[ يتضمن التقرير دعوة للحكومة الروسية للانخراط في الملف اليمني ]
قدم مجلس الشؤون الدولية الروسية مقترحات لحكومة بلاده يطالبها بالحضور السياسي والدبلوماسي في اليمن أكثر من أي وقت مضى.
ويقول بأن لدى موسكو حق أخلاقي في ذلك، وستكون شريك تأريخي لكسر الجمود المستوطن في اليمن جراء الحرب المستمرة لعامين دون أي استجابة على المستوى المحلي والمجتمع الدولي.
ويقول الكاتب بأن روسيا تمتلك إمكانات قوية لحفظ السلام في اليمن، وتتمتع بثقة ضخمة مع غالبية الجهات الفاعلة في اليمن بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي ومصر، ويرى أن دخول روسيا في اليمن سيؤمن المصالح الاقتصادية لجميع البلدان الحريصة على سلامة التجارة البحرية عبر مضيق باب المندب.
الوضع في اليمن
ويشير إلى أن اليمن تعاني اليوم أكبر أزمة إنسانية، وغياب أي علامات للتسوية السياسية بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2216 الصادر في أبريل/نيسان 2015، تجعل من الضروري أن يتخذ المجتمع الدولي تدابير عاجلة في أشكال جديدة بغرض وقف الأعمال العدائية والشروع في اتخاذ إجراءات سياسية محادثات.
وأضاف: "تغيرت جميع المعالم الرئيسية للأزمة اليمنية منذ بداية الحرب قبل عامين ونصف العام. وبالنظر إلى الجانب الإنساني للأزمة يأخذ الأولوية المطلقة اليوم على النحو الذي تؤكده التقارير المقدمة من وكالات الأمم المتحدة المتخصصة، وهذا يتطلب تنقيحا دقيقا لقرار مجلس الأمن 2216، الذي امتنعت روسيا عن التصويت عليه".
ويشير إلى أن اليمن ستكون بحاجة إلى موارد مالية كبيرة من أجل استعادة اقتصادها المدمر، وهذه الموارد يمكن توفيرها من قبل دول الخليج والمصارف الدولية والدول الأعضاء في نادي أصدقاء اليمن التي أنشئت في لندن في عام 2010 بغرض دعم استقرار اليمن.
ويؤكد بأن عملية إعادة الإعمار ستخلق أساسا للتعاون المتساوي بين جميع دول الخليج في اليمن، وهذا بدوره سيحسن الوضع الإقليمي وسيساعد على التغلب على المخاوف القائمة فيما يتعلق بظهور جهات أجنبية خطيرة وغير مرحب بها في المنطقة، وإذا تمكنت روسيا من تحويل عملية التسوية في هذا الاتجاه، فإنها ستكسب العديد من الحلفاء والشركاء في آسيا وأوروبا، وفق تعبيره.
التقرير كتبه سيرجي سيريبروف الحاصل شهادة الدكتوراة في الاقتصاد من مركز الدراسات العربية والإسلامية، ونشره المجلس على موقعه بالانترنت بعنوان "أزمة اليمن: الأسباب، التهديدات، القرار، السيناريوهات".
تطورات الوضع في اليمن
يستعرض التقرير في سياقه التطورات التي جرت في اليمن بدء من العام 2011، مرورا بمؤتمر الحوار الوطني، وانقلاب الحوثيين مع حليفهم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وصولا إلى انطلاق عملية عاصفة الحزم، والتداعيات التي ولدتها، والتطورات التي تلتها.
يعتقد الكاتب أن الأزمة اليمنية تحمل تهديدات بالفعل على جيرانها في شبه الجزيرة العربية ومصالح الفاعلين العالميين في المستقبل، وإذا لم يتم اتخاذ تدابير عاجلة لحل الأزمة السياسية في البلاد، فإن الوضع يمكن أن يشكل تحديات أكبر.
ويقول الكاتب إن حرب الحوثيين في العام 2014 مهدت الطريق لتغذية الصراع الديني بين الهويات التقليدية والمجتمعات المحلية، والسلفية المتطرفة، وكان أبرزها مع حزب التجمع اليمني للإصلاح، وهو ما تسبب بانقسام بين حزب الإصلاح وحزب المؤتمر الشعبي العام، واستفاد من ذلك الحوثيون الذين قدموا أنفسهم قوة ثالثة بعد تمكنهم من القضاء على الجناح القبلي الموالي للإصلاح ممثل بقبيلة حاشد وشيوخ بيت الأحمر.
ويذكر بأن الرئيس عبدربه منصور هادي تعاون مع جماعة الحوثي، من أجل تقويض منافسيه من آل الأحمر، وإزالة حزب الإصلاح الإسلامي في اليمن، وانتهت مواجهته معهم بسلام، ودخل على إثر ذلك الحوثيون إلى العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول 2014.
ويتحدث الكاتب عن وجود مناصرين للفريق علي محسن الأحمر في شمال اليمن، حيث تتمركز جماعة الحوثي، لكن تفوق التحالف العربي عسكريا لم يفلح في تسجيل انتصارات هناك، ومع استمرار الحرب لعامين ونصف يقول كاتب التقرير إن الحالة السياسية في المناطق التي يسيطر عليها تحالف صالح-الحوثي أفضل بشكل ملحوظ مما هو الحال في المناطق التي تسيطر عليها القوات التابعة للرئيس عبدربه منصور هادي، بما في ذلك الوضع السياسي والقانوني في جنوب اليمن، الذي يسيطر عليه التحالف والرئيس هادي، والذي يعيش حالة متزايدة من الفوضى.
بالنسبة للقبائل اليمنية فهي -بحسب الكاتب- لا تزال تمثل قوة عسكرية تقليدية خطيرة، ولم تعلن رسميا الوقوف إلى أي طرف في الصراع، لكن يمكنها تبديل الولاءات على أساس تقييمهم للحالة الراهنة التي يعيشونها.
وعن القاعدة والإرهاب يقول الكاتب إنه منذ أبريل/نيسان 2015 إلى أبريل/نيسان 2016، تم تحرير السواحل الجنوبية لليمن من جماعة أنصار الشريعة بمبادرة من الإمارات العربية المتحدة، التي اشتركت في إبرام اتفاقات مع الإرهابيين، وهو ما جعلهم يعودون إلى مخيماتهم في انتظار الفرصة القادمة للتشكل مرة أخرى، ويعتقد أن الحرب على تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية تتطلب نظاما مستقرا للمؤسسات السياسية.
التحالف العربي
ويشير إلى أن سياسات قيادة التحالف العربي في جنوب اليمن تفتقر إلى الشفافية، ففي حين تحاول المملكة العربية السعودية تأمين ودعم حزب التجمع اليمني للإصلاح، سمحت دولة الإمارات التي تشن حربا على جماعات الإخوان المسلمين بنشأة الحراك الجنوبي في عدن، ومكنته من تولي مناصب رئيسية، بما في ذلك الأمن من خلال قوات الحزام الأمني والنخبة الحضرمية، وإدارة المحافظات، وإنشاءها لتعاون وثيق مع الحراك، واستعدادها للمساهمة في تحقيق برنامجه السياسي.
ويتحدث التقرير عن تأثر المملكة العربية السعودية، التي بدأت الحرب في اليمن، ويقول بأنها تواجه تحديات عسكرية مباشرة وخطيرة، فبالإضافة إلى العمليات التي يشنها الحوثيون وقوات صالح ضد المنشآت العسكرية في ثلاث محافظات سعودية (جيزان، عسير، نجران)، هناك ايضا إطلاق الصواريخ البالستية إلى داخل مدن المملكة، والتي وصلت إلى أكثر من ألف كيلومتر داخل أراضيها.
وينتقد الكاتب تصنيف الولايات المتحدة الأمريكية لجماعة الحوثي ضمن الجماعات المتطرفة كداعش والقاعدة وفق حديث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخير، ويصف ذلك بالغير مؤكد والمشكوك فيه.
بالنسبة للأمم المتحدة يقول التقرير إنها لا تزال تحتفظ بالدور البارز في السياسة الدولية بالنسبة للجهات الفاعلة في الأزمة اليمنية، ويقول كاتبه إن المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد أصبح شخصا غير مرغوب فيه بصنعاء، بسبب ادعاء الحوثي وصالح بأنه متعاطف مع المملكة العربية السعودية، ومساعيه لوضع ميناء الحديدة تحت سيطرة الأمم المتحدة، وهو الميناء الأكبر والمتبقي لصالح تحالف الحوثيين والرئيس المخلوع صالح.