[ المجلة وجهت أصابع الإتهام لإيران في ضرب السعودية بصواريخ بالستية ]
قالت المجلة الأمريكية "فورين بوليسي" إن البيت الأبيض من أجل رفع السرية عن المعلومات الاستخبارية التي يزعم أنها تربط إيران بالهجمات الصاروخية الباليستية قصيرة المدى،التي يقوم بها المتمردون الحوثيين ضد السعودية ،كجزء من حملة علاقات عامة تهدف إلى إقناع نظرائهم الامريكيين بأن طهران تساعد في تأجيج الصراع بالبلاد.
ويأتي الجهد المبذول لإلقاء اللوم على إيران في الوقت الذي يواجه فيه التحالف العسكري السعودي المدعوم من الولايات المتحدة في اليمن إدانة دولية متزايدة لفرض الحصار على الموانئ الحيوية التي تهدد بإغراق البلاد في مجاعة ضخمة.
وأشارت المجلة الأمريكية في تقرير لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" أن عملية رفع السرية جزءاً من محاولة أمريكية واسعة لعزل طهران من مجلس الأمن الدولي، ومن المحتمل أن تقدم تبريراً لتطبيق العقوبات أو فرض عقوبات جديدة ضد طهران. وهو اعتراف مدهش من قبل الرئيس دونالد ترامب -الذي استثنى الأمم المتحدة كمحرك حديث في حملته الرئاسية -أن المنظمة العالمية حاسمة لحشد الدعم الدولي.
وقد كشفت حملة الولايات المتحدة لتسليط الضوء على انتهاك طهران لعقوبات الأمم المتحدة انتكاسة في وقت سابق من هذا الشهر عندما كشفت لجنة من خبراء الأمم المتحدة أنها لم تتلق أي دليل على أن إيران وفرت المتمردين الحوثيين بالصاروخ الذي أطلقته يوم 4 نوفمبر إلى مطار بالقرب من العاصمة السعودية الرياض.
وكانت السعودية قد اعتبرت هذا الهجوم في وقت سابق من هذا الشهر مبرراً لفرض حصار على الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون ومطار صنعاء، وهي خطوة أدانتها وكالات الإغاثة لتمهيد الطريق أمام كارثة إنسانية. أعلنت السعودية اليوم الأربعاء أنها ستعيد فتح ميناء الحديدة ومطار صنعاء لنقل المساعدات الإنسانية. بيد أن لجنة الإنقاذ الدولية انتقدت هذه الخطوة الذي سيستمر في منع استيراد السلع التجارية الحيوية والوقود بشكل جزئي.
وأوضحت " فورين بوليسي" في تقرير مطول أن "حملة البيت الأبيض لإطلاق سراح مزيد من المعلومات حول عمليات شحن الأسلحة الإيرانية المشتبه بها تبدو محسوبة لإنهاء الاهتمام من الغضب الدولي والكونغرس الذي يوجه إلى الرياض حول الحصار".
ونصح بروس ريدل، وهو ضابط متقاعد من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، أربعة رؤساء في الشرق الاوسط "أنهم يريدون بشدة تغيير المحادثة بعيداً عن تجويع الاطفال الى الأشرار الإيرانيين". وأضاف "لكنني متشكك أنها ستعمل. لأن صور الأطفال التي تراها على بي بي سي أو 60 دقيقة هي أقوى بكثير من صور وثيقة سرية. "
وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى طلب عدم ذكر اسمه أن المسؤولين في إدارة ترامب جاءوا إلى الدفاع السعودي قائلا إن الرياض كانت قلقة من تهريب الأسلحة: "كيف تتفاعل الدول إذا أصاب صاروخ باليستي عاصمتكم".
وتضيف المجلة في التقرير الذي ترجمه "الموقع بوست" في واشنطن سعى مسؤولو الأمن القومي الأمريكي يوم الإثنين إلى إقناع دبلوماسيين من الأمم المتحدة وأعضاء لجنة الخبراء بأن إيران تسلح الحوثيين الشيعة في اليمن.
ومن ناحية أخرى، سافر فريق من الأمم المتحدة إلى الرياض هذا الاسبوع لحضور مؤتمر صحفي للاطلاع على الحطام الصاروخي.
وطالبت الأمم المتحدة السعودية بتوفير المزيد من المعلومات التقنية وغيرها من الأدلة من الهجمات الصاروخية.
بيد أن الحكومة السعودية، التي كانت قلقة إزاء اعترافها بوجود مواطن ضعف في دفاعاتها الصاروخية، كانت مترددة في البداية عن الإفراج عن مزيد من المعلومات حول الهجمات، وفقاً لما ذكره مسؤولون أمريكيون.
وقال مسؤول كبير في إدارة ترامب إن "الكشف عن أشياء من هذا القبيل كان جديداً بالنسبة لهم".
وقد حظرت إيران منذ سنوات العديد من قرارات مجلس الأمن الدولي من تطوير أو إختبار أو نقل صواريخ باليستية على اساس أنها يمكن أن تستخدم لدفع ما تخشى الولايات المتحدة وغيرها من القوى الغربية من وجود برنامج سري لأسلحة نووية.
بيد أنه بموجب شروط معاهدة نووية تاريخية لعام 2015، تم استبدال حظر الصواريخ بنداء طهران لوقف طوعي لتطوير الصواريخ البالستية التي يمكن استخدامها لنقل حمولة نووية. تجدر الاشارة إلى أن إيران التى نفت منذ وقت طويل انها تعتزم إنتاج أسلحة نووية، اتخذت هذا الضوء الاخضر لتعزيز برنامجها الصاروخى.
وما فتئت إدارة ترامب تكافح منذ شهور لتحديد سبل تطبيق ضغط دبلوماسي أكبر على طهران التي تدعم شبكة من الميليشيات الشيعية في لبنان والعراق وسوريا واليمن، لتوسيع نفوذها وقوتها في المنطقة. لكن جهود الإدارة لحشد التأييد الدولي لسياساتها تجاه إيران قد عرقلتها تهديدات ترامب بالتخلي عن الإتفاق النووي الإيراني.
والهدف الرئيسي لصناع القرار الأمريكي هو إقناع خبراء الأمم المتحدة بانتهاك إيران لحظر الأسلحة في تقرير قادم في ديسمبر إلى مجلس الأمن من قبل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس.
ويأملون أن يمهدوا الطريق أمام الولايات المتحدة لتأمين الدعم من الحلفاء الرئيسيين، ولا سيما القوى الأوروبية التي تعمق العلاقات الاقتصادية مع طهران، من أجل اتخاذ موقف أكثر صرامة مع إيران.
ويقول المسؤولون الامريكيون انهم مقتنعون بأن إيران يمكن أن تكون مرتبطة بضربة 4 نوفمبر الصاروخية التي تدعي السعودية إنها اعترضتها على طريق مطار الملك خالد الدولي بالقرب من العاصمة السعودية الرياض. وقال نيكي هالي، السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة، إنه بعد أقل من أسبوع من هجوم مطار نوفمبر، قال الضابط الأعلى للقوات الجوية في القيادة المركزية للجنرال جيفري هاريجيان إن الصاروخ يحمل "علامات إيرانية".
وأضاف نيكي أنه في وقت سابق أطلق الحوثيين أيضا صاروخاً إيرانيا قصير المدى من طراز كيام 1 في هجوم يوليو على مصفاة للنفط في ينبع.
وذكر تقرير الأمم المتحدة أن الجيش اليمني احتفظ بمخزونات ما قبل الحرب من صواريخ سكود - ب و هواسونج - 6، وبعضها تم تعديله.
وأثارت لجنة الأمم المتحدة احتمال وجود دور إيراني في برنامج الصواريخ في اليمن، وكتبت أنه لا يمكن استبعاد إمكانية أن يتلقى اليمن المشورة الفنية من "متخصصين في الصواريخ الأجنبية"، أو أن صواريخه قد تم تغييرها لتوسيع نطاقها.
كما أشارت إلى اكتشاف شحنة من المعدات الصناعية، بما في ذلك "صهاريج مقاومة للتآكل مماثلة تقريبا لتلك المستخدمة لدعم عمليات الصواريخ الباليستية قصيرة المدى من نوع سكود". ومن المؤكد أن المعدات نشأت في إيران ".
وقد ادعى الحوثيون انهن في هجماتهم على المطار، استخدموا مصفاة صاروخ يسمى برقان 2H، وهو أقرب إلى صاروخ سكود C. وقال المسؤولون الأمريكيون أن نطاق طراز سكود C النموذجى يبلغ طوله 700 كيلومتر فقط، بيد ان الاهداف التي اصيبت في الهجمات الاخيرة كانت أكثر من 200 كم خارج هذه المسافة.
وقال مسؤول كبير في الإدارة ل "فورين بوليسي" إن الحطام الصاروخي الذي تم انتشاله بعد هجمات المطار والمصفاة يشبه صاروخ باليستي إيراني قصير المدى. صواريخ سكود لها زعانف، ولكن الصاروخ الذي ضرب السعودية لم يكن له زعانف أقسام - تشابه آخر لتصميم كيام.
وقال المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه "أنها لا تشبه جسديا سكود C".
كما أظهرت الصور أن طائرة نفاثة استردت من الحطام الصاروخي تحمل شعار شركة الدفاع الإيرانية للصناعات. بيد أن فريق الخبراء قال في تقريره في وقت سابق من الشهر الجاري أن الأدلة الداعمة التي تم تبادلها معهم غير كافية لإثبات تورط إيران.
وقالت اللجنة في تقريرها: "إن الأدلة الداعمة المقدمة في هذه الإحاطات أقل بكثير من تلك المطلوبة لعرقلة هذا الهجوم إلى كيام - 1 سربم".
وقال المسؤول الأمريكي أنه بالإضافة إلى الحطام الذى تم انتشاله، تمتلك الولايات المتحدة معلومات استخباراتية "أخرى" غير محددة للمساعدة في جعل قضية الصواريخ من صنع إيران، وتخطط لتبادل بعض المعلومات الاستخبارية مع فريق الأمم المتحدة.
وقال المسؤول "ان الايرانيين دأبوا على عدم وجود إيرانيين في اليمن، انهم في الحقيقة مجرد حوثيين ذكيين يولون إهتماماً في الطبقة العلمية".
وقال المسؤول إن الأدلة المستمدة من الهجمات الصاروخية الأخيرة أثبتت خلاف ذلك، وقال إن جهود رفع السرية "تتيح فرصة لإظهار للحلفاء الأوروبيين ما يفعله الإيرانيون".
وبصرف النظر عن الهجمات الصاروخية الباليستية، يقول مسؤولو إدارة ترامب إن إيران تدعي أنها ليست وراء التحسينات والصواريخ الحوثية أرض - أرض، فضلا عن الأسلحة الأخرى، مما يجعل القذائف أكثر دقة. وقالت وزارة الخارجية السعودية أن المحققين الذين يدرسون الصاروخ الذي تم اعتراضه كشفوا دليلاً على "دور النظام الايراني في تصنيعها"، مؤكداً أن "هناك دليلا وافياً يعود الى أكثر من عام يثبت أن إيران تقدم السلاح للحوثيين"،
وقال مسئولين أمريكيين آخرين يتحدثون حول هذه القضية، طلبو عدم استخدام اسمهم. "لا توجد مصداقية لمطالبة الحوثيين بأنهم جعلوا الصواريخ أنفسهم". وقال الخبراء إنهم رحبوا بقرار إدارة ترامب بمتابعة قضيتهم لتوريط إيران في الأمم المتحدة، قائلا إن ذلك سيجعل من السهل تأمين الدعم الأوروبي الأشد صرامة على إيران.
وقال مسئول أمريكي رفيع المستوى ان هناك ادلة اخرى تشير إلى يد إيران في الصراع اليمني.
وكان تم القبض على قارب حوثي على السواحل اليمنية من قبل القوات الإماراتية، الذين يشكلون جزءا من التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحرب ضد المتمردين الحوثيين في اليمن، ولديهم في القارب نظام كمبيوتر يبدو أنه مصنوع في إيران.
وأشار المسؤول إلى أن نظام التحكم في القارب يضم لوحات الدوائر التى تحمل علامات لشركة فم للإلكترونيات وهى شركة ايرانية مساهمة في طهران. برنامج مشابه للطيار الآلي للقوارب المعلن عنه في كتالوج الشركة الإيرانية، واحتوت على مختلف إحداثيات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) بما في ذلك موقع واحد مع موقع منظمة أبحاث الحرس الثوري الإيراني المعروفة في طهران.
وتنفذ هذه المبادرة الدبلوماسية على خلفية الانتقادات المتزايدة فى الكونجرس وخارج التحالف السعودى الذى تدعمه الولايات المتحدة.
يذكر أنه بعد يومين من غارة 4 نوفمبر أعلن التحالف أنه أغلق جميع الموانئ البرية والبحرية والمطارات في اليمن لوقف تهريب الأسلحة إلى اليمن.
يمكن قراءة المادة الأصل من الرابط هنا