراً أساسياً في الحرب بين التحالف بقيادة السعودية ضد الحوثيين منذ آذار / مارس 2015.
ولكن الجميع يعرفون أن صالح والحوثيين كانوا عبارة عن زواج من المصلحة، كان هو ديكتاتور، وكان الحوثيون أيديولوجيين يريدون فرض رؤيتهم الأصولية، لا يهتمون بالقيم الأساسية للربيع العربي، في النهاية، كان "الطلاق" لا مفر منه، وكان كل واحد يبحث عن فرصة للقضاء على الآخر.
كنت أعرف صالح جيداً، بعد أن قابلته والتقيت معه عدة مرات، كان محترف ومحنك سياسياً، يجيد في جميع أشكال المناورة السياسية، طوال فترة وجوده في السلطة، ذهب من محاربة الحوثيين، إلى التحالف معهم ضد حلفائه السعوديين منذ فترة طويلة.
فن الحفاظ على الذات كان قوته الحقيقية؛ كان ضعفه هو أنه غير قادر تماماً على الحكم الرشيد، عندما غادر السلطة في عام 2012، بعد أن أصيب وقتل عشرات المتظاهرين اليمنيين السلميين الذين يطالبون بإزالته، كانت معدلات الأمية والفقر في اليمن ولا تزال أعلى في المنطقة، وعلى غرار غزة، تعاني البلاد من أزمة مياه صالحة للشرب قبل الحرب التي قادتها المملكة العربية السعودية في آذار / مارس 2015. ومع ذلك، حصل على حصانة كاملة وحافظ على ثروة مذهلة بلغت 60 مليار دولار، ووفقاً لتقرير الأمم المتحدة.و قد ساعد هذا الظلم على تقويض التحول الهش الذي أعقب ذلك في اليمن.
وفي يوم الجمعة الماضي، كانت هناك شائعات حول صفقة سرية بين صالح والرياض، ورفض التدخل الإيراني في اليمن.
احتفل الإعلام السعودي بفوزه الأول على الحوثيين، ومع ذلك، وبحلول يوم الأحد، فإن أخبار وفاة صالح سحق النشوة السعودية، أما الآن، فإن الحوثيين يسيطرون على صنعاء ومعظمهم من شمال اليمن، وهو موطن غالبية السكان الذين يعانون من الجوع والكوليرا والانهيار التام للبنية الأساسية.
فماذا يأتي بعد ذلك؟ من المأساوي أن وفاة صالح هي إشارة إلى أن سياسة الرياض في اليمن تحتاج إلى إصلاح شامل، وهي علامة على أن المملكة العربية السعودية سوف تفوت على الأرجح، وقد يحاول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إصلاح الأسوار مع ابن صالح أحمد، الموجود حاليا في أبو ظبي.
وفي عام 2015، أي قبل أيام قليلة من بدء الحرب، حاولوا وفشلوا في التوفيق، لكن الآن، هناك على الأرجح غضب من كلا الجانبين، وسوف يتطلب النهج التقليدي من رمي الملايين من الدولارات من أجل شفاء الصداع، سيحاول أحمد قيادة قوات والده وحليفهم مع الحكومة الموالية للسعودية التي تتخذ من عدن مقرا لها، وستستمر معركة صنعاء، وستحاول القوات اليمنية بدلا من القوات السعودية استعادة المدينة في مواجهات عنيفة بناءة.
إن اختيار شن المزيد من الحروب مغري لأولئك الذين في الرياض ويريدون الهزيمة الساحقة للحوثيين وإخراجهم من اللعبة السياسية، لكنه سيكون مكلفاً جداً ليس للمملكة فحسب، بل أيضا للشعب اليمني الذي يعاني كثيراً.
هذا الصراع هو النتيجة المروعة لمنع شعب اليمن من تحقيق رغبته في الحرية.
الآن أصبح الحوثي قوة كبيرة، وهم لا يحملون قيم الربيع العربي على أساس تقاسم السلطة، العالم يراقب اليمن، ليس فقط على السعوديين وقف الحرب، ولكن يجب أن يكون هناك ضغط على الإيرانيين لوقف دعمهم للحوثيين؛ يجب على الجانبين قبول صيغة يمنية لتقاسم السلطة، ربما سقوط صالح الطاغية هو فرصة للسلام في اليمن.
*نشرت المادة في صحيفة الواشنطن بوست، ويمكن الرجوع لها على الرابط
هنا
*الترجمة خاصة بالموقع بوست.